أحيت الأمم المتحدة في مقرها بمدينة نيويورك الاثنين 15 أيار/ مايو، الذكرى 75 لنكبة الشعب الفلسطيني، في فعالية أممية هي الأولى من نوعها منذ العام 1948، جرى إقرار إحيائها في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2022 الفائت.

وتضمنت الفعالية حدثين، الأوّل، اجتماعاً خاصاً، حضره وفد يمثل السلطة الفلسطينية برئاسة رئيسها محمود عباس، ووفود ممثلة لعدة تكتلات إقليمية ودولية فاعلة، إضافة إلى وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف شيخ نيانج، والمفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني. أما الحدث الثاني حفلة موسيقية تراثية يحييها فنانون فلسطينيون.

وخلال الاجتماع، أكدّت كلمات الوفود على التزام المجتمع الدولي، بالقضية الفلسطينية، وكافة حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حق تقرير المصير وعودة اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية، ومن ضمنها القرار 194 القاضي بحق عودة اللاجئين.

على المجتمع الدولي إلزام "إسرائيل" بالقرارات الدولية

وفي كلمته، دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، و"احترام القرارين 181 للعام 1947، و194، أو تعليق عضويتها في الأمم المتحدة، لا سيما وأنها لم تفِ بالتزامات قبول عضويتها في المنظمة الأممية."

وأكد عباس، على مسؤولية الدول الاستعمارية تاريخيا عن وقوع النكبة الفلسطينية، وأشار إلى ضرورة "أن تتحمل مسؤولية إنصاف الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته."

وقال عباس: "إن بريطانيا والولايات المتحدة تحديدا، تتحملان مسؤولية سياسية وأخلاقية مباشرة عن نكبة شعبنا، فهما اللتان شاركتا في جعل شعبنا ضحية عندما قررتا إقامة وزرع كيان آخر في وطننا التاريخي، لأهداف استعمارية خاصة بهما."

تأكيدات دولية على حق عودة اللاجئين

بدوره، أكّد رئيس "اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف" في الأمم المتحدة شيخ نيانج، على ضرورة منح الشعب الفلسطيني حقوقه، بما فيها حق تقرير المصير وعودة اللاجئين إلى أراضيهم، بعد هذه العقود من الصراع.

وقال نيانج في كلمته: إنّ "النكبة هي لحظة حصلت عام 1948، تم بها تفتيت مجتمع بأكمله وتهديد وجوده كأمة، واضطر مئات آلاف الفلسطينيين للنزوح بين ليلة وضحاها، بحثاً عن الأمان، وهم يعتقدون أنه يوما ما سيعودون إلى بلداتهم، كما قتل كثيرون خلالها، وتم تدمير العديد من القرى والمجتمعات."

بدورها، قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري، أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أدى إلى أطول قضية لجوء بالعالم، ما أدى إلى إنشاء وكالة "الأونروا" لإغاثة اللاجئين.

ونوّهت ماري، إلى دور الوكالة في حفظ الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، نظراً لما تقدمه من خدمات أساسية لحوالي 6 ملايين لاجئ فلسطيني في الشرق الأوسط.

ودعت ماري، المجتمع الدولي والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى ضمان التمويل الكافي للوكالة التي تعاني أزمة مالية غير مسبوقة.

أمّا ممثل مكتب بعثة الاتحاد الأفريقي لدى الأمم المتحدة سالم معتوق، قال في كلمته إنّه: "بعد مرور 75 عاما على النكبة ما يزال تهجير المدنيين مستمرا، حيث يهجرون ويطردون من منازلهم، لا سيما في المناطق الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي بما في ذلك القدس الشرقية والضفة الغربية، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في الأراضي المحتلة."

وأكد معتوق، على ضرورة "دعم الشعب الفلسطيني وحقه في العيش بأمن وسلام كباقي شعوب العالم، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها، وضرورة استمرار تقديم الدعم للاجئين في كافة أماكن تواجدهم."

وكان للمراقب الدائم لمجلس دول التعاون الخليج العربي لدى الأمم المتحدة سليمان العنبر، كلمة وأشار خلالها، إلى أن "ذكرى القضية ليس مجرد مناسبة لإحيائها فقط، بل هي فرصة لإعادة تأكيد الموقف الثابت لدول مجلس التعاون الخليجي الرافض لسياسات الاحتلال الإسرائيلي غير القانونية بموجب القانون الدولي والمبادئ التي يقوم عليها ميثاق الأمم المتحدة، والتي تدعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف والتي لا تسقط بالتقادم، بما في ذلك حق العودة."

وأكد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي والجهات الإقليمية والدولية، للعمل على وقف الانتهاكات الإسرائيلية لكل القوانين والأعراف والاتفاقات الدولية، والعمل بجدية لوقف انتهاكها للمقدسات الإسلامية والمسيحية.

وقال العنبر: “إنه رغم مرور 75 عاماً على نكبة فلسطين، إلا أن مأساة ومعاناة الشعب الفلسطيني ما تزال حتى يومنا هذا، جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرضه، وما يرتكبه يومياً من جرائم بشعة بحقهم وتوسيعه لحملات الاستيطان وسلبه للمزيد من أراضيه وهدمه للمنازل وتدنيسه لمقدساته التاريخية وتعريضه لأبشع أنواع الاستبداد والاستفزاز والحرمان والحصار الاقتصادي."

يجب مساعدة "أونروا" لأنها الوصي على سجلات اللاجئين

بدوره، أكّد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" على واجب الأمم المتحدة مساعدة اللاجئين الفلسطينيين، الذين يتوجب دعمهم إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمحنتهم. حسبما جاء ذلك في كلمة ألقاها في الاجتماع.

كما أكّد على ضرورة مساعدة وكالة "أونروا" لكونها "هي الوصي على سجلات لاجئي فلسطين وذكرياتهم، حيث تستخدم تطبيقاً يتيح للاجئين الوصول إلى سجلاتهم عبر الإنترنت، ويمكن لأي شخص أن يرى صور العمل على مر السنين في أرشيف الأونروا للأفلام والصور."

وأشار لازاريني إلى أنّ "محنة اللاجئين الفلسطينيين أطول أزمات اللجوء في العالم، حيث لم تجد حتى اليوم طريقها إلى الحل، واللاجئون أكثر من أي وقت مضى يحتاجون إلى تضامن جماعي."

ونبّه إلى خطورة الأزمة المالية التي تعانيها وكالة "أونروا" لأكثر من عقد من الزمن، و" تهدد بتقويض التقدم المحرز في التنمية البشرية لملايين اللاجئين الفلسطينيين." مشيراً إلى متابعة وضع الوكالة على أساس مالي مستدام بكافة السبل.

كما تحدث المراقب الدائم لجامعة الدول العربية ماجد عبد الفتاح، عن معاني استمرار مأساته الشعب الفلسطيني منذ 75 عاماً، جراء احتلال أرضه وتهجيره ظلماً وعدواناً وإرهاباً بارتكاب سلسلة من الجرائم والمجازر البشعة، وضرورة تذكير العالم بوجوب تطبيق قرارات الشرعية الدولية.

كما أكدت الممثلة الدائمة لأذربيجان في كلمة ألقتها باسم حركة عدم الانحياز، على ضرورة الالتزام بالحل السلمي الشامل والعادل الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها.

الجدير ذكره، أنّ وزارة الخارجية في كيان الاحتلال "الإسرائيلي" خاضت حراكاً داخل الأمم المتحدة، لمنع الحدث الأممي لإحياء ذكرى النكبة من الانعقاد، عبر محاولات منع وصول كبار المسؤولين الأمميين من أنحاء العالم إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك.

وكانت القناة 7 "الإسرائيلية" قد نقلت في نيسان/ أبريل الماضي أنّ "وزارة الخارجية تعمل في الأيام الأخيرة على منع وصول كبار المسؤولين من جميع أنحاء العالم إلى الحدث الأول من نوعه الذي من المتوقع أن يعقد في غضون أسبوعين في الأمم المتحدة بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية".

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد صادقت في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2022 الفائت، على إقامة حدث لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينيّة في ذكراها السنوية يوم 15 أيار/ مايو المقبل للعام 2023.

وكانت 90 دولة قد صوتت لصالح القرار، فيما امتنعت 47، وعارضته 30 منها الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا والبرازيل وألمانيا واليونان، ومعظم دول الاتحاد الأوروبي.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد