قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا": إنّ أولوية إدارتها تتمثّل في حماية الخدمات المقدمة للاجئين ووظائف الموظفين و"أونروا" نفسها، ولا يمكن لها أن تحقق هذه الأهداف إلا بالعمل مع الموظفين والمجتمعات المحلية والمضيفين والمانحين واتحادات الموظفين.
ودعت "أونروا" في رسالةٍ لها، جميع الموظفين المضربين واتحاد الضفة لاستئناف العمل وتقديم الخدمات إلى اللاجئين الفلسطينيين، داعيةً الاتحاد إلى الكف عمّا وصفته بـ "ترهيب الموظفين الذين اختاروا عدم الإضراب".
وقالت "أونروا": "إنّها ستظل ملتزمة، في حدود قيودها المالية، بتحسين ظروف عمل جميع الموظفين في جميع الأقاليم، والعمل عن كثب مع جميع اتحادات الموظفين، ويجري إحراز تقدم في العديد من هذه التحسينات منذ كانون الثاني 2023، بالتنسيق مع اتحادات موظفي الوكالة، وسيتم تعزيز هذه الجهود في الأسابيع المقبلة، بما في ذلك في الضفة الغربية وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينيّة".
وقدّمت "أونروا" في رسالتها شرحاً موسعاً حول الوضع المالي وردّت بشأن مطالبات اتحاد الموظفين، حيث قالت: إنّها أجرت عام 2022 مسحاً للرواتب والذي شمل المقارنة مع السلطة الفلسطينية، ومن ناحية ثانية، قررت السلطة في نيسان 2023 زيادة رواتب بعض وظائفها بأثر رجعي من 1 كانون الثاني/ يناير، وفي 4 أيار/مايو، ضمن جهود إضافية لإنهاء إضراب موظفي الضفة الغربية، اتفقت السلطة ومنظمة التحرير و"أونروا"، على أن تقوم الوكالة بتقييم أثر الزيادات في رواتب السلطة الفلسطينية على نتائج دراسة مسوحات الرواتب لعام 2022 وتحديد إذا كان هنالك المزيد من رواتب موظفي الأونروا التي تقع دون مستوى رواتب السلطة والواجب زيادتها وفقاً لذلك، وللإيفاء بهذا الالتزام، أوفدت "أونروا" في 6 أيار/ مايو فريقاً تقنياً إلى رام الله والتقت بوزير العمل ونائب وزير المالية في السلطة الفلسطينية لمراجعة البيانات المتعلقة بزيادة رواتب السلطة الفلسطينية، ثم قامت "أونروا" بتحليل البيانات ومقارنتها برواتب موظفيها، وقدمت نائب المفوض العام لوكالة "أونروا" نتائج التحليل للبيانات في 21 أيار إلى لجنة رفيعة المستوى، وقد أكّد خبراء من السلطة الفلسطينية على دقة تحليل البيانات.
وبحسب "أونروا"، فإنّ تحليل البيانات الجديد يُشير إلى أنّه واعتباراً من 1 أيار 2023، فإنّ معدل رواتب موظفي "أونروا" في الضفة الغربية عند تحويلها إلى الشيكل أعلى بنسبة 24٪ من السلطة الفلسطينية، وأن بعض فئات الوظائف تصل إلى 174٪ فوق السلطة الفلسطينية، وتصدر رواتب موظفي "أونروا" بالضفة الغربية وغزة بالدولار الأمريكي وقد ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الشيكل بشكل كبير منذ 2022، مما عاد بالفائدة على موظفي "أونروا"، ونظراً للزيادات المستمرة في الدولار الأمريكي، استمرت رواتب موظفي الضفة الغربية في الارتفاع طوال فترة الإضراب التي بدأت في كانون الثاني/ يناير 2023، وقد نمت رواتب "أونروا" في الضفة الغربية بنحو ضعف معدل التضخم على مدى السنوات الـ10 الماضية.
وتابعت "أونروا": إنّ هذا يعني أنه واعتباراً من 1 أيار 2023، ولاحقاً لمراجعة زيادة الرواتب للسلطة الفلسطينية في نيسان 2023، فإن جميع وظائف "أونروا" في الضفة الغربية تقريبا فوق نظيراتها في السلطة الفلسطينية، بما في ذلك: المعلمين بنسبة 13 %؛ ومدراء المدارس بنسبة 67%؛ ومسؤولي التعليم في المناطق بنسبة 132%؛ وعمال البيئة الصحية بنسبة 44%؛ والحراس بنسبة 19%؛ ومهندسي المواقع بنسبة 23 %؛ والأخصائيون الاجتماعيون بنسبة 44%؛ وموظفي إدارة الوظائف/ موظفي خدمات شؤون الموظفين في الموارد البشرية بنسبة 159%؛ ومسؤولي الشؤون القانونية بنسبة 92٪.
وأشارت "أونروا" إلى أنّ اتحاد العاملين في الضفة الغربية يطالب بزيادة رواتب جميع الموظفين، بما في ذلك الموظفين الذين يتقاضون رواتب أعلى من السلطة الفلسطينية، ويتجاهل طلب الاتحاد سياسة الأجور، والأزمة المالية الخطيرة جداً التي تواجهها الوكالة، والأثر السلبي لهذه الزيادة في الأجور على اللاجئين والموظفين، مُؤكدةً أنّه إذا وافقت "أونروا" على طلب الاتحاد بزيادة الأجور بمقدار 500 شيكل لكل الموظفين، فإنّ ذلك سيكلف الوكالة 6 ملايين دولار للضفة الغربية وحوالي 20 مليون دولار لغزة، ومن شأن هذه الزيادة أن تتطلب على الفور من الوكالة تقليص وظائف العاملين والخدمات المقدمة إلى اللاجئين.
وأوضحت "أونروا"، أنّه إذا تم منح زيادات لموظفي الضفة الغربية وغزة فوق سياسة الأجور، ستطلب الأقاليم الأخرى زيادات مماثلة يمكن أن ينتج عنها تكلفة إجمالية قدرها 50 مليون دولار أمريكي لجميع الأقاليم، ففي عام 2019، وبناء على طلب اتحادات الموظفين، وافقت "أونروا" على زيادة مماثلة في رواتب ومزايا الموظفين ومنذ ذلك الوقت تعاني الوكالة من الديون، والوكالة الآن في وضع مالي أسوأ بكثير اليوم مما كانت عليه طوال تاريخها، وكل هذا يؤدي إلى تكرار انعدام اليقين بشأن قدرة الوكالة على دفع الرواتب، والذي بالفعل يترك آثاراً سلبية على الخدمات المقدمة للاجئين.
وقبل أيام، أعلنت اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، أنّها شكلت لجنة من بين أعضائها لرفع مستوى الحوار مع المفوّض العام لوكالة "أونروا" فليب لازاريني بخصوص مطالب العاملين في إقليم الضفة المحتلة.
وفي أوقاتٍ سابقة، أغلق أهالي عدّة مُخيّمات بالضفة المحتلة الشوارع الرئيسية، احتجاجاً على تقصير وكالة "أونروا" وتراكم النفايات نتيجة إضراب الموظفين في الوكالة، وهذا إلى جانب عشرات الوقفات التي نظمتها اللجان الشعبيّة في المُخيّمات المختلفة بالضفة رفضاً لاستمرار الأزمة بين "أونروا" واتحاد العاملين.
ويُواصل 8 موظفين من وكالة "أونروا" إضرابهم المفتوح عن الطعام، رغم تدهور حالتهم الصحيّة جرّاء استمرارهم في الإضراب عن الطعام في الكلية الجامعية للعلوم التربوية في رام الله ومقر "أونروا" بالشيخ جراح.
وتنعكس هذه الأزمة المستمرة سلباً وبشكلٍ خطير على مُخيّمات اللاجئين في الضفة المحتلة، إذ توقّفت خدمات "أونروا" وأصبحت شوارع المُخيّمات تعج بالنفايات، وسط تحذيراتٍ من جهاتٍ عدّة من خطر تحوّل المُخيّمات إلى مكاره صحيّة تنتشر فيها الأمراض والأوبئة، حيث نظّم اللاجئون في الأيّام الماضية وخاصّة في مُخيّمي الدهيشة والفوار عدّة وقفات رافضةٍ لانهيار قطاع الخدمات في المُخيّمات جرّاء استمرار هذه الأزمة.
وتفجّرت الأزمة في شهر مارس، حيث أعلن الاتحاد عن استئناف الإضراب الشامل والمفتوح في جميع القطاعات التابعة لوكالة "أونروا"، كاشفاً أنّ هذا التصعيد يأتي بعد فشل المفاوضات مع إدارة الوكالة، وبسبب عدم احترام إدارة الوكالة للمبادرة التي تقدّمت بها السلطة الفلسطينيّة ومنظمة التحرير بكل مكوناتها في التاسع من شباط من العام الحالي.