انطلقت منذ يوم أمس الأول الإثنين أعمال مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة وتستمر لمدة 5 أيام، حيث يناقش هذا المؤتمر مستجدات أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة ونشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وأزمتها المالية المتواصلة والتي تنعكس بشكلٍ مباشر على اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات "أونروا" الخمس، والخدمات المقدّمة لهم.
وينظر اللاجئون إلى هذا المؤتمر بحذرٍ كبير، لا سيما وأنّه ليس المؤتمر الأوّل الذي يناقش أزمة "أونروا" المالية، وكونه يأتي عقب مؤتمر الدول المانحة الذي لم يلبي احتياجات وكالة "أونروا" المالية، فما هو المطلوب اليوم من مؤتمر المشرفين أمام هذه الأزمة المتصاعدة والتي تنذر بتوقّف خدمات "أونروا" كما تقول إدارة الوكالة.
المطلوب جهد جماعي ودفع الالتزامات المالية من قبل الدول العربية
يقول مدير عام المخيمات في دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين عادل منصور لـبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ المطلوب اليوم أمام أزمة "أونروا" المالية هو الجهد الجماعي والعمل المشترك ما بين السلطة الفلسطينيّة والدول العربيّة المضيفة للاجئين والدول المانحة من أجل إنقاذ "أونروا" من الانهيار وعدم توقّف خدماتها عن ملايين اللاجئين.
وأوضح منصور: نحن ندعم وكالة "أونروا" في استمرار عملها، ونرفض أي توزيع للمهام أو نقل مسؤولية اللاجئين إلى أي جهة أو منظمة أممية أخرى، لأنّ "أونروا" هي المكلّفة وفق القرار 302 بغوث اللاجئين وتقديم الدعم لهم إلى حين العودة وفق القرار 194، ولا حياد عن ذلك بالمطلق.
يرى منصور، أنّ مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين ينعقد في وقتٍ حساس، لا سيما وأنّ وكالة "أونروا" اليوم مهددة بالانهيار، بحسب تعبيره، إلى جانب كل المناشدات التي يطلقها المفوّض العام للوكالة "فيليب لازاريني" والتصريحات التي يقول فيها: إنّ خدمات "أونروا" مهددة بالتوقّف، مُؤكداً أنّ هذه مسؤولية المفوّض المكلّف بحشد التمويل وعدم السماح بانهيار الوكالة.
يقول منصور: إن المطلوب من كافة الدول العربيّة والمشاركة في مؤتمر المشرفين الالتزام بالحصة المالية السنوية التي من المفترض أن تدفعها لوكالة "أونروا" حتى لا تستمر الأزمة الماليّة، لأنّ اليوم لا يوجد سوى الجزائر والسعودية هما اللتين تلتزمان بدفع التمويل لوكالة "أونروا"، مشيراً إلى أهمية العمل الجماعي وفق رؤية واضحة من أجل حشد التمويل لوكالة "أونروا" حتى لا تظل عرضة للابتزاز من حينٍ إلى آخر، وأن حالة القصور الموجودة في أداء وكالة "أونروا" تستدعي تدخّل السلطة الفلسطينيّة ودائرة شؤون اللاجئين وبالتعاون مع الدول المضيفة للاجئين من أجل حشد الدعم والتأييد بهدف استمرار هذه المؤسسة الدوليّة التي تحافظ على حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
آمال بأن يتخذ المؤتمر آلية عمل مهمة تساهم في تعزيز الدعم العربي على مختلف المستويات
وكان رئيس لجنة اللاجئين في المجلس الوطني الفلسطيني وليد العوض، قد قال يوم الاثنين: إنّ مؤتمر المشرفين يعقد جلسته العاشرة بعد المائة، إذ يعقد مرتين سنوياً لبحث شؤون اللاجئين الفلسطينيين في مختلف مناطق عمل الوكالة.
وأوضح العوض خلال حديثه لإذاعة صوت فلسطين، أنّه استمع خلال افتتاح المؤتمر إلى عرض مفصل لممثلي وكالة "أونروا"، وإلى كلمات رؤساء الوفود التي أكدت جميعها على دعم الشعب الفلسطيني وقضية اللاجئين بشكلٍ خاص، بينما التقرير الذي قدمه ممثل "أونروا" شرح ما تمر به الوكالة من أزمةٍ خانقة والتوقعات الجدية بأنّها ستدخل في أزمة خانقة في شهر آب/ أغسطس القادم، لذلك بدأ المؤتمر بنقاش سبل إنقاذ وكالة "أونروا" من هذه الأزمة.
وأضاف العوض: أنّ المؤتمر سيقدّم مجموعة من التوصيات وخطة عمل أعدتها دائرة شؤون اللاجئين والوفد الفلسطيني حول كيفية الضغط من أجل ضمان استمرار عمل وكالة الغوث وفقاً لقار 302 المُنشئ لها، لا سيما وأنّه من الواضح أنّ الجميع مدرك أن ما تتعرّض له الوكالة يندرج تحت المؤامرة السياسية التي تحركها "إسرائيل" والولايات المتحدة في محاولة لتصفية قضية اللاجئين بإزاحة "أونروا" عن مسرح الأحداث.
وأشار العوض، إلى أنّ المقترحات التي أعدها الوفد الفلسطيني تندرج في إطار البدء بحملة عالمية من أجل إنقاذ الوكالة على المستويات المختلفة سواء ما يمكن أن تقوم به الدول المضيفة أو جامعة الدول العربية، إلى جانب التحرّك مع رئاسة الوكالة لإطلاق حملة عالمية لإنقاذ وكالة "أونروا" والحيلولة دون وقوعها في مربع الانهيار، مُؤكداً أنّ ترك "أونروا" للغرق في مربع العجز والتقصير والتراجع، يعني فتح الباب على حالة عدم الاستقرار، بينما عمل الوكالة مرتبط بتنفيذ قرار 302 كما هو مرتبط 194 الداعي لعودة اللاجئين.
وتستمر أعمال المؤتمر ستستمر حتى يوم غد الخميس، وسط آمال بأن يتخذ المؤتمر آلية عمل مهمة تساهم في تعزيز الدعم العربي على مختلف المستويات، والتوجه نحو مشاركة عربية لتقديم تمويل لوكالة "أونروا"، لأنّ الجميع أكَّد على رفض انهيار الوكالة أو خضوعها للابتزاز، بحسب العوض.
يتحتم إيلاء مزيد من الاهتمام لحاجات اللاجئين الفلسطينيين في مصر والعراق
من جهتها، أعربت "الهيئة 302" للدفاع عن حقوق اللاجئين، عن أملها في أن يتمكّن مؤتمر المشرفين على شؤون اللاجئين، من حل الأزمة المالية لوكالة "أونروا" وتحسين الظروف المعيشية للاجئين.
وقال الهيئة في بيان لها قبيل انعقاد المؤتمر: إنّ الأزمة المالية لوكالة "أونروا" مزمنة، ما ينذر بكارثة إنسانية على مستوى تقديم الوكالة لخدمات التعليم والصحة والإغاثة لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في 58 مخيماً ومئات التجمعات في مناطق عمليات "أونروا" الخمسة، وإنذار لمزيد من حالة اللا استقرار في المنطقة.
ودعت الهيئة إلى تحسين الظروف المعيشية للاجئين في المخيمات والتجمعات وتمكينهم من العيش بكرامة إلى حين العودة، وإلى المزيد من إيلاء الاهتمام والمتابعة لحاجات اللاجئين الفلسطينيين في مصر والعراق، وتعزيز ثبات وصمود اللاجئين في المخيمات الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال.
كما طالبت الهيئة الاجتماع بالخروج برؤية سياسية واضحة المعالم تأخذ بعين الاعتبار تطبيق القرار 194 لسنة 1948، والذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات.
من الضروري أن تقوم الأمم المتحدة بسد أي عجز في ميزانية الأونروا
وفي بداية الأسبوع الجاري، قبيل انعقاد المؤتمر عقدت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، ورشة عمل بعنوان "أزمة التمويل لوكالة الغوث وبرنامج الغذاء العالمي والتنمية الاجتماعية وتداعياتها على الفئات المهمشة"، بمشاركة مجموعة من الحقوقيين، والاقتصاديين، ونشطاء شباب.
وأوصى المشاركون في الورشة، بضرورة تشكيل لجنة أزمة بالشراكة بين "أونروا" ومجتمع المستفيدين من اللاجئين والمنظمات الأهلية والدولية للتخفيف من العقبات التي تواجه "أونروا".
ودعا المشاركون إلى ضرورة أن تقوم الأمم المتحدة بسد أي عجز في ميزانية "أونروا"، كما يجب على منظمة التحرير الفلسطينية أن تخوض حراكاً دبلوماسياً للحصول على قرار من الجمعية العامة يقضي بسد كل عجز يطرأ على ميزانية "أونروا".
وطالب المشاركون، بضرورة قيادة حملة دولية لتقديم طلب للجمعية العامة للأمم المتحدة لتخصيص ميزانية ثابتة لوكالة "أونروا" أسوةً بالوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، بما يؤهلها للقيام بواجباتها الأساسية والطارئة لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين، مع ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الانقسام.
من جهتها، أكَّدت دائرة شؤون اللاجئين واللجان الشعبية في حركة حماس، أنّ المطلوب اليوم من مؤتمر المشرفين، هو التأكيد الجازم على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها، وتصعيد المطالبة بتطبيق هذا الحق الذي نصت عليه القرارات الأممية رقم 194 لسنة 1948، في المحافل الدولية، لنعيد قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى نصابها، كقضية عودة إلى وطن سليب، وليس قضية احتياجات إنسانية لمجموعة من المشردين.
أي كارثة انسانية قد تلحق باللاجئين نتيجة التقصير في تقديم "أونروا" ستؤثر على الدول المضيفة
ودعت الدائرة في بيانٍ لها، إلى إنهاء ما يسمى بالأزمة المالية المزمنة والمفتعلة لوكالة "أونروا"، والكف عن ابتزاز اللاجئين، بميزانية وصل العجز المالي فيها لأكثر من 703 مليون دولار، أي ما نسبته 49% من اجمالي الموازنة العامة التي تقدر بـ 1.632 مليار دولار فقط، وهو رقم يكاد لا يذكر قياساً بما تنفقه بعض الدول على دعم حرب أو صراعٍ هنا أو هناك، أو إقامة بطولة رياضية هنا أو هناك، بحسب البيان
وأضافت الدائرة: أنّ تداعيات أي كارثة انسانية قد تلحق باللاجئين نتيجة التقصير في تقديم "أونروا" لخدمات التعليم والصحة والإغاثة، لأكثر من 6 مليون لاجئ يعيشون في 58 مخيماً ومئات التجمعات في مناطق عمليات "أونروا" الخمس، ستؤثّر حتماً على حالة الاستقرار في بلدان الدول المضيفة.
كما شدّدت الدائرة على ضرورة تحسين الظروف المعيشية للاجئين في المخيمات والتجمعات، واسناد صمودهم ليعيشوا بكرامة إلى حين العودة، بما يحتم على هذه الدول ايلاء المزيد من الاهتمام والمتابعة لحاجات اللاجئين الفلسطينيين في جميع البلدان العربية التي يتواجدون فيها، لجهة تعزيز ثباتهم وصمودهم، خاصة في المخيمات الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال.
ويُذكر أنّ وكالة "أونروا" التي تتولّى تقديم الخدمات الصحيّة والاجتماعيّة والتربويّة لنحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني، أطلقت نداءً للحصول على 1.6 مليار دولار لعام 2023، معظمها لتمويل خدماتٍ أساسيّة، مثل المراكز الصحيّة والمدارس، وسيُخصّص المبلغ الباقي لعمليات الطوارئ في غزّة والضفة الغربيّة والأردن وسوريا ولبنان، إلّا أنّها حصلت على 812.3 مليوناً فقط.
ومنذ قرابة 10 سنوات تواجه وكالة "أونروا" نقصاً حاداً في التمويل، وفي كل عام ترحّل العجز المالي للعام الذي يليه، وعلى مدار هذه السنوات انعكس هذا النقص في التمويل بشدة على جودة خدمات وكالة "أونروا"، إذ يعيش معظم اللاجئين الفلسطينيين تحت خط الفقر.