لم تتوقف قصص النجاح الفلسطينية عن كتابة سطورها في تاريخ هذا الشعب المشتت، والذي يعيش ظروفاً استثنائية جراء نكبته منذ العام 1948، ولم تتوقف قصصه عن البروز، في أشد مراحل شتاته قسوةً.
ولعل ما يعيشه اللاجئون الفلسطينيون في سوريا وخصوصاً طلاب المدارس منهم من ظروف قاسية، هو التجلي الأبرز لأكثر الظروف قسوة، والذي حطّ على جيل أنهى مرحلة التعليم الأساسي للعام 2022/2023 الجاري وهو يصارعها، وبعضه قاوم ما هو أكثر استثنائية من الظروف العامة.
الطالبة فاتنة مناف سلايمة، واحدة من هذا الجيل، حصلت في امتحانات شهادة التعليم الأساسي على معدّل 98.4%، لتحجز مكانها بين شريحة الطلاب المتفوقين، إلّا أنّ تفوقها الدراسي، جاء في ظروف عائلية شديدة الاستثنائية لا تشبه ظروف سواها من المتفوقين، فضلاً عن ظروف تهجير وفقر تعيشها الأسرة منذ سنوات.
تعيش فاتنة سلايمة في منطقة قدسيا بريف دمشق، بعد تهجير عائلتها عن مكان سكنها في منطقة الحجر الأسود جنوبي دمشق، جراء المعارك وعمليات القصف التي شهدتها المنطقة، وتحتضنها أسرة محبّة وداعمة، رغم وضع والدها وهو من ذوي الاحتياجات الخاصّة (أصمّ وأبكم) ووالدتها الامرأة الفلسطينية البسيطة، التي لا تمتلك ما تقدمه سوى الروح الحاضنة الواسعة، إلا أن ما أنجزته في تحصيلها الدراسي قد يكون صعباً على أقران لها يمتلكون ما تفتقده من إمكانيات مادية وتقنية.
تقول فاتنة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ ما مرّت به من ظروف صعبة وسلبية واستثنائية، وخصوصاً فقدان وسائل الراحة التي تطلبها العملية الدراسية من كهرباء وانترنت وأدوات، لم يبددها سوى دعم العائلة والتحفيز الكبير.
وأضافت فاتنة: "بالاعتماد على نفسي وتشجيع أبي وأمّي حققت حلمي بالوصول إلى التفوق، فهما وقفا معي طوال السنة الدراسية، ونسيت في فرحتهما وردي فعلهما حين ظهرت النتائج كل تعبي والجهد الذي بذلته والظروف السيئة والصعبة التي رافقت ذلك"
واعتبرت فاتنة التي تنحدر جذور عائلتها من قرية الشجرة المهجرة قضاء طبرية في فلسطين المحتلّة، أنّ العلم هو القوة التي يستطيع الشعب الفلسطيني الانتصار بها على عدوّه، وبه ترتقي الأمم. وحثّت عبر بوابة اللاجئين الفلسطينيين، الشعب الفلسطيني في الشتات للتمسك بالعلم والتحصيل الدراسي، مهما كثرت الصعوبات والظروف الاستثنائية، فالإرادة والعزيمة تنتصر، حسبما ختمت الطالبة المتفوقة فاتنة سلايمة.