وصفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" الوضع في غزة وشمال القطاع بأنه أشبه بالزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا.
وقال المستشار الإعلامي لوكالة "أونروا" في غزة عدنان أبو حسنة، في تصريحات له اليوم الأحد: إن ومدينة غزة وشمالي القطاع يعيشان مجاعة، وأن الأمراض المعوية والجلدية تنتشر بأضعاف ما كانت عليه.
وأضاف: إن مياه الصرف الصحي التي غمرت شوارع القطاع ستؤدي لتلوث الشواطئ ونشر الأمراض، وهناك مخاوف من تسرب مياه الصرف الصحي للمياه الجوفية وهذا غير قابل للإصلاح، مؤكداً أن إدخال الوقود بكميات كبيرة هو الأساس لتوفير مياه نظيفة للفلسطينيين في غزة.
دعوة لفتح معبر كرم أبو سالم
المسؤول الأممي أشار إلى أن معبر رفح لا يكفي لإدخال المساعدات، ويجب فتح معبر كرم أبو سالم لإيصال الوقود ومواد الإغاثة، وأن آلية إدخال الشاحنات في معبر رفح معقدة وسعته القصوى 130 شاحنة يومياً، موضحاً أن الوكالة تحتاج على الأقل إلى 120 طناً من الوقود يومياً لبدء تشغيل المرافق الأساسية.
ولفت أبو حسنة، إلى أن المطلوب دخول 200 شاحنة مساعدات إغاثة يومياً لمدة شهرين متواصلين، مشيراً إلى "وجود محادثات مكثفة مع الجانب الإسرائيلي لإدخال الوقود وغاز الطبخ لقطاع غزة".
ودخل اتفاق الهدنة الإنسانية في غزة صباح الجمعة حيز التنفيذ، وهو ما سيسمح بدخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية بما فيها الوقود المخصص للاحتياجات الإنسانية، ولكنها لا تسد احتياجات القطاع الذي تعرض لكارثة غير مسبوقة جراء الاستهداف "الإسرائيلي" المباشر طيلة 48 لمستشفياته مجميع مرافقه الحيوية وسبل الحياة فيه، عدا عن البيوت والمقار الحكومية؟
استخدام مفرط للأسلحة الأمريكية الفتاكة في المناطق المزدحمة
وفاق عدد ضحايا حرب الإبادة "الإسرائيلية" على غزة في أقل ما شهرين، ما سُجل في أوكرانيا خلال قرابة عامين، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، التي أكدت أن وتيرة الموت جراء القصف "الإسرائيلي" الجوي والبري، لا سوابق لها خلال القرن الحادي والعشرين.
وحين مقارنة ما يجري في غزة الآن، مع صراعات سابقة، كالحرب الأمريكية على العراق أو أفغانستان، يجد الخبراء العسكريون، أن الحرب "الإسرائيلية" على غزة مختلفة تماماً، "فالمدنيون الفلسطينيون يُقتلون بنيران الجيش الإسرائيلي بسرعة أكبر".
ورغم تضارب الأنباء في زمن الحرب، وصعوبة توثيق وتأكيد عدد الضحايا، يقول الخبراء للصحيفة الأمريكية: إنه حتى في القراءة المحافظة لأرقام الضحايا الواردة من غزة تَظهر أن وتيرة الموت غير مسبوقة في القرن الجاري.
وقالت "نيويورك تايمز" في تقريرها: "إنه من المستحيل إجراء مقارنات دقيقة بين قتلى الحرب الإسرائيلية على غزة والحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان، لكنْ خبراء كبار فوجئوا بعدد الأشخاص الذين أُبلغ عن مقتلهم في غزة في كل لحظة، وبمدى سرعة قتلهم، وبحقيقة أن جلهم من النساء والأطفال".
ولا يقتصر الأمر على حجم الضربات فحسب، بل أيضاً طبيعة الأسلحة نفسها، وتنقل الصحيفة الأمريكية عن بعض الخبراء قولهم: "إن استخدام إسرائيل المفرط لأسلحة فتاكة في المناطق الحضرية المزدحمة، بما في ذلك القنابل الأمريكية زنة ألفي رطل، القادرة على تسوية برج سكني بالأرض في ثوان، أمر مثير للدهشة".
المستشار العسكري السابق في البنتاغون "مارك غارلاسكو"، يقول بدوره: "إن ما يجري في غزة يفوق أي شيء رأيته في حياتي المهنية". وأضاف: إنه لإيجاد مقارنة تاريخية وواقعية لحجم الدمار وأعداد القنابل المستخدمة في هذه الحرب لضرب تلك المنطقة الجغرافية الصغيرة، يتعين علينا "العودة إلى فيتنام، أو الحرب العالمية الثانية".
وتشير الصحيفة إلى أنه في ترسانة الجيش الأمريكي قنابل فتاكة كثيرة، لكنه لم يجر استخدام تلك التي تزن 2000 رطل في مناطق حضرية ضيقة من قبل، وخلال الحرب على تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، لجأ الجيش الأمريكي إلى القنابل التي تزن 500 رطل، وكان معظم قادة الصف الأول يرون أن قدرتها التدميرية أكثر من المطلوب.
أكثر من 60 ألف مبنى تضرر أو دمر بشكل كامل
مع كل تلك الأرقام الموثقة عن حجم الدمار، يقول الجيش الإسرائيلي: إن "قواته تستخدم أصغر الذخائر المتاحة في ترسانته لتحقيق أهدافه الاستراتيجية، وتقليص أعداد الضحايا المدنيين في غزة، قدر الإمكان"، حسب قوله.
وفيما تقول الصحيفة الأمريكية، إنه "من الصعب للغاية معرفة الخسائر في صفوف المدنيين بشكل دقيق، كون الجهات المسؤولة في غزة لا تفصل بينهم وبين المقاتلين في صفوف حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة الأخرى"، يؤكد مسؤولون وخبراء دوليون مطلعون على الطريقة التي يجمع بها مسؤولو الصحة في غزة الأرقام الإجمالية للضحايا، بأنها موثوقة بشكل عام.
تقارن الصحيفة بين عدد شهداء قطاع غزة خلال الحرب "الإسرائيلية" عليه وعدد ضحايا الحرب الأمريكية على العراق وأفغانستان، بالإشارة إلى أن عدد الضحايا بلغ 7700 مدني في العراق عام 2003، وفقاً لتقديرات منظمة "إيراك بودي كاونت"، وهي مجموعة بحثية بريطانية مستقلة. وفي أفغانستان، وعلى مدار 20 عاماً قتل 12400 مدني على يد القوات الأمريكية وحلفائها، بحسب "نيتا سي كروفورد"، المدير المشارك لمشروع تكاليف الحرب بجامعة براون.
وتشير التقديرات إلى أن عدداً أكبر بكثير من الأشخاص – مئات الآلاف في المجمل – قُتلوا في هذه الصراعات على يد مجموعات أخرى، "بما في ذلك الحكومة السورية وحلفاؤها، والميليشيات المحلية، وتنظيم داعش، وقوات الأمن العراقية"، بحسب قولها
لتضيف: "ولكن في حين أن إجمالي عدد القتلى في تلك الحروب كان أكبر بكثير، فإن عدد الأشخاص الذين قتلوا في غزة في فترة قصيرة جداً من الزمن أعلى مما كان عليه في الصراعات الأخرى"، ونقلت هذا التقدير عن البروفيسور "كروفورد"، الذي أجرى أبحاثاً مكثفة في الحروب الحديثة.
وتشير تحليلات الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية إلى أن أكثر من 60 ألف مبنى تضرر أو دمر بشكل كامل في قطاع غزة، نصف ذلك العدد في شمال القطاع.
ويشدد محقق الأسلحة في منظمة العفو الدولية، "بريان كاستنر"، على أن الجيش "الإسرائيلي" يستخدم أسلحة فتاكة للغاية في مناطق ذات كثافة سكانية عالية جداً، وهذه "أسوأ مجموعة ممكنة من العوامل للتسبب في قتل أكبر عدد من المدنيين في حرب".
وبعد تشكيك إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأعداد الضحايا في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، تعترف الإدارة الأمريكية الآن، بأن الأرقام الحقيقية للضحايا المدنيين قد تكون أكثر.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، أمام لجنة بمجلس النواب هذا الشهر، إن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن أعداد الضحايا المدنيين "مرتفعة للغاية، وربما تكون أعلى مما يعلن عنه".