شنّ مسؤولون "إسرائيليون" حملة هجومية جديدة ضد الأمين العام للأمم المتحدة "انطونيو غوتيرتش" بعد استخدام الأخير المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة للضغط على مجلس الأمن من أجل اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وفور طلب "غوتيرتش" بتفعيل المادة 99 ، هاجمه وزير خارجية الكيان "الإسرائيلي" "إيلي كوهين" الأربعاء، واعتبر أن "ولايته للأمم المتحدة تمثل تهديدا للسلم العالمي".

وتنص المادة 99 على أنه (في حال حدوث حالة عدائية تهدد سلامة أعضاء الأمم المتحدة أو سلام العالم، فيجوز لمجلس الأمن أن يقرر وجود مسبب يتطلب اتخاذ إجراء أو قرار ما، وتقديم توصيات أو قرارات مناسبة إلى الدول الأعضاء للأمم المتحدة للقيام بما هو ضروري لحفظ السلام والأمن الدوليين وإزالة مصدر الخطر).

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ هاجم مندوب الكيان "الإسرائيلي" لدى الأمم المتحدة "جلعاد إردان"، اليوم السبت الامين العام للأمم المتحدة وقال: "إن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي لا يدين الإرهاب لا يستحق منصبه"، وادّعى "إردان" أن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة الذي "لا يدعم دولة ديمقراطية تحارب الإرهاب هو فاسد أخلاقياً" .

أيضاً زعيم المعارضة "الإسرائيلية" "يائير لابيد" قال: "إن معاداة السامية هي التفسير المنطقي الوحيد لقرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالدفع من أجل وقف إطلاق نار إنساني في غزة".

واستخدم غوتيريش المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة الذي لم يستخدم منذ عقود، لإجبار مجلس الأمن الدولي على مناقشة قرار يدعو إلى وقف لإطلاق النار. ومنعت الولايات المتحدة القرار باستخدام حق النقض (الفيتو).

وكتب لبيد في سلسلة من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم السبت، تحتوي على مزاعم من قبيل "فقط عندما تدافع إسرائيل عن نفسها بعدما قُتل أطفالنا على يد إرهابيين وحشيين وأُخذ شعبنا رهينة، قرر مجلس الأمن الدولي فجأة تفعيل المادة 99 لمساعدة حماس"، وأضاف "كيف نعلم أنها معادية للسامية؟ لأنه لا يوجد تفسير منطقي آخر".

واستشهد لبيد بعدد آخر من الصراعات بما في ذلك في السودان وسوريا، وفيها لم يستخدم "غوتيريش" أو أي من أسلافه سلطة المادة 99 لفرض مناقشة بمجلس الأمن، بحسب تعبيره.

ويستخدم المسؤولون "الإسرائيليون" وداعموهم في اللوبيات الصهيونية حول العالم مصطلح "معاداة السامية" للتعبير عن "كره واضطهاد اليهود لأسباب دينية وعرقية"، ويرفعونه في وجه كل من ينتقد الجرائم "الإسرائيلية" بحق الفلسطينيين، علماً أنه حسب علماء الانثروبولوجيا فإن من يحملون مايسمى "العرق السامي" لا يقتصر على اليهود وحدهم ولا يشمل اليهود كلهم في العالم، واستخدام المصطلح للتعبير عن هذه الفكرة الضيقة بحسب الخبراء فيه الكثير من المغالطات التاريخية والسياسية و(الحقوقية حيث يستخدم للتعبير عن تفوق عرقي مُتخيّل يرقى إلى مستوى جريمة التمييز العنصري) ، فالإدانات التي توجه لـ "إسرائيل" دائماً تكون لجرائم فظيعة ترتكبها ويشارك في إدانتها أيضاً يهود حول العالم، ما يجعل من استخدام مصطلح كهذا كأداة تحريض فقط وتبرير للجرائم أمام مجتمع دولي ما يزال يوافق على استخدامه.

وفي كل الأحوال، لم ينجح "غوتيرتش" مدعوماً بوزارة خارجية الاتحاد الأوروبي في استصدار قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بسبب استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) في وجه مشروع القرار الذي قدمته دولة الإمارات، وجرى التصويت عليه أمس الجمعة وأيده 13 عضواً من أعضاء المجلس الخمسة عشر، فيما امتنعت بريطانيا عن التصويت.
وطالب مشروع القرار بالوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وكرر مطالبته جميع الأطراف بأن تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وخاصة في ما يتعلق بحماية المدنيين.

وقال المندوب الأمريكي الدائم لدى الأمم المتحدة "روبرت وود": إن مشروع القرار لم يتضمن إدانة "حماس" وإنه من غير المقبول أن يظل بعض أعضاء المجلس صامتين بشأن هذه القضية، بحسب تعبيره.

ونظرا لحجم الخسائر البشرية في قطاع غزة، خلال مدة زمنية وجيزة، كان قد أرسل الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن، الأربعاء، يفعّل فيه للمرة الأولى المادة التاسعة والتسعين من ميثاق الأمم المتحدة.

وشدّد غوتيريش على ضرورة أن يفعل المجتمع الدولي كل ما يمكن لإنهاء محنة سكان غزة.
وحث مجلس الأمن على عدم ادخار أي جهد للدفع من أجل "الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية وحماية المدنيين والتوصيل العاجل للإغاثة المنقذة للحياة". وقال: إنه أرسل خطابه إلى مجلس الأمن مستخدماً المادة 99 من الميثاق، "لأننا وصلنا إلى نقطة الانكسار، هناك خطر كبير للانهيار التام لنظام الدعم الإنساني في غزة، بما سيُخلف عواقب مدمرة".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد