يواصل الاحتلال "الإسرائيلي" حرب الإبادة على قطاع غزّة لليوم الثالث بعد المئة، حيث ارتكب خلال الساعات الـ 24 الفائتة 16 مجزرة راح ضحيتها 163 شهيداً و350 مصاباً، حسبما أكدت وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، ما يرفع اعداد الشهداء المصابين منذ بدء الحرب يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، إلى 24 ألفاً و448 شهيداً، و61 ألفاً و504 إصابات.
ومنذ ساعات الصباح الأولى من اليوم الأربعاء 17 كانون الثاني/ يناير، ارتكب الاحتلال عدة مجازر في ظل انقطاع الاتصالات والانترنت عن معظم مناطق القطاع لليوم السادس على التوالي، في إطار حرب إبادة شاملة، يستخدم فيها التجويع كأداة لقتل الناس، حسبما أكّد خبراء أمميون في تقرير نشرته الأمم المتحدة، وأكدوا فيه أنّ "إسرائيل" تستخدم الغداء كسلاح ضد الشعب الفلسطيني بعد تدمير النظام الغذائي.
وانتشلت الفرق الطبية صباح اليوم الأربعاء 25 شهيداً من حي الدرج بمدينة غزّة، إضافة إلى عشرات المصابين، وذلك جراء استهداف طيران الاحتلال منازل الحي المدنية، وشنّ عدّة غارات على طريقة الأحزمة النارية.
وفي خان يونس، استقبل مستشفى ناصر الطبي، 7 شهداء فلسطينيين ارتقوا في استهداف الاحتلال مدرسة طارق بن زياد غرب المدينة، كما سجّل تدمير الاحتلال عدّة مربعات سكنية في منطقة جورة اللوت وسط المدينة.
وكان جيش الاحتلال قد حاصر مستشفى ناصر الطبي بالدبابات، واستهدف محيطه بعدد من القذائف المدفعية، ما أحدث حالة من الهلع في صفوف المرضى والنازحين، قبل انسحابه قبل ساعات من محيط المستشفى، كما نفذ الاحتلال عدوانا طال المستشفى الأردني الميداني في خان يونس، أدّى إلى إصابة أحد العاملين فيه ويحمل رتبة عسكرية أردنية إضافة لأحد المرضى.
الجيش الأردني وفي تصريح له، حمّل جيش الاحتلال " الإسرائيلي" مسؤولية سلامة الكادر والمتواجدين في المستشفى الميداني، وأعلن عن إصابة أحد رتبه العسكرية، ووقوع أضرار في المستشفى جراء استهدافه المتواصل منذ مساء الأمس حتى صباح اليوم.
وقالت مصادر طبية فلسطينية، إنّ عدد شهداء القصف "الإسرائيلي" على خان يونس منذ مساء أمس الثلاثاء ارتفع إلى 27 شهيدا.
تأكيد أممي على استخدام الاحتلال التجويع كأداة إبادة
وعلى الصعيد الإنساني، يعمّق الاحتلال "الإسرائيلي" من الأزمة الإنسانية والغذائية في قطاع غزّة، في إطار استخدام التجويع كأداة لإبادة الشعب الفلسطيني، وهو ما أقرّ به مراقبون أمميون، الذين أكّدوا أنّ "إسرائيل" تدمّر النظام الغذائي في غزة وتستخدم الغذاء كسلاح ضد الشعب الفلسطيني.
وأكّد الخبراء الأمميون في تقرير نشرته الأمم المتحدة أمس الثلاثاء، أنّ "إسرائيل" تدمر النظام الغذائي في غزة، وتمنع الوصول إلى المناطق الزراعية والبحر، وجرفت 22% من الأراضي الزراعية بما فيها البساتين والصوبات الحرارية منذ بدء العملية البرية في 27 تشرين الثاني/ أكتوبر 2023 الفائت.
كما أكّد الخبراء، أن "إسرائيل" دمرت حوالي 70% من أسطول الصيد في غزة، وقالوا إنها دمرت أيضا أكثر من 60% من المنازل الفلسطينية في القطاع، بما يؤثر بشكل مباشر على القدرة على طهي أي طعام ويتسبب في القضاء على المنازل عبر التدمير الشامل للمساكن وجعل المنطقة غير صالحة للعيش. حسبما جاء في التقرير.
ولفت التقرير، الذي أجراه خبراء مستقلون، إلى أنّ سكان غزة يمثلون 80% من جميع الأشخاص في العالم الذين يواجهون خطر المجاعة أو الجوع الكارثي، في ظل استمرار القصف والحصار من جانب "إسرائيل".
اقرأ/ي أيضاً : مئات آلاف الفلسطينيين يهددهم الموت جوعاً وعطشاً شمالي قطاع غزة
وأضاف الخبراء، أنّ جميع الأشخاص في غزة الآن جائعون، ويواجه 25% من السكان مستويات كارثية من الجوع ويكافحون لإيجاد الغذاء ومياه الشرب، ولا تحصل النساء الحوامل على ما يكفي من التغذية والرعاية الصحية ما يعرضهنّ للخطر.
ونبّه الخبراء، من خطورة هذا الواقع الغذائي على الأطفال، حيث أنّ جميع الأطفال تحت سن الخامسة في قطاع غزّة، والبالغ عددهم 335 ألفا، يتعرضون لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد مع زيادة الظروف المؤدية للمجاعة.
وقال الخبراء: "إن جيلا كاملا مُعرض لمخاطر الإصابة بالتقزم الذي يحدث عندما يتأثر نمو الطفل بعدم كفاية التغذية، ويتسبب التقزم في إعاقات جسدية وإدراكية لا يمكن علاجها، بما يُقوض القدرة التعليمية لجيل بأكمله."
الإبادة تتطور عبر عملية مستمرة وليست حدثاً منفرداً
ودقّ الخبراء الأمميون ناقوس الخطر عدّة مرات بشأن خطر مجاعة وحدوث إبادة جماعية، حسبما أكدوا في تقريرهم، وأكّدوا على مسؤولية جميع الحكومات بضرورة القيام بواجبها لمنع وقوعها، أن الإبادة تتطور عبر عملية مستمرة وليست حدثا منفردا.
وأكّد الخبراء، أن "إسرائيل لا تقدم فقط على قتل المدنيين الفلسطينيين وإلحاق ضرر بهم لا يمكن إصلاحه، بقصفها العشوائي، لكنها تتسبب أيضا- عن علم وقصد- في المعدلات العالية من الأمراض وسوء التغذية طويل الأمد والجفاف والتجويع، من خلال تدمير البنية التحتية المدنية".
وشدد خبراء الأمم المتحدة، في تقريرهم، على ضرورة توصيل المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة فورا وبدون أي عوائق لمنع المجاعة، وأكدوا أنّ تحذيرهم من وقوع الإبادة الجماعية لا يرتبط فقط بالقصف الراهن لغزة، ولكنه يتعلق أيضا "بالمعاناة والموت بشكل بطيء بسبب الاحتلال الطويل والحصار."
واختتم الخبراء بيانهم بالقول إن الطريق الواضح لإحراز السلام والأمان والاستقرار لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، يكمن في تحقيق تقرير المصير للفلسطينيين عبر الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء الاحتلال "الإسرائيلي."