دعا خبراء أمميون في الوكالات الحقوقية التابعة للأمم المتحدة المعنية بحقوق النساء إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه وسريع وشامل وفعال، يفضي إلى محاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة التي مارسها وما يزال يمارسها الاحتلال "الإسرائيلي" ضد النساء في قطاع غزة، وضرورة تعاون "إسرائيل" بالتحقيق.
وأكد الخبراء في تقرير صدر اليوم الاثنين 19 شباط/ فبراير، المعلومات التي تفيد بتعرض نساء وفتيات فلسطينيات في غزة للإعدام التعسفي، وأحياناً مع أفراد أسرهن بما في ذلك أطفالهن، إضافة إلى اعتقال العديد من النساء بما فيهنّ مدافعات عن حقوق الإنسان وصحفيات وعاملات في المجال الإنساني في كلّ من قطاع غزة والضفة الغربية، وتعرض المعتقلات في غزة لانتهاكات واعتداءات جنسية، منذ 7 تشرين الأول/ اكتوبر 2023 الفائت.
وأصدر التقرير، كلّ من المقررة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد النساء والفتيات وأسبابه وعواقبه لدى الأمم المتحدة ريم السالم، والمقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 "فرانشيسكا ألباني"، إضافة إلى رئيسة الفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات "دوروثي إسترادا تانك"، وأعضاء الفريق و"كلوديا فلوريس"، و"إيفانا كرستيتش"، و"هاينا لو"، و"لورا نيرينكيندي".
وقال الخبراء في تقريرهم: "لقد صُدمنا بتقارير عن الاستهداف والقتل المتعمد "خارج نطاق القضاء" للنساء والأطفال الفلسطينيين في الأماكن التي لجؤوا إليها أو أثناء محاولتهم الفرار، ووفقا لما ورد، فقد كانت بعضهن ترفعن رايات بيضاء عندما قتلهن الجيش "الإسرائيلي"، والقوات التابعة له.
الفلسطينيات المحتجزات تعرضن لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي
وأورد الخبراء في التقرير أنّ العديد من النساء تعرضن لمعاملة لا إنسانية ومهينة، إذ حُرمن من الغذاء، والأدوية، والفوط الصحية للحيض، وتعرضن للضرب المبرح، وأنه في مرة واحدة على الأقل، فإن النساء الفلسطينيات المحتجزات في غزة، احتُجزن في قفص تحت المطر، والبرد، ودون طعام.
وأعرب الخبراء عن قلقهم، من حجم الانتهاكات، مشيرين إلى تقارير تفيد بأن "النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات تعرضن كذلك لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي، كتجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من ضباط جيش الاحتلال "الإسرائيلي" الذكور.
وبحسب التقارير التي أكدها الخبراء، فإنّ معتقلتين فلسطينيتين اثنتين على الأقل قد تعرضتا للاغتصاب كما هو موثّق، بينما ورد أن أخريات تعرضن للتهديد بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، فضلاً عن التقاط صور للمعتقلات في ظروف مهينة ونشرها على شبكة الإنترنت.
كما عبّر تقرير الخبراء عن القلق الشديد، إزاء مصير مجهول لنساء وأطفال فلسطينيين، بمن في ذلك الفتيات، قد اختفوا بعد التقائهم بالجيش "الإسرائيلي" في غزة.
وقال الخبراء: "هناك تقارير مثيرة للقلق عن رضيعة واحدة على الأقل قام الجيش الإسرائيلي بنقلها قسراً إلى إسرائيل، علاوة على الأطفال الذين تم فصلهم عن والديهم، ولا يزال مكان وجودهم مجهولاً".
وذكّر الخبراء الأمميون، الحكومة "الإسرائيلية" بالتزاماتها بخصوص "دعم الحق في الحياة والسلامة والصحة والكرامة للنساء والفتيات الفلسطينيات، وضمان عدم تعرض أي شخص للعنف أو التعذيب أو سوء المعاملة أو المعاملة المهينة، بما في ذلك العنف الجنسي".
وأكد الخبراء، أنّ هذه الادعاءات مجتمعة،" قد تشكل انتهاكات صارخة وجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، وتصل إلى حد الجرائم الخطيرة بموجب القانون الجنائي الدولي، ويمكن مقاضاة مرتكبيها بموجب نظام روما الأساسي".
اقرأ/ ي أيضاً: ماذا يعني أن تكوني امرأة في ظل ظروف الحرب في غزة؟
وشدد الخبراء في تقريرهم، على وجوب محاسبة المسؤولين لدى الاحتلال عن هذه الجرائم الظاهرة، مؤكدين أحقية الضحايا وعائلاتهم، على طلب الإنصاف الكامل والعدالة.
من جهته، حثّ المرصد "الأورو متوسطي" لحقوق الإنسان، على اعتماد بيان خبراء الأمم المتحدة كوثيقة إضافية لمساءلة ومحاسبة "إسرائيل" على انتهاكاتها ضد المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك في إطار نظر محكمة العدل الدولية في دعوى جنوب أفريقيا بشأن ارتكاب "إسرائيل" جريمة الإبادة الجماعية في القطاع.
ضرورة تشكيل فريق قانوني دولي والضغط لضمان وصوله إلى قطاع غزة للتحقيق في هذه الجرائم
وشدد المرصد "الأورو متوسطي" لحقوق الإنسان، على أهمية بيان خبراء الأمم المتحدة بشأن انتهاكات كيان الاحتلال "الإسرائيلي" ضد النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.
وعبّر المرصد بأن تقرير الخبراء، تأكيد على تعرض النساء والفتيات الفلسطينيات لأشكال متعددة من العنف والاعتداء الجنسي، من بينها الاغتصاب، وتعريتهن وتفتيشهن من ضباط جيش الاحتلال، خلال الاعتقال، فضلاً عن الإعدام التعسفي مع أفراد أسرهن في الغالب، بمن فيهم أطفالهن، في إطار جريمة الإبادة الجماعية "الإسرائيلية" المستمرة في القطاع.
وأشار المرصد، إلى عدة تقارير قدمها خلال الفترة الماضية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان وعدد من المقررين الأمميين، حول عمليات القتل الميداني والعنف الجنسي التي تعرضت له الفتيات والنساء الفلسطينيات، وثّق فيه عشرات حالات الإعدام الميداني التي نفذها جيش الاحتلال في قطاع غزة.
وطالب المرصد، "بتشكيل فريق قانوني دولي، والضغط لضمان وصوله إلى قطاع غزة وفتح تحقيق في هذه الوقائع وغيرها من عمليات قتل المدنيين الفلسطينيين وتصفيتهم جسديًّا وحالات الاعتقال التعسفي."
أهوال عاشوها هؤلاء النساء والأطفال.. وصلوا إلى المستشفى في هذه الحالة من الرعب والخوف بعد أن مشوا لساعات ليلاً تحت المطر إثر هجوم جيش الاحتلال "الإسرائيلي" على عمارة كانوا فيها في حي تل الهوا غربي مدينة #غزة تاركين خلفهم أقاربهم العاجزين والمسنين عالقين في الطريق#غزة_الآن… pic.twitter.com/HVp2elNBNC
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) February 8, 2024
وفي ذات السياق، كانت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في غزة، قد استعرضت في تقرير لها يوم 17 شباط/ فبراير الجاري، أوضاع النساء النازحات، في أماكن الإيواء اللواتي يقطنّ فيها ، وهي عبارة عن خيم البلاستيك، وجزء منهن يقمن ضمن خيم القماش المقدمة من المساعدات وأخريات في مراكز إيواء جماعي كالمدارس والجامعات والمؤسسات العامة، وكذلك في المزارع والدفيئات الزراعية.
وأشارت المؤسسة إلى معاناة النساء، "في الخيام المتلاصقة حيث الراحة معدومة وندرة المأوى المناسب وارتفاع كلفة تجهيز الخيم واكتظاظ مناطق النزوح المحددة، وسعيهن لتوفير الطعام في ظل قلة الإعانات والمساعدات وارتفاع أسعار المواد الغذائية والحاجيات والخضروات، واصطفافهن للطوابير في كافة الأماكن وأمام المخابز لمدة تتجاوز خمس ساعات للحصول على ربطة خبز او أكياس الدقيق من الوكالة.
ولفتت المؤسسة إلى معاناة النساء الاستثنائية في تأمين الحاجيات المشار اليها أعلاه، دون وجود وسائل للمواصلات الخاصة والتي تمنحها الخصوصية، وتتنقل النساء في وسائل مواصلات غير مناسبة مثل الشاحنات والعربات الكبيرة، فضلاً عن تزاحم النازحات في الطوابير الطويلة في العيادات والمستشفيات لتلقي العلاج، وكثير من النازحات الحوامل اللواتي وضعن أطفالهن في الحرب ولم يقمن بتلقي الرعاية المناسبة والضرورية لما بعد الولادة.
وذكّرت مؤسسة الضمير، بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رقم 3318 " بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة، وقرار مجلس الأمن لاتخاذ رقم 1325 الصادر عام 2000 حول "المرأة والسلام والأمن" والقاضي بأن النزاعات تؤثر على النساء والفتيات بطريقة مختلفة عن تأثيرها َعلى الرجال.
وطالبت المؤسسة، بإجراءات وتدابير عملية لمنع الإبادة الجماعية وفرض الحماية الدولية للمدنيين وخاصة النساء وضمان معالجة الأوضاع اللاإنسانية الكارثية في غزة، التي ترتكبها سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" بحق سكان قطاع غزة.