غياب منظمة التحرير يحمّل الناشطين مسؤوليات كبيرة

الحراك التضامني مع فلسطين في أوروبا.. قفزة جيدة هل سيبنى عليها؟

الإثنين 26 فبراير 2024

مع بدء حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة، لفت الحراك الشعبي التضامني مع القضية الفلسطينية والرافض للحرب في أوروبا الأنظار، مشكلاً حالة فريدة لم يكن لزخمها مثيل في الفترات السابقة، لناحية ضخامة المشاركة والاستمرارية.

هذا التطور في الموقف الشعبي الأوروبي، الذي لا شك ولده حجم الجرائم "الإسرائيلية" وانتشار صورها على نطاق واسع، وأيضاَ دعم المستوى السياسي لكثيير من البلدان الأوروبية كيان الاحتلال "الإسرائيلي" في حربه على قطاع غزة، ما خلق حالة من التوتر بين الحكومات والشعوب التي تطالب باتخاذ مواقف جادة لوقف الحرب، لكن دون أن تجد آذاناً صاغية من الحكومات التي يستمر بعضها كألمانيا والنمسا بإرسال الأسلحة إلى كيان الاحتلال "الإسرائيلي".

ومهما تعددت الأسباب، يشكل هذا التطور التضامني حالة إيجابية يجب أن يُبنى عليها، لتحقيق مكاسب سياسية لاحقة، وهذا يفرض تحديات على القوى الفلسطينيية الناشطة في الساحة الأوروبية، ويتطلب منها بذل جهود مدروسة لتكريس هذا التضامن وإلاحقه بخطوات أكثر فائدة.

غياب منظمة التحرير ينعكس سلباً على الجهود الشبابية الفلسطينية في أوروبا

يرى فوزي اسماعيل وهو رئيس اتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا، أن الحراك الشعبي ساهم إلى حد كبير في انهيار الرواية الصهيونية السائدة، ووصول الرواية الفلسطينية إلى شرائح واسعة من الأوروبيين نتيجة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وأيضاً بشاعة جرائم الإبادة الجماعية، التي جعلت شريحة واسعة تراجع أفكارها السابقة.

اسماعيل المقيم في إيطاليا يقول: إن تزايد وجود الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا، لعب دوراً في التأثير على الأوروبيين، خاصة الشباب الذين شاركوا بكثافة في المظاهرات، بعد تقصي المعلومات حول الحرب على القطاع، وانكشاف التزييف في الإعلام الأوروبي، بالإضافة إلى مواقف الدول الأوروبية الداعمة للاحتلال والتي ووجهت بموجة رفض.

يضيف اسماعيل: إنه كان من اللافت جداً في مظاهرات بالولايات المتحدة الأميركية وغالبية الدول الأوروبية ترديد شعار "من النهر إلى البحر... فلسطين حرة"، وهو أمر غير مسبوق وكسر للمحظور.

لذا يتحدث رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية حول ضرورة العمل على استمرارية الحراك، مشيراً إلى أن تجمعات شبابية وطلابية تشكلت في بعض الدول الأوروبية، للاستمرار بالمظاهرات "ضمن إطار نضال عالمي ضد الاستعمار ومن أجل حقوق الإنسان".

يرى اسماعيل أن غياب منظمة التحرير الفلسطينية عن العمل الجماهيري في الساحة الأوروبية ينعكس سلباً على العمل الفلسطيني المنظم، فيما لا يوجد من يتحمل مسؤولية العمل، فيما "منظمة التحرير أُضعفت وهُمشت منذ اتفاق أوسلو وفقدت دورها الأساسي وباتت مجرد اس وليس لها دور وهي مغيبة" بسحب قوله.

غياب م ت ف والفصائل في أوروبا حمّل الناشطين مسؤوليات كبيرة .. نجحوا تارة وفشلوا بأخرى

الناشطة في نادي فلسطين العربي ملك بستوني والمقيمة في النمسا ترى أن هناك اختلاف على دور حركة التضامن العالمية، فالبعض يؤمن بأهميتها لتغيير مواقف الحكومات والبعض الآخر يراها امتداداً لحركات الشعوب المطالبة بالتحرر والعدالة، والبعض لا يرى جدوى منها.

تقول بستوني: "شهدنا حراكاً ونشاطاً مختلفاً بالنوعية والكثافة بكثير من البلدان، إلا أنها للأسف لم تؤثر على موقف الحكومات، أما بالنسبة إلى المستوى الشعبي، فكان تأثيرها إيجابياً وواضحاً وأدى إلى ضم الكثير من الناشطين لصفوفنا وتغيير ملحوظ في رأي الناس بقضيتنا، ومن خلال العمل التراكمي قد يشكل ضغطاً على الحكومات لتغيير مواقفها".

تضيف بستونني: إن الحرب على غزة وقعت تحت ظروف عمل فلسطيني شبه محتضر، فهول الحدث تطلَّب قوة عمل سريعة ومنظمة بالشارع لإيصال صوت الفلسطينيين إلى الشعوب، الأمر الذي كان شاقاً جداً.

وأيضاَ ترجع بستوني سبب غياب العمل المنظم إلى اضمحلال دور الفصائل ومنظمة التحرير بالعمل المؤسساتي، ما ترك فراغاً تنظيمياً "مخيفاً"، وحمًّل الناشطين كأفراد أعباء نجحت أحياناً وفشلت أحياناً أخرى، وانعكست حالة تشرذم الفصائل سلباً على مواقف المتضامنين، باختلاف توجهاتهم، الأمر الذي تم تلافيه بعد أسابيع من الحرب، لكن كل الناشطين مجمعين على ضرورة إحياء دور الفصائل تنشيطها بما يخدم تطلعات الفلسطينيين.

الحراك الشبابي جذب أحزاباً سياسية في أوروبا كانت مترددة في اتخاذ موقف ضد الاحتلال

الناشط السياسي والطلابي في ألمانيا وسام أبو فخر يرى أن أحد أهم أهداف حراكات التضامن هو تثبيت القضية الفلسطينية على جدول أعمال الأحزاب السياسية في بلدانها .

ويقول أبو فخر لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن الجانب الطلابي كان من الجوانب المهمة في الحراك الأوروبي التضامني مع فلسطين، مشيراً إلى أن الجامعات شهدت تنظيماً وحشداً وابتكار وسائل فريدة للتعبير عن التضامن، وهو ما جذب العديد من الحركات والأحزاب السياسية التي ترددت في بادئ الأمر باتخاذ موقف علني ضد سياسات الاحتلال "الإسرائيلي".

وأشار إلى أن هذا التحرك وصل إلى مستوى الفعل السياسي وفتح مجالاً للحديث عن القضية الفلسطينية في دوائر معينة معروفة بسياسة "الصمت" تجاه القضية الفلسطينية، كالجامعات الألمانية.

وحول تأثير الحراك التضامني على موقف الدولة الألمانية قال: إن "الواقع السياسي المظلم في ألمانيا يدفعنا كطلاب عرب وفلسطينيين إلى مواصلة التنظيم وبناء القوة السياسية للوقوف بوجه هذه النزعة العنصرية ضد تطلعات شعبنا الفلسطيني".

وأضاف: "لدينا طاقات هائلة، لكن ينقصنا مأسسة ومراكمة الفعل السياسي في ألمانيا وغيرها للتأثير على السلطات، فلن تتغير المواقف دون وجود ثقل سياسي للجاليات العربية والمسلمة وحركات التضامن الفلسطينية".

حول ذات الفكرة يؤكد أيمن نجمة، رئيس الجالية الفلسطينية في هولندا أن الحراك الشعبي الفلسطيني والأوروبي، ساهم في تغيير كبير في مواقف عدد من الأحزاب في هولندا المعروفة بدعمها للاحتلال "الإسرائيلي"، وأحزاب أخرى أبدت "تعاطفاً" مع الفلسطينيين مع الأخذ بعين الاعتبار أن اللوبي الصهيوني موجود وفاعل جداً في هولندا.

يضيف نجمة: أن من يقود الحراك هم أبناء الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية والمتضامنين الأوروبيين، ويعزو ذلك إلى غياب دور القوى والفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير والسفارات.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد