كشف طبيب "إسرائيلي" عن تفاصيل جرائم مروعة ترتكب بحق الأسرى الفلسطينيين المرضى في معكسر "سدي تيمان" السري سيئ السمعة جنوبي فلسطين المحتلة.
ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية شهادة الطبيب العسكري الذي لم يذكر أسمه والذي عمل سابقاً في سجن "سدي تيمان" وكشف عن تفاصيل ما يدور داخل المعتقل بحق الأسرى الفلسطينيين من غزة.
و"سدي تيمان" معتقل سيء السمعة كان قاعدة عسكرية "إسرائيلية" متعددة الوحدات تابعة للقيادة الجنوبية في جيش الاحتلال، ويقع على بعد 5 كيلومترات شمال غرب مدينة بئر السبع المحتلة.
وتحدث الطبيب العسكري عن بداية عمله داخل المعسكر خلال فصل الشتاء العام الماضي بداية حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة حيث لم يكن هنالك إلا 20 مريضاً في أحد خيام الاستشفاء وكانوا جميعا مقيدين بأسرّة فولاذية قديمة، وصفها بـ "مثل تلك التي كانت تستخدم قبل سنوات في مستشفياتنا" وبينما كان جميع الأسرى في وعيهم، فقد كانوا معصوبي الأعين طوال الوقت.
ووصف الطبيب حالة الأسرى المرضى الذين وصل بعضهم بعد وقت قصير جدا ًمن إجراء عملية جراحية كبرى، والعديد منهم كانوا مصابين بطلقات نارية، أحدهم أصيب برصاصة في منزله في غزة قبل ساعات قليلة فقط.
وقال الطبيب في شهادته: "يعرف كل طبيب أن ما يحتاجه مثل هذا الشخص هو يوم أو يومان في العناية المركزة ثم يتم نقله إلى جناح، وهناك فقط يبدأ التعافي فعلياً، لكن الأسير المذكور أرسل إلى حظيرة في سدي تيمان بعد ساعتين من الجراحة بالمستشفى، كانوا يقولون إنه يمكن إطلاق سراحه"
وذكر الطبيب تفاصيل أخرى حول أسير مريض يعاني من تعفن الدم في حالة حرجة، مؤكداً أنه "لم يكن من المفترض -حتى وفقا للبروتوكول- أن يكون هناك، بل كان يفترض أن يتم إدخال المرضى المستقرين تماماً إلى المستشفى في سدي تيمان، لكنه كان هناك وقالوا: إنه لا يوجد بديل".
أسرى مرضى محتجزون عراة لا يسمح لهم بتحريك أطرافهم أو التحدث
وسلط الطبيب الضوء على جانب آخر من المعاناة التي يعشيها المعتقلون في معسكر "سدي تيمان" منها أن سلطات الاحتلال كانت تحتجز الأسرى المرضى عراة دون السماح لهم بتحريك أي من أطرافهم، معصوبي العينين، تحت العلاج، وسط الصحراء، واصفاً إياه بأنه لا يقل في نهاية المطاف عن التعذيب.
وقال الطبيب: "كل ما تعلمته، طوال السنوات في الجامعة والمستشفيات، كيفية علاج الناس، كل هذا موجود، ولكن في بيئة يتم فيها احتجاز 20 شخصًا عراة في خيمة. إنه شيء لا يمكنك تخيله".
وأكد الطبيب السابق في "سدي تيمان" أن هناك طرقاً أخرى من التعذيب أصعب من سحق السجائر في الأجساد تتم ممارستها بحق الأسرى الفلسطينيين المرضي، حيث يحتجزون غير قادرين على الرؤية أو الحركة أو التحدث، لمدة أسبوع أو 10 أيام أو شهر، "هو أمر لا يمكن إلا أن يكون تعذيباً"، ويتابع: "خصوصاً عندما يكون من الواضح أنه لا يوجد سبب طبي يفسر تكبيل أرجل شخص مصاب بجرح في المعدة منذ يومين؟ أليست الأيدي كافية؟"
لا نتواصل معهم كبشر حقيقيين
يوضح الطبيب: "الحقيقة هي أنه عندما كنت هناك، بدا الأمر كله طبيعيًا لي بطريقة ما، لأن هناك أعذارًا لإرسالهم إلى مستشفى المعتقل، والعمل الطبي يتم في مكان عادي ومألوف، فلا تتواصل معهم حقًا كما لو كانوا بشرًا حقيقيين، من السهل أن تنسى ذلك عندما لا يتحركون ولا يتعين عليك التحدث إليهم، عليك فقط التحقق من إجراء طبي ما تم إجراؤه، وعلى طول الطريق تزيل البعد الإنساني للطب".
وأضاف:" بالنظر إلى الوراء، فإن الأمر الأكثر صعوبة لي هو ما شعرت به، أو في الواقع ما لم أشعر به، عندما كنت هناك. ويزعجني أن الأمر لم يزعجني، وأنني بطريقة ما نظرت إلى الأشياء ولكن لم أرها، أو بطريقة ما.. شعرت بالارتياح تجاهها".
ويكمل الطبيب: كيف لم أسأل عن التفاصيل الصغيرة؟ لماذا يغطون أنفسهم بالبطانيات؟ لماذا هم مجهولون؟ لماذا نحن مجهولون؟ كيف يمكن أن يتبولوا ويتبرزوا في حفاضات يمكن التخلص منها؟
ويخفي جيش الاحتلال "الإسرائيلي" قسرياً آلاف الفلسطينيين بعدما اعتقلهم من قطاع غزة، وسط تحذيرات من قبل مؤسسات ومنظمات وجهات فلسطينية ودولية من جرائم ترتكبها "إسرائيل" بحقهم، كشف عن جزء قليل منها خلال الشهور الماضية، وأسفرت عن استشهاد 21 أسيراً منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهو العدد الذي تم توثيقه فقط واعترف به الاحتلال، بينما تشير بيانات لمؤسسات الأسرى بأن الاحتلال لا يفصح عن كل حالات الاستشهاد بين الأسرى الفلسطينيين.
وفي وقت سابق هذا الشهر، تناقلت وسائل الإعلام "الإسرائيلية" مقطع فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال "الإسرائيلي" جنسياً على معتقل فلسطيني في سجن "سديه تيمان" سيء الصيت، وأذاعت القناة الـ12 "الإسرائيلية" الفيديو المأخوذ من كاميرات المراقبة الداخلية للسجن، الذي يخضع لإدارة جيش الاحتلال، حيث يظهر الجنود، وهم يعتدون على المعتقل الفلسطيني.
اقرأ/ي الخبر: فيديو مروع يوثق اغتصاب جنود الاحتلال لأسير فلسطيني بمعتقل "سدي تيمان"