تفاقمت أزمة المواصلات في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بريف العاصمة السورية دمشق بشكل حاد مؤخراً، ما جعل الخروج من المخيمات مقتصراً على الحالات الضرورية فقط، كالتوجه إلى العمل أو الدراسة، بينما تقلصت بشكل كبير الخروجات لأغراض اجتماعية أو ترفيهية بسبب الارتفاع الهائل في تكاليف المواصلات.
تكاليف المواصلات تؤثر على التواصل الاجتماعي
ويؤكد اللاجئون الفلسطينيون أن تلك التكاليف أصبحت تثقل كاهلهم، وجعلتهم بحالة شلل، وحبيسي مخيماتهم، حيث باتت تكاليف المواصلات، تأتي على حساب الاحتياجات الأساسية من غذاء وشراب.
وتفاقمت الأزمة خلال شهر أيلول/ سبتمبر الجاري، بعدما اتخذت الحكومة السورية قرارات بتخفيض مخصصات المحروقات لوسائل النقل العامة، بما في ذلك باصات النقل الجماعي و"السرافيس"، ما أدى إلى توقف هذه الوسائل عن العمل بشكل كامل في العديد من المناطق.
وبررت حكومة النظام السوري قراراتها بتأخر وصول توريدات المشتقات النفطية بسبب الظروف العالمية وتصاعد التوتر في البحر الأحمر، وفقاً لتصريحات نقلتها صحيفة "الوطن" السورية شبه الرسمية.
في مخيم خان الشيح، تحدث "أبو كرم"، وهو لاجئ فلسطيني يعمل موظفاً حكومياً في ريف دمشق، عن معاناته اليومية، حيث يقطع مسافة 6 كيلومترات على دراجته الهوائية للوصول إلى عمله، مشيراً إلى أن انتظار وسائل النقل العامة أصبح مضيعة للوقت والجهد بسبب ندرتها في الأرياف.
كما أشار إلى أن تكلفة استخدام "الميكرو باص" ارتفعت بشكل كبير لتصل إلى 5000 ليرة سورية، ما يعني أن الذهاب والإياب سيكلفه 10 آلاف، وهو مبلغ يفوق نصف راتبه الشهري إذا ما اضطر لركوب "ميكرو باص" يومياً.
"أبو كرم" أكد في حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن ارتفاع تكاليف المواصلات جعل خروجه من المخيم يقتصر على الضروريات فقط، مشيراً إلى أن الزيارات الاجتماعية، مثل زيارة المرضى أو حضور جنازات الأقارب، أصبحت تشكل عبئاً مالياً كبيراً على العائلات.
اجتراح بدائل
في ظل هذا الوضع، انتعشت ظاهرة استخدام الدراجات النارية كوسيلة نقل بديلة، حيث بدأت هذه الظاهرة بالانتشار في مخيمات مثل خان دنون، وأصبح من يملك دراجة نارية يوفر خدمة نقل سريعة بتكاليف أقل من المواصلات التقليدية.
"إبراهيم"، لاجئ فلسطيني من مخيم خان دنون، تحدث عن تجربته في نقل الركاب يومياً على دراجته النارية، مشيراً إلى أنه ينقل أكثر من ثمانية أشخاص يومياً تباعاً، وتختلف المسافات التي يقطعها وتصل أحياناً إلى 20 كيلو متر، مقابل ألف إلى ألف وخمسمائة ليرة سورية بحسب قدرة الراكب.
ويقول "إبراهيم" لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ كل ركابه الذين يستعينون به، هم من أهالي المخيم، الذين وجدوا في هذه الوسيلة تكلفة أقل بكثير من المواصلات العادية، إضافة إلى اختصار الوقت، فانتظار "الميكرو باص" صباحاً يتطلب وقتاً طويلاً نظراً لشحّ وسائل النقل، حسبما أضاف.
وتشهد كافة المخيمات الفلسطينية في ريف دمشق، مثل مخيمي سبينة والحسينية، معاناة مشابهة، في وقت ترتفع فيه نسبة الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين بسبب تدهور الاقتصاد السوري وانهيار العملة المحلية.
يأتي ذلك في ظل القرارات الحكومية المتتالية بتخفيض مخصصات الوقود ورفع الدعم، ما يزيد من الضغوط على اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون من شح الموارد وارتفاع تكاليف المعيشة، وكل ذلك وسط عدم كفاية دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" للفلسطينيين في سوريا، وتقليصها المستمر للمساعدة المالية الدورية التي توزع كل شهرين، بمبلغ وقدره 300 ألف ليرة سورية للحالات العادية، و400 ألف ليرة للحالات الكثر ضعفاً.
اقرأ/ي ايضاً: معونة "أونروا" في سوريا لم تعد عاملاً مساعداً في المعيشة
وتجدر الإشارة إلى أن الأجور في سوريا لم تعد تكفي لتغطية الحد الأدنى من معايير الفقر المطلقة المحددة بـ 1.9 دولار يومياً للفرد وفقاً لصندوق النقد الدولي، ما يجعل تكلفة المواصلات اليومية أكبر من دخل العديد من اللاجئين الفلسطينيين.