تلقي الحرب "الإسرائيلية" الحالية بظلالها الثقيلة على مخيمات وتجمعات الفلسطينيين في منطقة صور، حيث يعاني سكان المخيمات من التدهور الحاد في سبل العيش وأوضاع العمل، لا سيما في مخيم البرج الشمالي الذي يُعد من أفقر المخيمات الفلسطينية الـ12 في لبنان.
وفق إحصائيات وكالة "الأونروا"، يبلغ عدد سكان مخيم البرج الشمالي نحو 22 ألف نسمة، ويعتمد عدد كبير من سكانه على العمل في قطاع الزراعة كمصدر رئيسي للدخل. يعمل العديد من أهالي المخيم في ورش يومية لجني المحاصيل، مثل قطاف الليمون، أو تجهيز الأراضي للزراعة.
إلا أن هذه الأنشطة توقفت تمامًا مع تصاعد العدوان "الإسرائيلي"، مما جعل العمال عرضة لخطر الاستهداف، إلى جانب تكرار إنذارات الإخلاء التي يصدرها جيش الاحتلال بين الحين والآخر الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة، وطال العاملون في القطاع الزراعي على وجه الخصوص.
العمال الفلسطينيون في مخيمات صور: فقدان الدخل وزيادة البطالة
يرى العاملون في الزراعة أن انقطاع الدخل اليومي يزيد من الأعباء على الأسر المتعففة، وفي حديث مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، أوضح أبو وائل، صاحب إحدى الورش في مخيم البرج الشمالي،أن العامل الفلسطيني كان يتقاضى نحو 350 ألف ليرة لبنانية يوميًا(4 دولارات أمريكية ) ، وهو بالكاد يكفي لتأمين الاحتياجات الأساسية.
ويضيف: " لقد توقفت كافة أعمالنا في ظل الحرب المتواصلة على لبنان، ويردف قائلا: المردود المالي الزهيد الذي يتلقاه العامل الفلسطيني في الزراعة لا يكاد يلبي احتياجات أسرة مكونة من 3 أو 4 أفراد. بسبب الغلاء الفاحش الذي يعيشه لبنان بشكل عام من أزمة اقتصادية ألقت بظلالها بشكل او بآخر على حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والعاملين في القطاع الزراعي بشكل خاص.
وسيم، وهو عامل آخر في المخيم يقول: إن العمل في الزراعة قبل الحرب لم يكن كافيًا لتلبية كافة متطلبات عائلته نظرا لقلة المردود المادي، فاضطر إلى العمل في مهنة أخرى لكي يتمكن من مساعدة أسرته وتلبية كافة احتياجات الأولاد المدرسية واليومية، ناهيك عن مصاريف المنزل، فاتورة الكهرباء عند كل آخر الشهر.
يذكر ان أكثر من نصف سكان مخيم البرج الشمالي نزحوا، حيث يقدر عدد المتبقين بحوالي 11 ألف شخص، بعد أن نزحت مئات العائلات خلال الأسابيع الماضية نتيجة القصف "الإسرائيلي" المتواصل على القرى والبلدات اللبنانية المحيطة بالمخيم. وقد أدى هذا النزوح إلى تفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين في المخيم وسط مطالب لوكالة "أونروا" بالتحرك الفوري لتوفير الإغاثة اللازمة وتحمل مسؤوليتها الدولية كمؤسسة مكلفة بتقديم الدعم الإنساني.
ويعاني المزارعون أيضًا في مخيم الرشيدية، الأقرب إلى الحدود مع فلسطين جنوبًا، حيث تزدهر زراعة محاصيل الخضروات التي كانت تُباع في سوق مدينة صور (الحسبة) على شتى أنواعها كالباذنجان والفجل والباسورد وغيرها..
المزارع أبو أمين قال لموقعنا، "اضطررنا أنا ووالدي إلى إطعام محاصيل (الهندباء) للبقر؛ بسبب عدم تصريف المحصول، نظرا لتواصل الحرب "الإسرائيلية" على لبنان، ناهيك عن توجيه جيش الاحتلال الإنذارات بإخلاء المخيم.
ويشير أبو أمين، إلى أن حالهم كحال كافة المزارعين، في جنوب أو شمال المخيم، حيث اضطر العديد منهم إلى إتلاف المحصول لعدم إمكانية تصريفه.
93% نسبة الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان قبل الحرب
ووصلت نسبة الفقر المطلق بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى 93% قبل الحرب، بحسب إحصائيات سابقة نشرتها وكالة "أونروا"، مما يعكس التحديات الكبرى التي يواجهها هؤلاء اللاجئون في ظل الظروف الراهنة مع استمرار الحرب "الإسرائيلية" على لبنان.
يأتي ذلك وسط حراك واسع داخل المخيمات الفلسطينية لمطالبة وكالة "أونروا" بوضع خطة إغاثية شاملة للاجئين في المخيمات والمناطق التي شهدت نزوحاً، وكانت الوكالة قد علقت كافة خدماتها في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في منطقة صور منذ بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مشيرة إلى "المخاطر الأمنية" التي تواجهها فرقها، رغم بقاء آلاف اللاجئين صامدين في مخيماتهم وتجمعاتهم.