يعاني مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور، من ظروف كارثية وضعته في دائرة الخطر القصوى، في ظل العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، منذ أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، فيما يتعرض المخيم للتهديدات المستمرة من جيش الاحتلال "الإسرائيلي" الذي يشن عدواناً مكثفاً على منطقة صور، وسط عجز عن النزوح، ومخاطر كبيرة في تأمين مستلزمات المعيشة، ولا سيما الغذائية والصحية منها.
وعلى الرغم من إنذارات الإخلاء التي وجهها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" لأهالي المخيم، فإن أكثر من 3,000 مدني لا يزالون يعيشون داخله في ظل فقر مطلق وانعدام القدرة على النزوح إلى أماكن أكثر أماناً.
بينما فضّل كثيرون البقاء في المخيم لعجزهم عن تأمين بدائل سكنية، يواجه سكان الرشيدية تحديات يومية تنطوي على مخاطر حياتية، منها تأمين المواد الغذائية، ويقول أحد اللاجئين، صاحب مطعم في المخيم في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "أخاطر بنفسي لجلب البضائع من صيدا، فبعض محال الخضار تخاطر أيضاً لجلب ما يحتاجه الناس".
وأضاف: "البقاء في المخيم كان الخيار الوحيد لنا، ولا قدرة لدينا على الاستئجار أو المكوث في مراكز الإيواء او استئجار منازل في مناطق آمنة".
لاجئ آخر، صاحب سوبرماركت، قال: "أهالي المخيم يعيشون ضائقة مادية خانقة، وهناك من لا يملك ثمن رغيف خبز". وأوضح أن جلب البضائع من مناطق بعيدة مثل طرابلس يتم تحت مخاطر كبيرة لضمان توفير احتياجات الأهالي الأساسية.
وفي مشهد يعكس حجم المخاطر، تحدثت بائعة خضار عن شقيقها الذي يغامر بحياته للذهاب إلى سوق الحسبة في صيدا. وأشارت إلى حادثة كاد أن يستشهد فيها بعد أن استهدفت غارة جوية "إسرائيلية" المنطقة التي مر بها.
ارتفاع تكاليف النقل قيد أساسي للنزوح مع فقدان مصادر الرزق
العجز المالي هو السبب الرئيسي وراء بقاء كثيرين في المخيم، حسبما بينت شهادات الأهالي، ويقول أحد اللاجئين لموقعنا: "أجرة الطريق إلى صيدا تبلغ 20 دولاراً للفرد، وهو مبلغ ضخم في ظل الظروف الحالية"، لافتاً إلى أنّ هذا العائق يحرم اللاجئين من الوصول إلى مراكز الإيواء التي خصصتها وكالة "أونروا" في صيدا، مما يزيد معاناتهم.
الأوضاع الصحية في المخيم تفاقمت بشكل كبير مؤخراً، في ظل استمرار وكالة "أونروا" إغلاق عياداتها الصحية، ويقول أحد اللاجئين من ذوي الاحتياجات الخاصة إن توفير الأدوية الشهرية أصبح تحدياً كبيراً، مع استمرار إغلاق عيادة "أونروا" وعدم وصول الأدوية إليها، كما أشار إلى انقطاع الكهرباء وارتفاع تكاليف المولدات، مما يستهلك دخل العائلات المحدود.
العدوان "الإسرائيلي" لم يقتصر على التهجير والدمار، بل أدى أيضاً إلى توقف الأنشطة الاقتصادية، ولا سيما في مخيم الرشيدية، فسكان المخيم، الذين كانوا يعتمدون على العمل الزراعي كمصدر رزق أساسي، وجدوا أنفسهم بلا عمل.
الأراضي الزراعية التي نجت من القصف لم يتمكن المزارعون من زراعتها أو بيع محاصيلها؛ بسبب تدمير الطرقات ونزوح السكان في القرى المجاورة، حسبما بيّن تقرير نشره بوابة اللاجئين الفلسطينيين في وقت سابق.
اقرأ/ي أيضاً محصول ضائع وعدم قدرة على الوصول للأرض.. مأساة مزارعي مخيم الرشيدية خلال العدوان
في ظل هذه الأوضاع، تتواصل معاناة سكان مخيم الرشيدية وسط غياب أي حلول فعلية. ومع إغلاق مراكز "أونروا" وعياداتها الصحية، وتحذيراتها من نقص الوقود الذي قد يؤدي إلى تعطل مضخات المياه، يبقى اللاجئون في مواجهة مصير مجهول، مطالبين المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وتقديم الدعم العاجل لإنقاذ حياتهم.