تتفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وسط موجة غضب عارمة تجاه سياسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" التي أعلنت مؤخراً عن تقديم مساعدات مالية بقيمة 50 دولاراً للأطفال الفلسطينيين في بعض المناطق المتضررة من النزاع، مع استثناء منطقتي الشمال وصيدا.
القرار أثار استياء اللاجئين في كلتا المنطقتين، حيث وصفوه بالتمييز المجحف وغير المبرر، وفق ما أظهره استطلاع لآراء لاجئين فلسطينيين أجراه بوابة اللاجئين الفلسطينيين.
اقرأ/ي الخبر: "أونروا" تعلن عن توزيع مساعدات نقدية للأطفال في لبنان واستثناء لبعض المناطق
لأطفالنا الحق في المساعدة المالية
جهاد بدر، لاجئ فلسطيني من مخيم نهر البارد، عبّر عن استنكاره الشديد لموقعنا قائلاً: "ما أقدمت عليه الأونروا في التمييز بمساعدة الـ 50 دولاراً للأطفال ما هي إلا محاولة لتفريق الشعب الفلسطيني عن بعضه. من هنا، من شمال لبنان، ومن مخيم نهر البارد، نطالب مديرة الأونروا بالإقلاع عن هذه السياسة 'سياسة التفريق' التي تضر بالشعب الفلسطيني، ولن نسمح لها بالمرور مهما كانت الأسباب والأعذار الوهمية والواهية".
وأكد بدر أن جميع الأطفال الفلسطينيين تحت سن 18 بحاجة إلى هذه المساعدة، داعياً إلى تدخل السفارة الفلسطينية ودعوة مديرة الأونروا "دوروثي كلاوس" للتراجع عن القرار وتقديم المساعدة لجميع الأطفال دون استثناء.
إياد عمر، لاجئ آخر من مخيم نهر البارد، وصف القرار بأنه يتماشى مع سياسات تهدف للإضرار باللاجئين الفلسطينيين، وقال: هذه الـ 50 دولاراً التي تقدمها الأونروا كل ثلاثة أشهر، وتأخرت عن دفعها، وفي النهاية تستثني منطقتي الشمال وصيدا منها، هي سياسة صهيونية خبيثة. هذه المساعدة حق لكل طفل فلسطيني في لبنان، وحق لكل مسن".
وأضاف عمر: "منذ أن استلمت دوروثي كلاوس إدارة الأونروا، وهي تمثل الصهيونية، فباشرت بالتقليصات، وتحرم أطفالنا من حقوقهم. هذه الممارسات وحرمان العائلات من المساعدة تسببت بأزمة أكبر من الحرب العسكرية".
استمرار الاحتجاجات لتحقيق المطالب
عماد كنعان، عضو اللجنة الشعبية في مخيم نهر البارد، أكد استياء أهالي المخيم من القرار، قائلاً:
"نحن في مخيم نهر البارد كجان شعبية وفصائل فلسطينية مستاؤون كثيراً من هذا القرار الجائر بحق أبنائنا. طالبنا مديرة شؤون الأونروا دوروثي كلاوس بأن تشمل المساعدة جميع الأطفال، لكنها تقول إن المبلغ غير مؤمن كاملاً وهم بانتظار تأمينه".
وأضاف كنعان: "نحن نخرج في اعتصامات ووقفات مستمرة لمطالبة الأونروا بالوقوف عند مسؤولياتها، ووضع خطة طوارئ شاملة لكل المخيمات والمناطق دون استثناء. وسنبقى مستمرين في هذه الوقفات لحين تحقيق مطالبنا".
تفرقة وانحياز
إبراهيم أبو الحن، عضو الحراك الفلسطيني المستقل في مخيم عين الحلوة، وصف سياسات "أونروا" بأنها تعكس تفرقة مقصودة، وقال لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "إصرار إدارة الأونروا على ابتزاز شعبنا بتقليص خدماتها، وآخرها حرمان جزء من شعبنا من أبسط حقوقه في ظل العدوان الصهيوني البربري وما نتج عنه من بطالة وازدياد حاجات الناس، هو أمر صادم. إعلان دفع مساعدة نقدية لبعض المخيمات والتجمعات وحرمان البعض الآخر يدل على انحيازها للعدو الصهيوني".
وأضاف أبو الحن: "المشكلة اليوم هي الرد الرسمي الفلسطيني، الذي ما زال خجولاً، ويفتقر إلى الإصرار"، كما طالب "اللجان الشعبية والمؤسسات الاجتماعية والخدماتية بمحاصرة دوروثي كلاوس وطاقمها الإداري لوضعهم أمام مسؤولياتهم".
ودعا أبو الحن باسم الحراك الفلسطيني المستقل مركز القرار السياسي الفلسطيني إلى الإعلان بأن المديرة شخص غير مرغوب به في التعامل مع قضايا اللاجئين ومعاناتهم واحتياجاتهم.
معاناة الأمهات وصوت الاحتجاجات
رولا عوض، لاجئة وأم من مخيم عين الحلوة، تحدثت عن معاناة الأمهات، وقالت:"استثناء الأونروا لمنطقة صيدا والشمال وعدم دفعها 50 دولاراً يظهر عدم مبالاة بالاعتصامات التي نقوم بها، وكأن 'لا عين رأت ولا أذن سمعت'. نحن في مخيم عين الحلوة أوضاعنا المعيشية صعبة جداً قبل العدوان الإسرائيلي على لبنان. وفي الحرب تعطلت أعمال رجالنا، وارتفعت البطالة بشكل كبير. ننتظر 50 دولاراً كل ثلاثة أشهر لنستر بها أنفسنا".
وأوضحت عوض أن اللاجئين يعتمدون على هذه المساعدة لتلبية احتياجات أساسية مثل شراء الأدوية، ودفع إيجارات المنازل، أو تأمين الكهرباء والطعام. وأضافت: "هذه المعاناة ليست محصورة على أهالي مخيم عين الحلوة، بل تشمل جميع المخيمات الفلسطينية في الشتات".
وتشهد المخيمات الفلسطينية سلسلة من الاعتصامات المستمرة، وسط دعوات مكثفة لإلغاء قرار "أونروا" وتمكين الأطفال في جميع المناطق من حقوقهم دون تمييز، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي يواجهها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.