يقترب الاحتلال من تنفيذ التشريعات التي أقرّها الكنيست "الإسرائيلي" التي تقضي بإنهاء عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما أثار ردود فعل واسعة النطاق على المستويين الدولي والإقليمي، وسط تحذيرات من تداعيات القرار الإنسانية والسياسية.
وفي تقرير صادر عن معهد دراسات الأمن القومي "الإسرائيلي" تناول هذه التشريعات بالتفصيل، مستعرضاً تداعياتها الإنسانية والسياسية، محذراً من عواقب كارثية على الفلسطينيين، ومشيراً إلى التحديات القانونية التي قد تواجه "إسرائيل".
التشريعات "الإسرائيلية" حظيت بدعم محلي "إسرائيلي" واسع، لكنها قوبلت بانتقادات شديدة على الساحة الدولية، فالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حذر من "نتائج هدامة"، مؤكدًا أنه لا بديل عن "أونروا" وفي 11 ديسمبر، مررت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو "إسرائيل" إلى إزالة القيود المفروضة على عمل الوكالة، فيما دول عدة عبّرت عن قلقها من تأثير هذه الخطوة على الخدمات التي تقدمها، خاصة مع احتمالات انتشار المجاعة والأوبئة في غزة وأضرار غير مسبوقة على خدمات الوكالة في الضفة الغربية.
تأثيرات مباشرة على الفلسطينيين
وتناول التقرير، تأثير القرار المباشر على الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث تُشغّل "أونروا" نحو 3700 موظف، وتقدم خدمات أساسية لما يزيد على 150 ألف فلسطيني.
فالوكالة تدير 96 مدرسة، 43 مركزاً صحياً ومستشفى، وتتحمل مسؤولية جمع النفايات في مخيمات اللاجئين، بدون بديل، من المتوقع تعطيل تعليم 47 ألف طالب، وتفاقم البطالة وانهيار دخل الموظفين، في وقت تعاني فيه السلطة الفلسطينية أصلًا من ضعف مالي، لا تبدو قادرة على سد الفجوة، مما ينذر بأزمة حادة في منطقة تتجاوز فيها البطالة نسبة 30%.. حسبما أورد التقرير.
أما في غزة، حيث تعمل "أونروا" على تشغيل 13 ألف موظف وتقدم الخدمات لغالبية السكان، بين التقرير، أنّ التشريعات تهدد بمضاعفة الأزمة الإنسانية، نظراً لكون الوكالة مسؤولة عن توزيع الغذاء على مئات الآلاف وإدارة مراكز الإيواء، ومع دخول الشتاء، ستكون الكارثة أكثر خطورة، حيث يعتمد معظم السكان على خدمات الوكالة بعد عام على الحرب.
غياب خطة بديلة وتداعيات قانونية على "إسرائيل"
وجاء في التقرير، أنّ التشريعات مرّت في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، دون خطة منظمة لتوفير بدائل لوجستية وخدمية، مما قد يترك الفلسطينيين في غزة والضفة دون حلول كافية، بينما محاولات "إسرائيل" الاعتماد على جهات أممية أخرى لم تكلل بالنجاح نتيجة أزمة ثقة بين هذه الجهات والأمم المتحدة، في حين طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من هذه الجهات تجنب تحمل مسؤوليات "أونروا"
وأشار التقرير إلى التداعيات القانونية، حيث تمثل التشريعات خرقاً لاتفاقيات الأمم المتحدة التي تلزم "إسرائيل" بالتعاون مع وكالاتها، فهذا الخرق دفع لتجديد الدعوات لإخراج "إسرائيل" من الأمم المتحدة، على غرار ما حدث مع جنوب إفريقيا في عام 1974.
وعلاوة على ذلك، تُستخدم هذه التشريعات كأدلة في المحاكم الدولية ضد "إسرائيل"، مع اتهامات بارتكاب جرائم مثل العقوبات الجماعية ومنع المساعدات الإنسانية. حسبما جاء في التقرير.
وبعد أسبوع من إقرار التشريعات، صدر تقرير دولي في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر يحذر من مجاعة وشيكة في غزة، مشيراً إلى أن تطبيق القوانين سيؤدي إلى كارثة إنسانية، فيما لفت إلى أنّ التقرير أثار اهتمام قضاة المحكمة الدولية، الذين يُعتقد أنهم أصدروا أوامر اعتقال بحق مسؤولين "إسرائيليين" مثل "بنيامين نتنياهو" و"يوآف غالانت".
ولفت التقرير إلى أنّ، التشريعات تستهدف أيضاً عمل "أونروا" في القدس الشرقية، خاصة في مخيم شعفاط الذي يقدم خدمات لـ 16 ألف لاجئ، حيث سيؤدي وقف عمل الوكالة هناك إلى تحميل بلدية القدس مسؤولية توفير خدمات التعليم، الصحة، النظافة، وغيرها، ما يمثل عبئاً كبيراً على "إسرائيل".
وأشار التقرير إلى أنّ التشريعات دفعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ ديسمبر لتبني قرار يطالب المحكمة الجنائية الدولية بإصدار رأي استشاري بشأن التزامات "إسرائيل" تجاه إدخال المساعدات الإنسانية، وهو قرار جاء استمراريةً للرأي السابق الذي أكد عدم قانونية الاحتلال "الإسرائيلي" وطالب الدول بالامتناع عن التعاون معه.
ولفت التقرير إلى تداعيات إضافية، حول التدهور الإنساني المتوقع في الضفة وغزة، وقد يؤدي إلى قرارات وإدانات إضافية في الأمم المتحدة، مما يزيد عزلة "إسرائيل" على الساحة الدولية. ورغم أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة، إلا أنها تُحدث ضغطًا حقيقياً على دول ومؤسسات للتراجع عن علاقاتها مع "إسرائيل." حسبما جاء في تقرير المعهد " الإسرائيلي".