في جنوب العاصمة السورية دمشق، حيث يرقد مخيم اليرموك كأيقونة للمأساة الفلسطينية، تبدو العودة إلى أطلاله خجولة ومثقلة بالصعوبات، وقد تحول المخيم الذي شكل طيلة عقود ماضية "عاصمة الشتات الفلسطيني" في سوريا إلى مجرد أطلال وكتل عمرانية مدمّرة شاهدة على قصف تعرض له المخيم من قبل طمس أكثر من 60% من مساحته، بينما يواجه سكانه العائدون ظروفاً قاسية وانعداماً شبه تام لمقومات الحياة.

مشاهد الخراب تسيطر على المخيم، حيث الأحياء الجنوبية والجنوبية الغربية والشرقية مدمرة عن بكرة أبيها، فيما الأحياء القديمة التي نجت جزئياً من القصف تحتاج إلى جهود جبارة لإعادة تأهيلها.

الأزقة المدمرة ما زالت تئن تحت وطأة الشوق لأهلها الذين هجّروا قسراً، بينما تنتصب بوابة المخيم كمراقب صامت، تنادي العائدين صباحاً وتعاتب من لم يعد نتيجة انعدام الخدمات الأساسية.

شهادات توثق الصعوبات التي تواجه العائدين

مع عودة نحو أربعة آلاف لاجئ فقط إلى المخيم من أصل أكثر من مليون ومائتي ألف فلسطيني وسوري كانوا يقطنون فيه، يواجه هؤلاء واقعاً قاسياً في ظل غياب البنية التحتية والخدمات.

اللاجئة ميادة حمزات، التي عادت مع شقيقتيها إلى منزل عائلتها بعد سبعة أشهر من معاناة مع الإيجارات الباهظة، تصف وضعها في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين قائلة: "اضطررنا للعودة إلى بيت أهلي بسبب الأوضاع المادية وعدم قدرتنا على دفع الإيجار خارج المخيم، ورممنا ما استطعنا"

وأضافت: "كان هناك جدران مهدمة أصلحنا بعضها، لكننا لم نتمكن من تركيب الأبواب، واستخدمنا برادي مؤقتة مكانها، ووضعنا مدفأة حطب لأننا لا نملك مازوت التدفئة، أما الماء الساخن، فنسخنه على الغاز، فلا كهرباء لدينا لتشغيل أي أجهزة."

موضوع ذو صلة: مبادرات لفتح الطرقات في مخيم اليرموك وإزالة الردم من مناطق حيوية

أما عمر حديد، أحد العائدين إلى المخيم، فيعكس صورة أكثر قتامة ويقول لموقعنا: "أغلب السكان هنا يعيشون في بيوت بلا أبواب أو نوافذ، يغطون الفتحات بأغطية ونايلون، فالوضع مأساوي، المخيم منكوب بكل معنى الكلمة."

زياد صالح، لاجئ آخر، يلخص معاناة الجميع ويتحدث عن أولويات الأهالي قائلاً: "أهم شيء نحتاجه الآن هو المياه"، ويضيف: " المخيم يحتاج إلى إعادة تأهيل للصرف الصحي أيضاً، والمواصلات سيئة للغاية، وخاصة في منطقة العروبة."

موضوع ذو صلة: أهالي مخيم اليرموك يطالبون بتحسين الخدمات وإزالة النفايات المتراكمة

بدوره، يضيف أحمد مصطفى أحمد مشيراً إلى احتياجات أساسية أخرى: ويقول: "كنا نملك أكثر من عشرين فرنًا في المخيم، أما الآن فأضطر للذهاب إلى الزاهرة أو باب مصلى (أحياء في دمشق تبعد عدة كيلو مترات عن المخيم) لجلب الخبز، إذا كنتم تريدون عودة الناس، فعليكم توفير أبسط الخدمات؛ الكهرباء، الماء، والأفران."

ورغم الدمار وانعدام مقومات الحياة، يصر العائدون على البقاء والدفاع عن أحلامهم بالعودة، بجهودهم الشخصية، ورغم الفقر المدقع الذي يطوق 90% من اللاجئين الفلسطينيين وفق إحصائيات الأمم المتحدة، يحاولون استصلاح منازلهم وترميمها، وإن كان ذلك بطرق بدائية وفي ظروف غير مؤهلة للسكن.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد