في خطوة تصعيدية جديدة، شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان اليوم السبت 1 شباط/ فبراير سلسلة من الاحتجاجات التي تجسدت في إضرابات ووقفات رفضًا لقرارات وكالة "أونروا" التي وصفها المحتجون بـ "المجحفة"، والمتمثلة بقرار وقف عمل خمسة من المعلمين في مدارس الوكالة بلبنان لمشاركتهم في نشاطات وطنية اجتماعية لإغاثة المنكوبين في قطاع غزة جراء حرب الإبادة "الإسرائيلية" الأخيرة.
وضمن الأسبوع الأول من شهر تصعيد احتجاجي والذي يشكل جزءًا من تحركات أوسع ضد الإجراءات "التي تهدد مستقبل التعليم والخدمات في المخيمات الفلسطينية" بحسب ما أعلن اتحاد معلمي الوكالة الذي دعا إلى التصعيد، غادر الطلاب في مدارس "أونروا" صفوفهم مع بداية الحصة الأخيرة ونظموا مع المعلمين وقفات داخل المدارس رفعووا فيها شعارات رافضة لقرار "أونروا" بحق موظفيها.
فصل الأساتذة.. تهديد مباشر لمستقبل الأجيال الفلسطينية
قرار إدارة "أونروا" لم تثر سخط المعلمين فقط، بل الطلاب وأولياء الأمور ومعظم اللاجئين الفلسطينيين في المخيم الذين شكلت هذه القرارات بالنسبة لهم مصدر قلق يضاف إلى ما يعيشونه أصلاً من حالات قلق في المخيمات.
أبو أحمد، لاجئ فلسطيني من مخيم الجليل في البقاع اللبناني يرى بأن فصل معلمين على خلفية التضامن مع غزة ، تهديد مباشر لمستقبل الطلاب وبداية "لتدمير التعليم الفلسطيني. في وقت يواجه فيه اللاجئون العديد من الصعوبات الاقتصادية، تأتي هذه القرارات لتفاقم معاناتهم وتثير مخاوف من تصفية حقوقهم".
يقول أبو أحمد لموقعنا: إنه على الرغم من إلغاء المساعدة الشهرية بقيمة 50 دولارًا التي استفزت اللاجئين، يرى كثيرون أن هذه التقليصات جزء من مخطط أوسع لتصفية "أونروا" واستبدالها بمنظمات دولية أو غير حكومية تفتقر إلى التعبير السياسي الذي تمثله "أونروا" كشاهد حي على النكبة وحق العودة.
الاحتجاجات التي بدأت في مخيم نهر البارد ثم امتدت إلى البداوي وصيدا وصور والبقاع تعكس الغضب الشبابي اتجاه هذه الإجراءات، ومخاوف كبيرة من تصفية القضية الفلسطينية، كونها تتزامن مع هجمة "إسرائيلية" غير مسبوقة على وكالة "أونروا".
نرفض ربط الاستحقاق الوظيفي بالتخلي عن الانتماء الوطني
ميرفت، لاجئة فلسطينية من مخيم نهر البارد، تقول: "ما يحدث اليوم هو بداية لمعركة أكبر من أجل حقوقنا"، مضيفة: إن "تصريحات مديرة (أونروا) في لبنان دوروثي كلاوس، عن المعلمين الموقوفين كانت مستفزة وغير عادلة، وهذه المواقف ضدنا جميعًا كلاجئين"
ميرفت تؤكد أن الحراك الشبابي لن يتوقف، وتؤكد: "من الأسبوع القادم، سنعلن النفير العام وسنوجه لمقر (أونروا) في بيروت، وسنحدد نقاط التجمع قريبًا.
ترى ميرفت أن قرارات الوكالة بحق موظفيها تساوقاً مع المشاريع الهادفة لإلغاء دورها، وتضيف: "هذه المؤامرة لن تمر".
وفي مخيم البداوي أيضاً، يؤكد محمد، اللاجئ الفلسطيني، رفض المخيم لجميع إجراءات "أونروا" التي تربط بين الاستحقاق الوظيفي والانتماء الوطني السياسي.
ويقول: "من اليوم السبت 1 شباط/ فبراير 2025، بدأ الاضراب وكان جزئيًا، حيث يغادر الطلاب الصفوف مع بداية الحصة الأخيرة من مدرسة الناصرة، بعدها ستنظم الأندية الطلابية والشبابية والرياضية وقفة تضامنية. هذا التحرك يأتي اعتراضًا على قرارات (أونروا) المجحفة بحق الموظفين، حيثي يتم إيقافهم دون تحقيق".
(أونروا).. فكرة سياسية تمثل قضية شعب
ميرا، لاجئة فلسطينية من مخيم عين الحلوة، تطالب الأمم المتحدة التحرك الفوري ضد هذا القرار وتصفه بـ "الجائر والذي ينتهك الاتفاقيات الدولية"
وأضافت: “أونروا ليست مجرد وكالة غوث، إنها فكرة سياسية بحد ذاتها، تمثل قضية شعب بأسره".
من مخيم برج الشمالي، يؤكد وسيم بأن الأساتذة المفصولين جزء من قضية كل الفلسطينيين في لبنان، قائلاً: "لن نسمح بتصفية الحقوق بهذه الطريقة".
يضيف وسيم بأن "التصعيد مستمر ولن نتراجع عن مطالبنا، (أونروا) لا يمكنها أن تكون جزءًا من المشكلة، بل يجب أن تكون جزءًا من الحل".
الاحتجاجات التي شهدتها المخيمات الفلسطينية اليوم تعكس تصاعدًا في الغضب الفلسطيني ضد سياسات وكالة "أونروا"، والتي ترى فيها شريحة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين بأنها أحد أشكال تكميم الأفواه منجهة، ومن جهة ثانية فهي تهدد مستقبل التعليم والخدمات الأساسية، إذ لا تنظر إدارة الوكالة إلى القيمة العلمية والعملية التي يقدمها الأساتذة في رفد العملية التعليمية، وأثر غيابهم على مسقبل الطلاب، بل تعاقبهم على نشاطات لهم من حقهم الإنساني أن يمارسوها دون أن تتهدد وظائفهم.
ومع تصاعد التحركات الميدانية، فإن التحدي الأكبر يكمن في استجابة ا"أونروا" لمطالب الفلسطينيين وأصوات احتجاجهم التي طالت مدتها دون أن تجد آذاناً صاغية إلى الآن.