فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الخميس 6 شباط/ فبراير، عقوبات تستهدف الأفراد الذين يساعدون في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بمواطني الولايات المتحدة أو حلفائها، وعلى رأسهم كيان الاحتلال "الإسرائيلي."
ووقع ترامب على العقوبات الاقتصادية وعقوبات السفر، في إجراء يعيد تكرار سياسة سابقة اتخذها خلال ولايته الأولى، في خطوة تزامنت مع زيارة رئيس وزراء الاحتلال "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، وذلك في ظل تصاعد الضغوط الدولية على "إسرائيل" بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الأمن "الإسرائيلي" السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح حرب خلال الهجمات "الإسرائيلية" على قطاع غزة، والتي أودت بحياة أكثر من 47 ألف مدني.
ردود فعل دولية أدانت القرار الأمريكي
من جهتها، أدانت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الجمعة، قرار ترامب بفرض العقوبات، معتبرة أنه يقوّض عملها القضائي.
وحثت المحكمة الدول الأعضاء البالغ عددها 125 دولة على "الوقوف متحدين من أجل العدالة وحقوق الإنسان"، مؤكدة في بيان رسمي أنها "تقف بحزم إلى جانب موظفيها، وتتعهد بمواصلة تحقيق العدالة ومنح الأمل لملايين الضحايا الأبرياء للفظائع التي ترتكب في شتى أنحاء العالم".
كما أثارت العقوبات التي فرضها ترامب ردود فعل متباينة على الساحة الدولية، وعبرت رئيسة المفوضية الأوروبية، "أورسولا فون ديرلاين"، عن دعمها للمحكمة الجنائية الدولية، مؤكدة أن المحكمة يجب أن تكون قادرة على أداء دورها بحرية في مكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة عن الجرائم الدولية.
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الهولندي، "كاسبار فيلدكامب"، أن العقوبات الأميركية "مؤسفة"، مشيراً إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تؤدي دوراً محورياً في مكافحة الإفلات من العقاب.
وأضاف في بيان أن "هولندا، التي تستضيف المحكمة، تتمتع بسمعة قوية في تعزيز النظام القانوني الدولي، وستظل ملتزمة بالاتفاقيات الدولية".
من جانبه، رئيس المجلس الأوروبي "أنتونيو كوستا"، حذرّ اليوم الجمعة من أنّ العقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها تهدّد المنظومة القضائية الأوسع. وكتب كوستا على منصة (إكس): "إنّ فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية يهدّد استقلالية المحكمة ويقوّض المنظومة القضائية الجنائية الدولية بنطاقها الواسع".
في المقابل، أيد وزير الخارجية المجري، بيتر سيارتو، العقوبات الأميركية، معتبراً أن المحكمة الجنائية الدولية باتت "أداة سياسية متحيزة"، وألمح إلى أن بلاده تراجع تعاونها مع المحكمة.
وتأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 للنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجريمة العدوان، خاصة في الحالات التي تكون فيها الدول الأعضاء غير راغبة أو غير قادرة على القيام بالتحقيقات بنفسها.
وتمتلك المحكمة صلاحية النظر في الجرائم التي يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء، أو التي تُرتكب على أراضي الدول الأعضاء.
وتشير العقوبات الأميركية إلى تصعيد جديد في المواجهة بين الولايات المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، ما قد يؤدي إلى تعقيد جهود المحكمة في محاسبة المسؤولين "الإسرائيليين" على الجرائم المرتكبة في غزة. وفي ظل الاستقطاب الدولي، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى قدرة المحكمة على الصمود في وجه هذه الضغوط والاستمرار في دورها بتحقيق العدالة الدولية.