يدخل اللاجئون الفلسطينيون في مخيم نهر البارد عامهم الثامن عشر من المعاناة، وسط استمرار أزمة إعادة الإعمار وغياب أي أفق لحلّ جذري لمأساتهم المستمرة منذ الحرب التي اندلعت عام 2007 بين الجيش اللبناني وجماعة "فتح الإسلام"، التي اتخذت المخيم مقراً لها في ذلك الوقت. 

خلال تلك الحرب، تعرض المخيم لحصار امتد ثلاثة أشهر، تخلله قصف مدفعي وجوي أدى إلى تدمير ما يقارب 95% من مبانيه وبنيته التحتية، ما أجبر سكانه على النزوح القسري.

ومع انتهاء المعارك، تعهدت الدولة اللبنانية بإعادة إعمار المخيم، ودعت إلى مؤتمر دولي في العاصمة النمساوية فيينا بمشاركة ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، الجامعة العربية، الولايات المتحدة، ودول أخرى، إلا أن المؤتمر لم ينجح في تأمين المبلغ المطلوب للإعمار، لتبقى أكثر من 500 عائلة حتى اليوم بلا مأوى دائم.

شهادات المتضررين: انتظارٌ طويل ومعاناة بلا نهاية

تعكس شهادات اللاجئين التي سجلها بوابة اللاجئين الفلسطينيين في المخيم حجم المعاناة التي لا تزال تطاردهم منذ 18 عاماً، إذ تقول اللاجئة الفلسطينية عزيزة وهبة وهي ابنة واحدة من العائلات التي لم يتم إعمار منزلها: "أنا واحدة من العائلات التي لم يتم إعمار منزلنا ومن الأسر التي ما زالت تتحمل آلام النكبة والنزوح، أنا واحدة من الأهالي الذين تركوا لمصيرهم بين التشرد والانتهازية تحت ظل الأونروا وفسادها والظلم علينا بالنسبة لحقوقنا المشروعة منذ (18) عشرة عاماً"، حسب قولها.

من جهتها، تقول اللاجئة الفلسطينية زهرة المغربي: "حتى اليوم لم يتم بناء منازلنا بحجج كثيرة، عندما خرجنا من البركسات طالبنا بضمانات لإعمار منازلنا، إلى جانب بدل إيجار، لكننا لم نحصل على شيء."

أما مروة زعرورة، فتوضح حجم الإهمال الذي يواجهونه: "ما زلنا نعيش بالإيجار، ولا نعلم متى سيتم بناء منازلنا، بعد 18 عاماً، لم تُرسم حتى خرائط الإعمار، ولا توجد أي إشارات للأمل."

لا يقتصر الوضع على تأخر إعادة الإعمار، بل يزداد سوءاً مع ارتفاع أسعار الإيجارات وتراجع قدرة اللاجئين على تحمل أعبائها، في ظل توقف "أونروا" عن دفع بدل الإيجار منذ شهرين.

يقول اللاجئ حسين ديب: "عانينا كثيراً من الانتقال من منزل إلى آخر بسبب ارتفاع الأسعار، والوضع المعيشي صار سيئاً جداً"، ويضيف: طالبنا "أونروا" بزيادة بدل الإيجار، لكنها تأخرت في دفعه.

بدورها، تصف وهبة الوضع بأنه "لا يُطاق" بسبب ارتفاع الإيجارات بشكل هائل، وترى أن التأخير المستمر في تحديد موعد لإعادة الإعمار يعود إلى "الهدر والسرقات والتلاعب بالخرائط وخطط الإعمار" بحسب اعتقادها.

أما زهرة المغربي، فتوضح: "الأونروا تحسب لنا 100 دولار بدل إيجار، لكنها لم تعد تكفي، اليوم، نواجه تهديدات بالطرد من المنازل، وإذا لم يُدفع لنا بدل الإيجار قريبًا، سنضطر لاحتلال المدارس ومكاتب الأونروا للسكن فيها."

قرار بتصعيد أهلي ضد "استهتار أونروا"

في ظل تزايد الغضب، عقدت العائلات المتضررة اجتماعاً مساء الأربعاء 12 شباط/فبراير في قاعة مسجد القدس في المخيم، حيث ناقشوا تفاقم سوء أوضاعهم المعيشية، وقرروا المضي في خطوات تصعيدية في حال استمرار تأخر دفع بدل الإيجار وغياب أي تقدم في ملف إعادة الإعمار.

اجتماع أصحاب المنازل المدمرة في مخيم نهر البارد.jpg

في هذا السياق، يؤكد إبراهيم عثمان، مسؤول لجنة أصحاب المنازل المدمرة أن الأوضاع المعيشية للأهالي مأساوية، وهم في حالة نزوح مستمر، وأن ارتفاع بدل الإيجار صار يثقل كواهلهم، ولا يمكن الاستمرار بهذا الشكل، مطالباً بتحديد موعد واضح لإنهاء الإعمار، وزيادة قيمة بدل الإيجار لمواكبة الغلاء، ورفع قيمة شيك بدل العفش.

ودعا عثمان، جميع المعنيين بملف إعادة إعمار مخيّم نهر البارد إلى "ضرورة تحديد تاريخ زمني واضح لإنهاء الإعمار، وزيادة قيمة بدل الايجار، نتيجة الارتفاع الهستيري بإيجار المنازل، وزيادة قيمة مبلغ بدل الأثاث، ويوضح: "خصوصا بعد ان زادت ورفعت أونروا رقم المبلغ الذي تحتاجه لإنهاء الإعمار بذريعة ارتفاع أسعار المواد عالمياً".

في بيان لها صدر يوم الخميس 13 شباط/ فبراير، أكدت "أونروا" أن إعادة إعمار نهر البارد ستظل أولوية لعام 2025، مشيرة إلى التزامها بمواصلة دفع بدلات الإيجار للعائلات النازحة حتى استكمال بناء منازلها. كما أوضحت أن التأخير في دفع البدلات يرجع إلى انتظار الميزانية الجديدة، متوقعة أن يتم صرفها قريباً.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد