حلّ شهر رمضان في قطاع غزة وسط استقبال خجول، هو رمضان الأول بعد وقف إطلاق النار ولكن ليس بعد انتهاء المأساة، فهي ما زالت باقية.
زيّن الفلسطينيون في القطاع المكلوم خيامهم وما تبقى من الجدران وبعض أنقاض المنازل المدمرة ترحيباً بالشهر الفضيل، وتعبيراً منهم على اجتراح الفرح في أي مناسبة ومن وسط الآلام.
ويستقبل نحو 90 بالمائة من الفلسطينيين هذا العام شهر رمضان وهم نازحين بلا مأوى، يقبعون في الخيام ومراكز الإيواء أو فوق أنقاض منازلهم دون موائد تجمعهم كما السابق.
أكثر من 50 ألف فلسطيني فقدوا بين شهيد ومفقود ما يجعل اللّمات ناقصة ومليئة بالغصات والقهر
المساجد هي الأخرى صاحبة الطقوس الأهم في رمضان بقطاع غزة، تئن هذا العام وقد دمرت جراء القصف والاستهداف، ولم تعد تستطع استقبال المصلين والمعتكفين الذين تحولوا لأداء هذه الشعائر إما فوق أنقاض المساجد نفسها أو فوق ركام منازلهم وداخل الخيام.
ورغم ذلك يحاول الفلسطينيون اجتراح الفرح وخلق أجواء رمضانية تشبه ما كانت عليه قبل حرب الإبادة، في بعض المناطق عملوا على إنشاء مصليات صغيرة على مقربة من المساجد المدمرة، مستخدمين الشوادر وسجاد الصلاة كما خصصوا أماكن في المدارس ومخيمات الإيواء لإقامة صلوات الجماعة وصلاة التراويح.
وفي شمالي قطاع غزة، استقبل الفلسطينيون في مخيم جباليا للاجئين الشهر الفضيل فيما كانت خيامهم تغرق بفعل مياه الأمطار وعدم توفر مراكز إيواء في هذه المناطق حيث ان 90% من المنازل قد دمرت، بينما تواجه مناطق بيت لاهيا وبيت حانون مأساة يعيشها النازحون مع استمرار عرقلة الاحتلال إدخال الخيام والبيوت المتنقلة وفق ما نص عليه البروتوكول الإنساني لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، سلطت مشاهد تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي لأول مائدة سحور جماعي في شهر رمضان نظمها الأهالي من النازحين على أنقاض المنازل حيث تجمع عشرات الفلسطينيين وعلقت زينة وإضاءة رمضان فوق المنازل المدمرة وشكلت مشهداً لصمود الفلسطينيين وإصرارهم على عدم ترك أحيائهم ومنازلهم المدمرة.
أما في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة لم يتمكن 70% من الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم لإحياء الطقوس الرمضانية ، بسبب استمرار وجود الاحتلال وآلياته العسكرية ويعيق عودة الحياة لطبيعتها في المدينة حيث يستهدف كل من حاول العودة لتفقد منزله وهو الأمر الذي أسفر عن شهداء وإصابات خلال الأيام الماضية.
تحديات تواجه الفلسطينيين في تأمين طعام السحور والفطور
ووسط ظروف إنسانية قاسية، يواجه معظم الفلسطينيين الناجين من حرب الإبادة في القطاع تحديات في توفير الطعام والشراب لعوائهم على موائد السحور والإفطار في ظل غياب المساعدات الإنسانية حيث بات جميع سكان قطاع غزة يعانون من الفقر الذي بلغ نسبة 100% بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي.
كما وثق التقرير تجاوز نسبة التضخم الاقتصادي في غزة 250% كنتيجة لتداعيات الحرب "الإسرائيلية"، لافتاً إلى حصول انكماش باقتصاد غزة بنسبة 86%.
وقد أدت الحرب وتوقف الكثير من المصالح التجارية وتدمير المحال والمصانع، إلى خلق هذه النسبة الكبيرة من البطالة، وتركت الأُسر بلا دخل، فيما رفعت الحرب من أسعار السلع الأساسية بشكل كبير.
والحال هذه تعم على جميع أنحاء قطاع غزة حيث صار التسوق وقضاء الحاجيات في ظل وضع انساني صعب همّاً يقل قلوب الأهالي والنازحين لا سيما مع افتقار الأسواق لأبرز الحاجات الأساسية وما يتوفر يعرض بأسعار غير معقولة وتفوق طاقة الفلسطينيين.
ومع قدوم شهر رمضان قدمت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مساعدات غذائية حيوية لما يقارب 2 مليون شخص في غزة يما يشمل ذلك طرودًا غذائية لحوالي 2 مليون شخص والطحين لما يقدر بـ 1.3 مليون شخص.
وتواصل الوكالة الأممية رغم القوانين "الاسرائيلية" لحظر الوكالة ومنعها من العمل داخل الأراضي الفلسطينية في إطار جهودها المستمرة للتخفيف من معاناة السكان المتأثرين بالأوضاع المعيشية الصعبة.