يواصل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" عدوانه الواسع على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في شمالي الضفة الغربية، مع استمرار عمليات القصف والتجريف والاعتقالات الجماعية، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين قسراً وسط تصعيد غير مسبوق منذ بدء الاحتلال حملته العسكرية، في مخطط يعكس توجه الاحتلال لمحو المخيمات وتغيير بنيتها الهندسية وتعريفها الإداري.
عدوان مستمر على مخيم جنين لتغيير طابعه التاريخي
في مخيم جنين، الذي يواجه عدواناً عسكرياً مستمراً منذ 65 يوماً، أُجبر نحو 21 ألف فلسطيني على النزوح قسراً، في ظل مواصلة الاحتلال عمليات الهدم والتجريف، التي شملت نحو 200 منزل حتى الآن، وفق تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، التي أضافت أن الجيش "الإسرائيلي" ينوي منع الفلسطينيين من إعادة البناء في المناطق التي هدمها.
وتحت عنوان (طمس رواية اللاجئين: خطة الجيش "الإسرائيلي" لتفكيك المخيمات في الضفة الغربية) جاء في تقرير الصحيفة العبرية أن جيش الاحتلال لديه خطة مماثلة لتدمير مخيمات اللاجئين الـ 18 في الضفة، موضحة أن "هذا له تأثير معرفي وهو طمس فكرة ورواية اللاجئين التي تعمل عوامل مختلفة على تعزيزها بين الفلسطينيين وتهدف المخيمات إلى إدامتها وبالتالي الحصول على المساعدة من الخارج"
وأشارت الصحيفة إلى أن جيش الاحتلال يسعى إلى إعادة تشكيل المخيم هندسياً ليصبح مجرد حي داخل مدينة جنين، في خطوة تهدف إلى تغيير طابعه التاريخي كمخيم للاجئين الفلسطينيين.
كما وثّقت بلدية جنين قيام قوات الاحتلال بهدم 66 بناية، ما يعادل قرابة 300 منزل داخل المخيم، إلى جانب تجريف 100% من شوارعه و80% من شوارع مدينة جنين.
وبلغ عدد الأسر التي هجرت قسراً من المخيم 3200 أسرة، بينما يواصل جيش الاحتلال منع الأهالي من العودة إلى منازلهم أو حتى الوصول إليها لإخراج حاجياتهم الأساسية.
طولكرم ونور شمس: تهجير جماعي وتدمير واسع
في طولكرم، يستمر العدوان "الإسرائيلي" على المدينة ومخيميها، حيث بلغت عمليات التهجير القسري ذروتها مع نزوح أكثر من 4000 عائلة جراء الحصار المشدد والعمليات العسكرية التي دخلت يومها الـ 59 في مخيم طولكرم و 46 في مخيم نور شمس.
واقتحمت قوات الاحتلال المخيمين بقوات معززة من الدبابات والجرافات، ووسّعت نطاق الحصار المفروض عليهما، ما أدى إلى إجبار ما تبقى من العائلات في حارتي الحدايدة والربايعة على النزوح تحت تهديد السلاح.
كما وثقت مصادر محلية الاستيلاء على 10 عمارات سكنية في منطقة الحي الشمالي المحاذية لشارع نابلس، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية بعد طرد سكانها منها قسراً.
وأفادت التقارير بأن الاحتلال دمر 396 منزلاً بالكامل و2573 منزلاً جزئياً بشكل جزئي في المخيمين، فضلاً عن إغلاق أزقتهما بالسواتر الترابية، وفرض قيود على حركة الأهالي والمركبات، في مشهد يعكس حملة تطهير تهدف إلى تفريغ المخيمات من سكانها وإحكام السيطرة عليها.
إلى جانب التهجير والتدمير، تواصل قوات الاحتلال حملات الاعتقال العشوائية بحق الفلسطينيين، ففي جنين، بلغ عدد المعتقلين منذ بدء العدوان أواخر كانون الثاني / يناير الماضي نحو 230 فلسطينياً، فيما شهدت مدينة طولكرم وبلداتها حملة اعتقالات واسعة طالت عدة شبان، أبرزهم فارس عامر فارس، وأحمد إياد أبو صلاح، وصهيب معروف، وقاسم سلطان علارية، بعد مداهمة منازلهم وتخريب محتوياتها.
وفي رام الله، أصيب الشاب يوسف سرور برصاصة في البطن بعد إطلاق النار عليه من قبل جنود الاحتلال، الذين تركوه ينزف لساعات قرب مستوطنة "نيلي"، قبل أن يتمكن الأهالي من نقله إلى المستشفى، حيث وصفت حالته بالخطيرة.
ومنذ بدء العدوان "الإسرائيلي" على مخيم جنين، استشهد 34 فلسطينياً وأصيب العشرات، فيما أدى العدوان على طولكرم ومخيماتها إلى استشهاد 13 فلسطينياً، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما حامل في الشهر الثامن، وسط دمار شامل طال البنية التحتية والمحال التجارية والمركبات.
وتُظهر التطورات الميدانية أن الاحتلال لا يكتفي بفرض الحصار والدمار، بل يسعى إلى إحداث تغيير ديمغرافي وهندسي في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، عبر سياسة التهجير القسري وهدم المنازل، في محاولة لإلغاء صفة المخيمات كرمز للنضال الفلسطيني واللجوء القسري.
ومع استمرار العمليات العسكرية، تزداد المخاوف من تصعيد أكبر قد يؤدي إلى موجات نزوح جديدة، ما يفاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في الضفة الغربية.