تواصل قوات الاحتلال "الإسرائيلي" شن غارات عنيفة على مناطق متفرقة في قطاع غزة، مستهدفة منازل الفلسطينيين وتجمعاتهم، إلى جانب مراكز وخيام إيواء النازحين، ما أدى إلى وقوع مزيد من الشهداء والجرحى، وسط تحذيرات دولية متزايدة من مجاعة وشيكة وسوء تغذية يهددان سكان القطاع المحاصر.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، يوم الخميس، استشهاد 855 فلسطينياً وإصابة 1,869 آخرين منذ استئناف العدوان "الإسرائيلي" في 18 آذار/ مارس الجاري، لترتفع بذلك حصيلة الشهداء منذ بدء حرب الإبادة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 50,208 شهداء، و113,910 جرحى.

وفي وقت مبكر من صباح الجمعة 28 آذار/ مارس، ارتكب الاحتلال مجازر جديدة في عدة مناطق بالقطاع، أسفرت عن ارتقاء عدد من الشهداء وإصابة آخرين.

في مدينة غزة، استشهد 14 فلسطينياً على الأقل، وأصيب آخرون في قصف استهدف منزلاً في حي الزيتون جنوب شرق المدينة. وذكرت مصادر محلية أن طائرات الاحتلال قصفت منزلاً لعائلة عوض في شارع كشكو بحي الشجاعية، ما أدى إلى استشهاد 14 شخصاً بينهم نساء وأطفال، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام.

وفي بلدة الشوكة شرق مدينة رفح، استشهد فلسطينيان في قصف استهدف تجمعاً للسكان، فيما تواصلت أعمال التفجير في حي تل السلطان غرب رفح، حيث نسف جيش الاحتلال عدة مبانٍ سكنية، ما تسبب بأصوات انفجارات ضخمة هزّت المنطقة.

أما في محافظة خانيونس، فقد أصيبت طفلة وشخص آخر في قصف استهدف منزلاً لعائلة البريم في بلدة بني سهيلا. وفي شمالي القطاع، استشهد ثلاثة فلسطينيين بينهم طفلة، وأصيب آخرون جراء استهداف الاحتلال خيمة تؤوي نازحين في مخيم جباليا.

وفي بيت لاهيا، أكد شهود عيان أن جيش الاحتلال أطلق نيرانه بكثافة على منطقة "عزبة عبد ربه" شرق جباليا، كما استهدف مناطق متفرقة شمال البلدة.

الدفاع المدني: الاحتلال ارتكب جريمة إبادة باستهداف طواقمنا في رفح

أكد الدفاع المدني الفلسطيني أن استهداف قوات الاحتلال "الإسرائيلي" لطواقمه في منطقة تل السلطان غربي رفح، يمثل جريمة إبادة وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

وأوضح الدفاع المدني في بيان له، أن طواقمه لا تزال منذ صباح اليوم الجمعة 28 آذار/ مارس، بانتظار موافقة الاحتلال للدخول إلى منطقة "البركسات" شمالي تل السلطان، من أجل استئناف عمليات البحث عن الزملاء المفقودين منذ يوم الأحد الماضي.

وأشار البيان إلى أن حالة من الصدمة تسيطر على طواقم الدفاع المدني، بعد أن سمح لها الاحتلال بالدخول إلى مكان الجريمة يوم أمس، حيث عثرت على جثمان مسؤول المهمة، الضابط أنور عبد الحميد العطار، وقد كان أشلاء ممزقة.

وأضاف البيان أن قوات الاحتلال كانت قد دمرت مركبات الطواقم بشكل تام، بما فيها سيارات الإسعاف والإطفاء ومركبات الهلال الأحمر الفلسطيني، حتى زالت معالمها تماماً، وتحولت إلى كومة من الحديد.

وعثرت الطواقم في المكان على أدوات السلامة الخاصة بالزملاء، ممزقة، ما يشير إلى أن جيش الاحتلال استهدف الطاقم بشكل مباشر، ثم تعمّد طمس معالم الجريمة، عبر استخدام الجرافات والآليات الثقيلة لإخفاء الجثامين وتغيير معالم الموقع.

وأكد الدفاع المدني أن خمسة من أفراده ما زالوا في عداد المفقودين حتى اللحظة، وشدد على أن هذه الجريمة تُضاف إلى سلسلة المجازر المرتكبة بحق المدنيين والطواقم الإنسانية في قطاع غزة، وسط صمت دولي مستمر رغم الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي.

280325_Khan_Yunis_DB_00(27).jpg
تشييع الضابط في الدفاع المدني الفلسطيني أنور العطار في مستشفى ناصر بخان يونس، 28 آذار

تحذيرات أممية من انتشار الجوع

من جهته، حذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن المساعدات الغذائية المتبقية لا تكفي سوى لأسبوعين فقط، مشيراً إلى أن آلاف العائلات باتت معرضة لخطر الجوع الشديد.

وقال البرنامج في بيان له إن ما تبقى لديه من مخزون غذائي داخل غزة يبلغ حوالي 5,700 طن، ما يكفي لتوزيع طرود غذائية وطحين ووجبات ساخنة "لأسبوعين على أقصى تقدير".

وأكد البيان أن "مئات الآلاف من الناس في غزة معرضون مرة أخرى لخطر الجوع الشديد وسوء التغذية، في ظل تقلص مخزون المساعدات الغذائية وإغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية"، مضيفاً أن تصاعد العمليات العسكرية يعوق بشكل كبير جهود توزيع الغذاء، ويعرّض حياة فرق الإغاثة للخطر.

وفي السياق ذاته، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن غزة لم تتلقَ أي مساعدات إنسانية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، في أطول فترة يعاني فيها القطاع من انقطاع كامل للإمدادات منذ بدء العدوان.

وفي بيان له، أشار لازاريني إلى مقتل 8 من موظفي الوكالة بنيران "إسرائيلية" خلال الأسبوع الماضي، محذراً من تفاقم أزمة الجوع وانتشار الأمراض في ظل استمرار القصف.

وقال: "لم تدخل أي مساعدات إنسانية إلى غزة منذ أكثر من 3 أسابيع، وهذه أطول فترة يعيشها القطاع بدون أي إمدادات منذ بدء الحرب"، مضيفاً أن "الآباء لا يجدون طعاماً لأطفالهم، والمرضى بلا دواء، بينما الأسعار ترتفع بشكل جنوني".

وأضاف أن الأسبوع الماضي كان من أكثر الأسابيع دموية منذ بدء الحرب، حيث سُجل مقتل أكثر من 500 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، مشيراً إلى أن أكثر من 140 ألف شخص اضطروا للنزوح قسراً بسبب أوامر الإخلاء التي أصدرتها سلطات الاحتلال.

وختم لازاريني بالتشديد على ضرورة رفع الحصار وإعادة فتح المعابر لتدفق المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية بشكل منتظم، ووقف القصف، واستئناف اتفاق وقف إطلاق النار.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد