أمهلت قاضية الهجرة في محكمة لاسال القريبة من بلدة جينا، حكومة الولايات المتحدة حتى الساعة الخامسة من مساء اليوم الأربعاء 9 نيسان/أبريل (بتوقيت الولايات المتحدة)، لتقديم أدلة تُبرر ترحيله.
وجاء ذلك، بعد مرور شهر كامل على اعتقال الناشط الفلسطيني والمقيم بشكل قانوني في نيويورك، محمود خليل، الطالب في جامعة كولومبيا، من قبل موظفي الهجرة الأميركية، ومن ثم نقله قسراً إلى مركز احتجاز ناءٍ في ريف لويزيانا، على بعد نحو 1900 كيلومتر من مكان إقامته.
وقالت القاضية جامي كومانز في جلسة الاستماع التي عقدت أمس الثلاثاء: "إذا لم يكن هناك ما يسوغ نقله واحتجازه، فسأنهي القضية يوم الجمعة".
وفي حال رفضت المحكمة دعوى الترحيل يوم الجمعة، سيكون محمود خليل (30 عاماً) طليقاً بموجب قانون الهجرة الأميركي، ولا تملك الحكومة حق الاستئناف. أما إذا قبلت الدعوى شكلياً (أي من حيث الشكل وليس المضمون)، فيمكن حينها للحكومة إعادة تقديم ملف الترحيل مجدداً.
وخلال الجلسة، جلس خليل في قاعة المحكمة، على طاولة مقابلة لشاشة تبث ظهور محاميه مارك فان دير هوت، الذي شارك عن بعد من كاليفورنيا، حيث جدد طلبه مهلة إضافية لدراسة الوثائق التي قدمتها الحكومة.
إلا أن القاضية شددت على أن "لا شيء يعلو على حق السيد خليل في الإجراءات القانونية الواجبة"، وأكدت أنها لن تُبقيه رهن الاحتجاز في ظل تأخر المحامين عن تقديم أدلتهم.
وأبلغ محامو وزارة الأمن الداخلي القاضية كومانز أنهم سيقدمون المستندات المطلوبة قبل الموعد النهائي، إلا أن فريق الدفاع أعرب عن خشيته من أن تتخذ القاضية قرارها قبل أن يتمكن من الرد بشكل كافٍ على أدلة الحكومة، وهو ما أبداه المحامي فان دير هوت في تصريح لاحق، مؤكدًا أن القضية تتجاوز الإجراءات الإدارية، وتمسّ جوهر الحريات المدنية في البلاد.
وقال المحامي: "القضية لا تتعلق فقط بخليل كمقيم دائم قانوني، بل تتعلق بما إذا كان يحق لأي مهاجر أو مقيم أن يتحدث علنًا عن المجازر في غزة أو أي موضوع وطني آخر، دون أن يخشى الترحيل لمجرد التعبير عن رأيه المحمي بموجب التعديل الأول للدستور"، متسائلاً بقلق: "هل سيكون الأميركيون المواطنون هم المستهدفون التاليون؟"
وتستند الحكومة الأميركية في سعيها لترحيل خليل إلى قانون صدر عام 1952، يتيح لوزير الخارجية ترحيل أي مهاجر يرى أن وجوده "يضر بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة".
وتزعم أن خليل أخفى في طلب التأشيرة عمله السابق في وكالة إغاثة تابعة للأمم المتحدة لفلسطين، ولم يفصح عن عمله في مكتب سوريا في السفارة البريطانية ببيروت، كما أنه نشط في جماعة طلابية معارضة للفصل العنصري في جامعة كولومبيا تعرف باسم "Apartheid Divest".
وفي جلسة الثلاثاء، قرأت القاضية كومانز قائمة الادعاءات المقدّمة من الحكومة، فيما ردّ المحامي فان دير هوت بالنفي القاطع لها.
يشار إلى أن هذه القضية تنظر بشكل منفصل عن دعوى أخرى رفعها خليل للطعن في قانونية اعتقاله، والمعروفة باسم التماس أمر المثول أمام المحكمة (Habeas Corpus)، والتي قضى فيها قاض فدرالي بوجوب بقائه داخل الولايات المتحدة حاليا ريثما يتم البت في تفاصيل قضيته.
ويُذكر أن محكمة فدرالية في نيوارك بولاية نيوجيرسي كانت قد عقدت أولى جلساتها في 29 آذار/مارس، حيث قرر القاضي مايكل فاربيارز إبقاء خليل رهن الاحتجاز، رغم امتلاكه "البطاقة الخضراء" (الإقامة الدائمة)، رافضاً الاستماع لمرافعات الدفاع بشأن الإفراج عنه.
موضوع ذو صلة: 14 نائباً أمريكياً يطالبون بالإفراج عن الناشط الفلسطيني محمود خليل
ويأتي اعتقال خليل في سياق حملة وصفتها منظمات حقوقية بأنها استهداف سياسي لناشطين طلابيين مناصرين لفلسطين، خاصة في الجامعات الأميركية الكبرى، إذ يعد خليل من أبرز منظّمي الاحتجاجات داخل جامعة كولومبيا، ولعب دوراً رئيسياً في الاعتصامات التي طالبت الجامعة بوقف استثماراتها في "إسرائيل".
وكان السيناتور الجمهوري ماركو روبيو قد أعلن عقب اعتقال خليل عن إلغاء تأشيرات مئات الطلاب الأجانب، فيما قالت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب إن الاحتجاجات الجامعية ضد الدعم العسكري الأميركي لـ"إسرائيل" تضمّنت "مضايقات" لطلاب يهود، دون تقديم أدلة واضحة على هذه الاتهامات.
وبينما ينتظر خليل ما إذا كانت المحكمة ستقرّ حريته، أو تعزز مسار ترحيله، يرى محاموه أن هذه القضية ستكون بمثابة اختبارٍ دستوري خطير على قدرة النظام الأميركي على حماية حرية التعبير للمهاجرين والمقيمين القانونيين، في ظل مناخ سياسي يُجرّم المواقف المناصرة للقضية الفلسطينية.
اقرأ أيضا: "أنا سجين سياسي": الناشط الفلسطيني محمود خليل يكشف استهدافه بسبب مواقفه السياسية