أصدر "المؤتمر الوطني الفلسطيني" بياناً انتقد فيه بشدة دعوة منظمة التحرير الفلسطينية لعقد المجلس المركزي، معتبراً أن الدعوة تهدف إلى تمرير تعديل على النظام الداخلي للمنظمة، عبر استحداث منصب نائب لرئيس اللجنة التنفيذية، في ظل ظروف سياسية ووطنية بالغة الخطورة.
ورأى المؤتمر أن هذا التحرك يجري، بينما تتصاعد الحرب الإجرامية التي تشنها قوات الاحتلال "الإسرائيلي" على الشعب الفلسطيني، وتحديداً في قطاع غزة، حيث بلغت حصيلة الشهداء أكثر من خمسين ألفاً، والجرحى نحو 120 ألفاً، وسط ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتهجير قسري وتطهير عرقي.
وأضاف البيان أن هذه الجرائم تُرتكب بمشاركة أميركية مباشرة، ووسط صمت رسمي دولي وعربي، رغم فظاعتها واستهدافها للمدنيين والبنى التحتية، وترافقها مع سياسات التطهير العرقي المستمرة في الضفة الغربية، ولا سيما في مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم وبلاطة والفرعة.
وأشار البيان إلى أن الحكومة "الإسرائيلية" الفاشية تسعى من خلال هذا النهج إلى فرض تطهير عرقي شامل في غزة، وإنهاء الوجود الفلسطيني فيها، بالتوازي مع تكريس سياسة الضم والتهويد في الضفة الغربية والقدس، ومنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره، تمهيداً لتصفية قضيته الوطنية.
وأكد "المؤتمر الوطني الفلسطيني" أن منظمة التحرير، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لم تدعُ مؤسساتها الشرعية للانعقاد، وفي مقدمتها المجلس الوطني الفلسطيني، ولم تبادر إلى خطوات جدية لإعادة بناء المؤسسة الوطنية بما يواكب حجم التحديات الوجودية.
وفي هذا السياق، لفت البيان إلى أن قرارات لقاءات الوحدة الوطنية التي عقدت في موسكو وبكين تم تعطيلها، في حين جرى الإعلان عن دعوة المجلس المركزي للانعقاد، وهو ما وصفه المؤتمر بأنه استجابة لضغوط خارجية تهدف إلى تعديل النظام الداخلي، دون المرور بالمجلس الوطني، الهيئة التشريعية العليا للمنظمة.
وأوضح البيان أن المجلس المركزي كان قد كلف اللجنة التنفيذية، في دورته الـ29 التي عُقدت في رام الله بتاريخ 15 كانون الثاني/يناير 2018، بإعداد مشروع تعديل للنظام الداخلي، يعرض على المجلس الوطني لإقراره. وبذلك، فإن تمرير التعديل في "المركزي" اليوم يمثل مخالفة صريحة للنظام الأساسي.
وشدد المؤتمر على أن المادة (29) من النظام الأساسي لمنظمة التحرير تنص على أن صلاحية تعديل النظام تنحصر بالمجلس الوطني، وبأغلبية الثلثين، وليس للمجلس المركزي أو اللجنة التنفيذية أي صلاحية قانونية بذلك.
واعتبر البيان أن تمرير التعديل عبر المجلس المركزي يشكّل سابقة خطيرة تفتح الباب أمام العبث بالنظام الداخلي ومؤسسات المنظمة، وتطويعها لخدمة ترتيبات سياسية لا تعبر عن الإرادة الجمعية للشعب الفلسطيني.
ورأى المؤتمر أن هذه الخطوة ترتبط بمحاولات ترتيب ما يسمى بـ"اليوم التالي"، على وقع المجازر المرتكبة في غزة، بشكل متناغم مع أجندات خارجية تسعى إلى فرض قيادة لا تمثل الإرادة الشعبية الفلسطينية.
كما أكد أن انتخاب نائب لرئيس اللجنة التنفيذية أمر سياسي بامتياز، ويشير إلى ترتيبات تتعلق برئاسة المنظمة، ويجب أن يتم وفق آليات شرعية واضحة، وفي مقدمتها المجلس الوطني الفلسطيني، وليس من خلال قرارات فوقية مفروضة عبر مجلس مركزي لم يُجدَّد منذ أكثر من عقد.
وطالب المؤتمر القيادة الفلسطينية بوقف هذه الخطوات التي تُكرس الانقسام، وتعمّق الأزمة الوطنية، داعياً إلى العودة إلى الشعب الفلسطيني واحترام إرادته، عبر تفعيل مؤسسات منظمة التحرير من خلال عقد مجلس وطني جديد، يضم الكل الفلسطيني، على قاعدة الشراكة والوحدة الوطنية.
يُذكر أن "المؤتمر الوطني الفلسطيني" تأسس بعد توقيع أكثر من 1420 شخصية فلسطينية على النداء الداعي إلى قيادة فلسطينية موحدة، وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية وتمثيلية شاملة. وضمّت التواقيع شخصيات من مختلف القطاعات، بينهم أسرى محررون وناشطون ومهنيون وأكاديميون وفنانون وصحفيون وحقوقيون، بصفتهم الشخصية.