انعقدت اليوم الأربعاء 23 نيسان/أبريل في مدينة رام الله المحتلة أعمال الدورة الثانية والثلاثين للمجلس المركزي الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وسط مقاطعة بارزة من عدة فصائل وشخصيات وطنية، واتهامات بتغييب الشراكة وغياب الإصلاح داخل المنظمة، في وقت يتواصل فيه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتتصاعد الدعوات لبناء وحدة وطنية فلسطينية شاملة.

وانعقد المجلس في مقر رئاسة السلطة الفلسطينية تحت شعار "لا للتهجير ولا للضم – الثبات في الوطن – إنقاذ أهلنا في غزة ووقف الحرب – حماية القدس والضفة الغربية – نعم للوحدة الوطنية الفلسطينية الجامعة"، بمشاركة محدودة، بينما انتقد كثيرون عدم توفر مناخات حوار وطني قبل انعقاده.

وفي كلمته الافتتاحية، شن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هجوماً حاداً على حركة حماس، واصفاً أحداث غزة بـ"النكبة الجديدة" التي تسببت بها الحركة، قائلاً: "صنعوا نكبة لشعبنا ويسمونها خسائر تكتيكية". وطالب حماس بتسليم سلاحها والأسرى الإسرائيليين لديها، معتبراً أن استمرار احتفاظها بالسلاح يمنح الاحتلال ذرائع لمواصلة الحرب.

وأكد عباس أن "الشعب الفلسطيني يتعرض لإبادة جماعية"، مضيفاً: "خسارة طفل واحد لدينا فاجعة، فكيف وقد خسرنا أكثر من مئتي ألف شهيد وجريح؟". وأشار إلى أن على حماس "إنهاء سيطرتها على قطاع غزة والتحول إلى حزب سياسي يعمل ضمن القانون الفلسطيني والشرعية الدولية".

الجبهة الشعبية: منظمة التحرير مغيبة والمجلس أداة سياسية

وقاطعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الاجتماع، مؤكدةً أن مشاركتها مرهونة بإصلاح حقيقي داخل منظمة التحرير. وقال القيادي أبو علي حسن إن "المجلس المركزي والوطني واللجنة التنفيذية أجسام مغيبة وتُستخدم لأغراض سياسية ولا تقوم بأدوارها الأساسية"، معتبرًا أن "تعيين نائب لرئيس اللجنة التنفيذية تم بصورة فردية وانقسامية".

وأضاف أن الجبهة "لا تعترف بشرعية عقد اجتماعات دون توافق وطني وحوار جدي"، مشيرًا إلى أن مطالب الجبهة الواضحة لإصلاح المنظمة على قاعدة المقاومة والديمقراطية لم تجد تجاوبًا حقيقيًا حتى اللحظة.

المبادرة الوطنية: اجتماع بضغوط خارجية

بدورها، أعلنت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية عدم مشاركتها، معتبرة أن الاجتماع كان يجب أن ينعقد منذ أشهر لصياغة استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة الحرب على غزة والضفة.

وأعربت المبادرة عن أسفها لانعقاد المجلس دون تطبيق إعلان بكين، الذي وقعته كافة الفصائل، والذي ينص على عدم فصل غزة عن الضفة، والتصدي الموحد لسياسات التهجير والتطهير.

واعتبرت المبادرة أن الاجتماع يعقد "في أجواء تغييب الحوار واستجابة لضغوط خارجية تهدف لإجراء تغييرات في عضوية المجلس دون توافق أو مرجعية قانونية"، محذرة من "العبث ببنية المنظمة دون العودة للمجلس الوطني الفلسطيني".

مضيفةً أن "تجاهل المطالب الشعبية بإصلاح المنظمة وإجراء انتخابات ديمقراطية شاملة يجعل أي مخرجات للمجلس دون شرعية وطنية".

حماس: المجلس لا يمثل الإجماع الوطني

من جانبها، اعتبرت حركة "حماس" أن انعقاد المجلس في هذا التوقيت "كان يمكن أن يكون فرصة لتوحيد الموقف الفلسطيني، لكنه انعقد بشكل ناقص لا يمثل الإجماع الوطني، ولا يشمل كل مكونات الشعب الفلسطيني".

ودعت الحركة المجلس إلى اتخاذ قرارات شجاعة لوقف الحرب على غزة وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية وتفعيل منظمة التحرير على أساس الشراكة الحقيقية، وتحريك الملفات القانونية ضد الاحتلال في المحافل الدولية.

وأكدت "حماس" على ضرورة "رفض الوصاية على الحياة السياسية الفلسطينية"، داعية إلى إعادة بناء المنظمة لتضم كافة القوى والفصائل الفلسطينية.

المؤتمر الوطني يرفض التعديلات

ورفض "المؤتمر الوطني الفلسطيني" الدعوة لعقد المجلس، معتبراً أنها تهدف لتمرير تعديلات على النظام الداخلي للمنظمة دون الرجوع للمجلس الوطني، وتحديدًا استحداث منصب نائب لرئيس اللجنة التنفيذية، "في مخالفة صريحة للنظام الأساسي".

وأشار في بيانٍ له إلى أن "الدعوة لعقد المجلس تأتي وسط تصعيد جرائم الاحتلال، وبدلاً من توحيد الصف الوطني لمواجهة التحديات، تُعقد الاجتماعات لتكريس تغييب المؤسسات". وانتقد المؤتمر تعطيل مخرجات لقاءات الوحدة الوطنية في موسكو وبكين، مقابل انعقاد المجلس المركزي "استجابة لإرادات خارجية".

يأتي هذا الاجتماع وسط تصاعد الانتقادات لغياب الحوار الوطني، وتغييب المجلس الوطني الفلسطيني عن صناعة القرار، واستمرار تجاهل المطالب الشعبية بإصلاح منظمة التحرير، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

وترى قوى وفعاليات وطنية أن استمرار عقد اجتماعات مركزية دون توافق وطني حقيقي، يعمّق الانقسام، ويضعف قدرة الفلسطينيين على مواجهة حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال، التي باتت تهدد الوجود الفلسطيني كله سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد