تصاعدت التحذيرات الدولية مع استمرار ارتفاع ضحايا سوء التغذية في قطاع غزة، حيث أعلن المكتب الإعلامي الحكومي عن وصول عدد الضحايا إلى 57 شهيدًا، غالبيتهم من الأطفال والرضع، وذلك عقب وفاة رضيعة فلسطينية إثر إصابتها بسوء التغذية نتيجة للمجاعة والجفاف اللذان خلفهما الحصار "الإسرائيلي" المتواصل على قطاع غزة.

وأعلنت مصادر طبية صباح اليوم السبت 3 آيار/ مايو عن وفاة الرضيعة جنان صالح السكافي في مستشفى الرنتيسي غرب مدينة غزة، إثر سوء التغذية نتيجة المجاعة الحاصلة في القطاع.

فيما أكد الشاب المعتز بالله الكفارنة عبر صفحته على منصة "فيسبوك"، وفاة رجلٌ فلسطيني بعد أن سقط مغشيًا عليه في الشارع، وبعد محاولات لإفاقته بالماء، استفاق وأخبره هو وآخرين "صارلي يومين ما أكلت وطالع أدور على أكل لأولادي".

وأضاف الكفارنة، أن الرجل صمت بعدها بشكل مفاجئ لنكتشف أنه فارقَ الحياة، دون معرفة أي معلومات عن زوجته وأطفاله.

وفي السياق، يرتقي عدد كبير من الفلسطينيين يوميًا أثناء بحثهم عن الطعام، فإما تقتلهم آلة البطش "الإسرائيلية" أثناء بحثهم عن الطحين أو أثناء انتظارهم التكية.

60 ألف طفل يعانون أعراض سوء التغذية في غزة

فيما أفاد مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بغزة مروان الهمص بأن حالات الإصابة والوفاة بسبب سوء التغذية في ازدياد مشيراً إلى أن هناك نحو 60 ألف طفل يعانون من أعراض سوء التغذية بسبب حصار الاحتلال المشدد على قطاع غزة.

وأكد أن آلاف الأطفال والنساء يصطفون أمام التكايا للحصول على غذاء لافتاً إلى هناك طفلة ولدت أمس في القطاع دون دماغ بسبب نقص الغذاء، في حين معظم المتبرعين بالدم يعانون فقر الدم إضافة إلى أن الأمراض الجلدية تنتشر في القطاع.

وفي السياق ذاته قال الناطق باسم اليونيسيف في تصريح صحفي: إن عشرات الأطفال في غزة يموتون بسبب سوء التغذية".

وأضاف أن أكثر من ألف سيدة حامل بالقطاع يحتجن إلى علاج فوري من سوء التغذية مشدداً على ضرورة وجود آلية دولية سريعة للضغط على "إسرائيل" لإدخال المساعدات للقطاع.

57 شهيداً بسبب سوء التغذية والأعداد مرشحة للزيادة

وبدوره، أدان المكتب الإعلامي الحكومي استمرار الاحتلال "الإسرائيلي" في استخدام الغذاء كسلاح حرب، وفرضه حصاراً خانقاً ضد أكثر من 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة عبر إغلاق المعابر بشكل كامل لليوم الـ63 على التوالي، مما تسبب في ارتفاع عدد ضحايا التجويع وسوء التغذية الحاد إلى 57 شهيداً، غالبيتهم العظمى من الأطفال وبينهم مرضى وكبار السن.

وحذر المكتب الإعلامي في بيان له من هذا العدد مرشح للزيادة في ظل استمرار جريمة إغلاق المعابر بشكل كامل، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية وحليب الأطفال والمكملات الغذائية وعشرات الأصناف من الأدوية.

كما دعا الإعلام الحكومي المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والدولية والحقوقية إلى تحرك فوري وفاعل والضغط بكل الوسائل من أجل فتح معبر رفح الحدودي وفتح جميع المعابر، وضمان إدخال الغذاء والدواء بشكل عاجل، قبل فوات الأوان.

الاحتلال يستهدف مصادر الغذاء وتكيات الطعام

ويأتي ذلك في سياق سياسة التجويع والتعطيش التي يفرضها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة فيما يواصل استهداف أماكن تواجد الغذاء وأفران الطحين وتكيات الطعام وكان آخرها قصف استهدف مدينة غزة بالأمس.

وقام جيش الاحتلال بقصف مقر تكية تتبع لجمعية قوافل الخير في شارع الجلاء بمدينة غزة ما أدى لاستشهاد 6 فلسطينيين، وعدد من الإصابات حيث كان مقر التكية، يكتظ بالسكان الباحثين عن لقمة طعام.

المجلس النرويجي: إنتاج الغذاء في غزة مستحيل

ومن جهته، قال المجلس النرويجي للاجئين في تصريح لوكالة "أسوشيتد برس" الفرنسية: "إن إنتاج الغذاء بغزة شبه مستحيل بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع الزراعة".

وأكد المجلس النرويجي أن سلاح البحرية" الإسرائيلية" استهدفت الصيادين في قطاع غزة مشيراً إلى أن "إسرائيل" خلقت وضعا لا يستطيع فيه الفلسطينيون بغزة زراعة غذائهم أو صيد الأسماك.

وذكر أنه لم يتبق لدى أي منظمة إغاثة في غزة أي خيام لتوزيعها على النازحين محذراً من استمرار "إسرائيل" لحصارها على قطاع غزة ما ينذر بموت الآلاف وحدوث انهيار كامل للنظام.

وفي تصريحات أخرى نقلتها وكالة الأنباء الأمريكية عن منظمات إغاثية أجمعت غالبيتها على أن الغذاء والماء والوقود على وشك النفاد وأسعار المواد الشحيحة المتبقية خارج المتناول، فيما أفادت منظمة أوكسفام بغزة بأن الأمهات في القطاع يطعمن أطفالهن وجبة واحدة فقط يوميا.

شبكة المنظمات الفلسطينية غير الحكومية أكدت بدورها أن 70 مطبخا مجتمعيا في غزة ستغلق خلال أسبوع إذا استمر الحصار.

فيما حذر مدير منظمة الصحة العالمية من أن الوضع في غزة كارثي في ظل الحصار المستمر منذ شهرين مؤكداً أن سكان غزة جائعون والأطفال ضعفاء بسبب سوء التغذية الذي سيترك آثارا دائمة على حياتهم.

المقررة الأممية: جوع أهل غزة عار علينا

ومن ناحيتها وصفت المقررة الأممية الخاصة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز جوع أهل غزة بأنه "عار علينا" قائلة: "لا ينبغي أن نسمح بمعاناتكم إذا كنا غير مبالين، أو كسالى، أو أنانيين، أو فاسدين، لدرجة تمنعنا من إيقافها فورًا".

واستنكرت في بيان مقتضب عبر منصة (اكس) قائلة: "لماذا: بعد ١٩ شهرًا من العنف الإبادي، و٦٠ يومًا دون دخول حبة أرز واحدة إلى غزة، يُعرض الفلسطينيون على العالم وهم يتدافعون للحصول على الطعام كما لو كانوا يلهثون بحثًا عن الهواء، ينتزعونه من أرض قذرة، ويتعرضون للأذى وهم يبحثون عن ثغرة في اللحم البشري، ويتجمعون بحثًا عن حفنة من الفراغ؟

خطة "إسرائيلية" لتوزيع الغذاء في غزة وسط رفض أممي

من جهة أخرى، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ينوي إعداد خطة لتوزيع الغذاء في غزة نقلاً عن مسؤولين في حكومة الاحتلال اللذان أكدا أن "إسرائيل" تخطط لتغيير جذري في طريقة توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وذلك مع بدء السماح بدخولها إلى القطاع في الأسابيع المقبلة، بعد تجميد دام قرابة شهرين ونصف.

وتقضي الخطة بالتحول من توزيع المساعدات بالجملة وتخزينها، إلى الاعتماد على المنظمات الدولية وشركات الأمن الخاصة لتوزيع صناديق الطعام على عائلات غزة، وفقا للمسؤولين.

كما سيعين لكل عائلة ممثل مكلف بالوصول إلى منطقة أمنية تابعة للجيش "الإسرائيلي" في جنوب غزة، حيث سيتم توزيع المساعدات بعد اجتياز عدة جولات تفتيش.

إلا أن مسؤولين من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يؤكدون أن المقترحات التي طرحتها "إسرائيل" لاستخدام جيشها لتوزيع الإمدادات الحيوية غير مقبولة وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".

وأضافت أن هؤلاء المسؤولون يقولون: إن إسرائيل ستسمح للأهداف العسكرية والسياسية بعرقلة الأهداف الإنسانية، وفرض قيود على من يحق له تقديم المساعدات وتلقيها، وقد تجبر أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين على النزوح - وهو ما ينتهك القانون الدولي.

كما نقلت وكالة الأنباء الامريكية عن منظمات الإغاثة قولها: "لا ينبغي أن يكون لإسرائيل أي دور مباشر في توزيع المساعدات فور وصولها إلى غزة" ويؤكد معظمها رفضه الانضمام إلى أي نظام من هذا القبيل.

 

وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد