شهدت العاصمة الألمانية، أمس الاثنين 12 أيار/مايو، وقفة احتجاجية حاشدة تزامنت مع زيارة رئيس كيان الاحتلال "الإسرائيلي" إسحاق هرتسوغ، الذي وصل إلى برلين لإحياء الذكرى الستين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين ألمانيا و"إسرائيل"، في ظل أجواء مشحونة بالغضب الشعبي إزاء الموقف الألماني من التصعيد "الإسرائيلي" في قطاع غزة والضفة الغربية.
الاحتجاج، الذي دعت إليه اللجنة الوطنية الفلسطينية الموحدة، وشاركت فيه قوى متعددة منها "الصوت اليهودي"، شهد حضوراً لافتاً لمتضامنين من خلفيات مختلفة، عبّروا عن رفضهم للإبادة الجماعية المستمرة بحق الفلسطينيين، مؤكدين أن الدعم الألماني العسكري والسياسي للكيان يجعل من برلين شريكاً مباشراً في الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، خصوصاً في قطاع غزة.
رفع المحتجون لافتات تطالب بوقف فوري لتسليح "إسرائيل"، محملين الحكومة الألمانية مسؤولية مباشرة عن قتل الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء، من خلال ما وصفوه بـ"الدعم غير المشروط" الذي يتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان.
كما ردّد المشاركون شعارات تطالب بمحاسبة المسؤولين "الإسرائيليين"، والدفع باتجاه حل سياسي عادل يرتكز على إنهاء الاحتلال، وعودة اللاجئين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة.
الكلمات التي ألقاها المشاركون لم تخل من المشاعر الجارحة والغضب، حيث ركزت على الواقع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، مع استمرار الحصار "الإسرائيلي"، والعدوان الذي خلّف حتى الآن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، ودماراً واسعاً في البنية التحتية. وأكد المتحدثون أن ما يجري في غزة ليس نزاعاً عسكرياً متكافئاً، بل "حرب إبادة مدعومة بالسلاح والسكوت الدولي"، وفق تعبيرهم.
وفي الوقت الذي كانت فيه الهتافات تدوّي خارج قصر بيلفيو، استقبل الرئيس "الإسرائيلي" رسمياً من نظيره الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، حيث شدد الجانبان على "أهمية العلاقات الثنائية وضرورة تعزيز التعاون المشترك"، دون الإشارة إلى المطالبات الحقوقية المتصاعدة بوقف الدعم العسكري، أو الحديث عن الوضع في غزة.
تأتي هذه الزيارة في وقت تتعرض فيه الحكومة الألمانية لانتقادات متزايدة من منظمات حقوقية وأوساط شعبية، تتهمها بالانحياز غير المشروط لـ"إسرائيل"، والتواطؤ مع الانتهاكات الجارية بحق الفلسطينيين.
وتتزايد الدعوات داخل ألمانيا وخارجها لمراجعة الاتفاقيات العسكرية، ووقف تصدير الأسلحة، واتباع سياسة خارجية أكثر توازناً تجاه الصراع في الشرق الأوسط.
الوقفة، التي اعتبرت رسالة قوية في وجه السياسات الألمانية الرسمية، أكدت أن الشارع الأوروبي، والألماني تحديداً، بدأ يتجاوز الرواية الرسمية، ويطالب باتخاذ مواقف أكثر إنسانية وعدالة، خاصة فيما يتعلق بفتح المعابر، ورفع الحصار، والسماح بإدخال الدواء والمساعدات الأساسية إلى قطاع غزة، الذي يعيش على حافة الكارثة.