كشف الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" يوم الأربعاء 15 أيار/ مايو، عن سلسلة مطالب وجهها إلى رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، مقابل رفع العقوبات المفروضة على سوريا، أبرزها الانضمام إلى "اتفاقيات أبراهام" وتطبيع العلاقات مع الاحتلال "الإسرائيلي"، إضافة إلى ترحيل الفصائل الفلسطينية المسلحة من الأراضي السورية.
وجاءت هذه التصريحات خلال كلمة ألقاها ترامب أمام قادة دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض، عقب لقاء ثلاثي جمعه مع كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والشرع، بحضور عبر الهاتف للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبمشاركة وزراء خارجية الدول الأربع.
وصرّح "ترامب" بأن التطبيع مع "إسرائيل"، وترحيل من وصفهم بـ"الإرهابيين الفلسطينيين"، يأتيان ضمن حزمة شروط أميركية لرفع العقوبات، مؤكداً أن على دمشق أيضاً "التعاون في منع عودة تنظيم داعش، وتولي المسؤولية الكاملة عن مراكز احتجاز عناصر التنظيم في شمال شرقي سوريا".
ووصفت وزارة الخارجية السورية اللقاء بأنه "تاريخي"، وأكدت في بيان على أهمية رفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا باعتبارها "عقبة أمام التعافي الوطني وإعادة الإعمار"، مشيدة بالدور السعودي في الدفع نحو هذه المرحلة الجديدة.
وأفاد البيان بأن ولي العهد السعودي شدد على "ضرورة رفع العقوبات لتحقيق الاستقرار الإقليمي"، فيما عبّر ترامب عن التزام واشنطن بـ"دعم سوريا في هذه المرحلة المفصلية"، وفق تعبيره.
وأضاف بيان الخارجية السورية أن اللقاء تناول "سبل الشراكة السورية-الأميركية في مجال مكافحة الإرهاب، والتعاون في القضاء على تأثير الفاعلين من غير الدول، والمجموعات المسلحة غير السورية التي تعيق الاستقرار، بما في ذلك تنظيم داعش والتهديدات الأخرى."
من جانبه، عبّر رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع عن امتنانه لـ"الدعم الإقليمي والدولي"، مؤكداً أن سوريا "تمضي بثقة نحو المستقبل"، وشدد على التزام بلاده بمكافحة الإرهاب، والتعاون مع الولايات المتحدة في التصدي لتنظيم "داعش" وباقي المجموعات المسلحة غير السورية، بحسب البيان الرسمي السوري.
وأشار البيت الأبيض في بيان لاحق إلى أن الشرع أبلغ "ترمب" خلال اللقاء أن دمشق "تدعو الشركات الأميركية للاستثمار في قطاعي النفط والغاز السوريين"، وهو ما اعتبر إشارة إلى انفتاح اقتصادي محتمل في حال رفع العقوبات.
كما أشار الإعلام الرسمي السوري إلى أن اللقاء تطرّق إلى "الالتزام باتفاق الهدنة لعام 1974 مع إسرائيل."
وأوضح "ترمب" أن قرار رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، والذي أعلن عنه قبل يوم من اللقاء، "يمنح الحكومة السورية الجديدة فرصة حقيقية لتحقيق إنجازات كبيرة"، واصفاً العقوبات بأنها كانت "مشلّة للغاية وقوية للغاية". وأضاف: "لن يكون الأمر سهلاً، لكنه يمنحهم فرصة جيدة وقوية، وكان لي شرف أن أفعل ذلك".
ومن المقرر أن يتبع هذا اللقاء اجتماع بين وزير الخارجية السوري ونظيره الأميركي "ماركو روبيو" لمتابعة التفاهمات الثنائية وتعزيز التعاون في الملفات المشتركة.
وينتظر أن يلقي أحمد الشرع كلمة مسائية اليوم، قد تتضمن تفاصيل إضافية حول اللقاء مع "ترمب"، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تحويل سوريا إلى ساحة جديدة للتطبيع الممنهج، خاصة مع اعتراف "ترمب" سابقاً عام 2019 خلال ولايته الرئاسية السابقة بسيادة "إسرائيل" على الجولان السوري المحتل.
وفي السياق، رحب ناشطون داخل سوريا بقرار رفع العقوبات الأميركية، باعتبارها تمثل عقوبة جماعية طالت الشعب السوري، وأثرت في معيشته وأمنه الغذائي والدوائي، إلا أنهم في الوقت ذاته عبروا بشدة عن رفضهم ربط هذا القرار بأي اشتراطات سياسية أميركية تمس الثوابت الوطنية، وعلى رأسها الموقف من الاحتلال "الإسرائيلي" والتطبيع معه.
وبحسب مصادر سورية، فإن أي التزامات أو تفاهمات تبرم من قبل "السلطة الانتقالية" لا تملك صفة قانونية أو شرعية، خصوصاً إذا ما تعلّقت بقضايا سيادية أو استراتيجية كاتفاقات التطبيع مع كيان الاحتلال، الذي لا يزال يحتل الجولان السوري، مشيرة إلى أن السلطة القائمة حالياً تمارس مهام مؤقتة في سياق انتقالي، ولا يحق لها اتخاذ قرارات نهائية أو توقيع اتفاقات دولية باسم الشعب السوري.