شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان فعاليات حاشدة بمناسبة الذكرى الـ77 للنكبة، تأكيدًا على تمسك الفلسطينيين بثوابتهم الوطنية وحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجّروا منها عام 1948، ورفضًا لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، خاصة في ظل استمرار حرب الإبادة "الإسرائيلية" على الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.
وشارك عشرات الفلسطينيين في مخيم نهر البارد شمالي لبنان، يوم الأربعاء 14 أيار/مايو 2025، في وقفة احتجاجية رفضًا لمحاولات إلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". ونظّمت الفعالية أمام مكتب مدير خدمات الوكالة في المخيم، بدعوة من منظمة التحرير الفلسطينية – دائرة شؤون اللاجئين، واللجان الشعبية الفلسطينية، وبمشاركة ممثلين عن الفصائل واللجنة الشعبية وعدد من أبناء المخيم.
وفي كلمة ألقاها أبو نزار خضر باسم اللجان الشعبية، اعتبر أن نكبة فلسطين جريمة مستمرة، وليست مجرد ذكرى، وأدان سياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها المجتمع الدولي في دعمه المتواصل للكيان الصهيوني رغم جرائمه. وطالب بوقف العدوان على غزة، ورفع الحصار، وإدخال المساعدات، ودعم صمود الشعب الفلسطيني.
كما دعا خضر إلى دعم "أونروا" ماليًا، واستكمال إعمار مخيم نهر البارد، وتحسين خدمات المياه والصحة، ورفع نسبة تغطية العلاج إلى 100%، إلى جانب تفعيل برنامج الشؤون الاجتماعية، ودفع مستحقات الفئات المهمشة، وإطلاق برنامج طوارئ في المخيمات، وتوسيع فرص العمل، وضمان حقوق عمال الآثار الموقوفين تعسفيًا.
وشدد على ضرورة إقرار الحقوق الإنسانية للفلسطينيين في لبنان، وعلى رأسها حق التملك والعمل، بما يصون كرامتهم ويعزز صمودهم.
من جهته، ألقى جورج عبدالرحيم كلمة باسم الفصائل الفلسطينية، شدد فيها على أن النكبة ليست حدثًا ماضيًا، بل مأساة مستمرة، بدأت بتهجير 750 ألف فلسطيني عام 1948 وسرقة ممتلكاتهم، ولا تزال مستمرة اليوم من خلال العدوان الجاري على غزة ومحاولات اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.
وأكد على أهمية الحفاظ على الهوية الفلسطينية في مواجهة محاولات الطمس، والتمسك بخيار النضال والعودة، مشيرًا إلى أن الأمل في العودة لا يزال حيًا، وأن المخيمات ستبقى رموزًا للصمود.
كما جدد التأكيد على أهمية بقاء "أونروا" ورفض أي تقليص في خدماتها أو تغيير في وظيفتها، داعيًا الأمم المتحدة إلى زيادة تمويلها باعتبارها شاهدًا على قضية اللاجئين وحق العودة.
مخيم عين الحلوة: وحدة الصف في وجه مشاريع التوطين
وفي مخيم عين الحلوة، نُظّمت وقفة غضب حاشدة بدعوة من دائرة شؤون اللاجئين واللجان الشعبية في منطقة صيدا، إحياءً للذكرى، وتأكيدًا على وحدة الصف الفلسطيني في الوطن والشتات.
وفي كلمته، شدد أبو إياد الشعلان، عضو قيادة حركة "فتح" في لبنان، على أن النكبة جرح مفتوح ونضال مستمر، مؤكدًا التمسك بحق العودة ورفض مشاريع التوطين، ومشيدًا بالزيارة المرتقبة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى لبنان، معتبرها رسالة دعم للاجئين.
بدوره، أشار خالد فرحات، عضو اللجان الشعبية المركزية، إلى أن النكبة مثّلت بداية المأساة الفلسطينية، وقال : "نلتقي اليوم في مخيم عين الحلوة، لنحيي الذكرى 77 للنكبة، التي شكلت بداية المأساة الفلسطينية الكبرى، يوم اقتُلِع شعبنا من أرضه على يد العصابات الصهيونية التي مارست كل أدوات الإرهاب والقتل والتدمير لفرض مشروع الإحلال والتهجير".
وأضاف: "إن استمرار العدوان على شعبنا ما كان ليحدث لولا الدعم الأمريكي المطلق، وصمت المجتمع الدولي، وتخاذل بعض الأنظمة العربية التي فضلت مصالحها على حساب قضايا الأمة. كما أن الانقسام الفلسطيني يزيد من تعقيد الواقع، ويضعف الموقف الوطني في مواجهة الاحتلال، لذا فإن الوحدة الوطنية باتت ضرورة لا تحتمل التأجيل".
واختتمت الوقفة بترديد شعارات وطنية ورفع الأعلام الفلسطينية، وسط تأكيد على أن العودة حق لا يسقط بالتقادم.
مخيم المية ومية: التمسك بالثوابت والذاكرة
وفي مخيم المية ومية، نُظّمت وقفة جماهيرية رفعت فيها الأعلام الفلسطينية، ورددت الهتافات الرافضة لمشاريع التوطين والمتمسكة بحق العودة.
وفي كلمته، اعتبر موسى النمر، عضو قيادة حركة "فتح"، أن نكبة 1948 لا تزال مستمرة من خلال حرب الإبادة التي يتعرض لها قطاع غزة، مشددًا على التمسك بالثوابت ورفض تصفية القضية.
أما سعيد مراد، عضو لجنة المتابعة المركزية للجان الشعبية، فأكد أن النكبة تحوّلت إلى مصدر صمود ومقاومة رغم الخسارة، وأن الشعب الفلسطيني لم ينكسر. واختتمت الوقفة بأناشيد وطنية وهتافات أكدت على استمرار النضال من أجل العودة.

إحياء ذكرى النكبة في مخيمات بيروت
وشهدت المخيمات الفلسطينية في بيروت سلسلة فعاليات إحياء الذكرى عند الساعة 12 ظهرًا، بدعوة من منظمة التحرير الفلسطينية – دائرة شؤون اللاجئين، واللجان الشعبية، استنكارًا لحرب الإبادة الصهيونية في القدس والضفة وغزة.
كما أعلن عن تنظيم أنشطة متنوعة في هذه المخيمات خلال أسبوع النكبة، لتجديد التمسك بالحقوق الوطنية، وعلى رأسها حق العودة كحق قانوني وإنساني.
وكانت قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان دعت في بيان لها، إلى تحويل ذكرى النكبة إلى محطة لتجديد الوحدة الوطنية، وتوحيد الجهود في مواجهة الجرائم "الإسرائيلية" ومشاريع التصفية والتهجير بحق الشعب الفلسطيني.
وأكدت أن النكبة مستمرة بفصولها، وأن ما يجري في غزة هو نكبة جديدة عبر حرب إبادة ممنهجة، تسببت باستشهاد أو إصابة أو فقدان ربع مليون فلسطيني، وتدمير أكثر من 80% من مباني القطاع، بدعم أميركي وتواطؤ دولي.
ودعت إلى الالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية وتكريس الوحدة، وترتيب الأولويات الوطنية، وعلى رأسها إنهاء العدوان، وضمان دخول المساعدات، وانسحاب الاحتلال الكامل من غزة.
تحالف القوى الفلسطينية في لبنان: النكبة مستمرة والمقاومة السبيل لنيل الحقوق
وفي السياق، أصدرت قيادة تحالف القوى الفلسطينية في لبنان بيانًا سياسيًا، أكدت فيه أن القضية تمر في أخطر مراحلها منذ نكبة العام 1948، بفعل الدعم الغربي للاحتلال والمجازر التي شردت الفلسطينيين.
واعتبر البيان أن ذكرى النكبة تتزامن مع "معركة طوفان الأقصى" التي تخوضها المقاومة في غزة، واصفًا إياها بـ"الانتصار التاريخي" في وجه التهجير والتهويد، ومؤكدًا على وحدة الشعب والميدان، ودعم محور المقاومة.
ودعا البيان إلى جعل الذكرى "يوم غضب فلسطيني شامل" في الوطن والشتات، مجددًا التمسك بالمقاومة، وفي مقدمتها الكفاح المسلح، لاستعادة كامل الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس. واختُتم بالدعوة إلى أوسع مشاركة في فعاليات 15 أيار، والتأكيد على أن "من وقف مع فلسطين سيشارك في النصر".
ويُحيي الفلسطينيون في 15 أيار/مايو من كل عام ذكرى النكبة، التي تمثل لحظة تاريخية دامية في الوعي الجماعي الفلسطيني، حيث تعود إلى الأذهان مشاهد التهجير القسري الذي تعرض له نحو 750 ألف فلسطيني عام 1948، على يد العصابات الصهيونية، التي أسست على أنقاض قراهم ومدنهم كيان الاحتلال "الإسرائيلي".
وتُعد النكبة شاهدًا على مأساة مستمرة، بدأت بتهجير الفلسطينيين وسرقة أراضيهم وبيوتهم، وترافقت مع عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين، وتدمير ممنهج للقرى الفلسطينية. كما سعت سلطات الاحتلال منذ ذلك الحين إلى طمس الهوية الفلسطينية، عبر تغيير الأسماء الجغرافية، وتشويه المعالم الأصلية للأرض الفلسطينية.
ورغم مرور أكثر من سبعة عقود، لم تتوقف محاولات الاحتلال لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، حيث يرى كثيرون أن ما تتعرض له غزة والضفة الغربية اليوم من حروب إبادة وعمليات تهجير قسري يرقى إلى مستوى "نكبة ثانية"، في سياق تحالفات إقليمية ودولية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وبمواجهة هذه المخاطر، يؤكد الفلسطينيون تمسكهم بحق العودة ورفضهم لكل مشاريع التوطين، مجددين نضالهم من أجل وطنهم وهويتهم حيث تتحول ذكرى النكبة سنويًا إلى محطة للتأكيد على أن العودة ليست خيارًا، بل حق ثابت لا يسقط بالتقادم، وأن النكبة باقية في الذاكرة حتى التحرير والعودة.