حذر مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة من المماطلة المتعمدة التي ينتهجها الاحتلال "الإسرائيلي" في إدخال المساعدات الإنسانية وفتح المعابر، معتبراً أن هذه السياسة تعد إحدى أدوات الحرب التي ترقى إلى جرائم إبادة جماعية، خاصة في ظل انتشار المجاعة وتدهور الأوضاع الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة.
وفي بيان صدر اليوم السبت 17 أيار/مايو، حمّل المكتب الإعلامي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى جانب سلطات الاحتلال، المسؤولية المباشرة عن استمرار الحصار وتجويع السكان، مؤكداً أن "التواطؤ الأمريكي مع الاحتلال واضح في استدامة هذه الجريمة".
ووصف البيان تصريحات ترامب الأخيرة بشأن غزة بأنها "استهلاكية ومضلّلة"، ولا تختلف في مضمونها عن سياسة الاحتلال القائمة على فرض التجويع الجماعي وتطبيق الموت البطيء بحق المدنيين.
وأشار البيان إلى أن الحصار المفروض منذ 2 آذار/مارس 2025، والذي يدخل يومه الـ77، يمنع إدخال الغذاء والدواء والبضائع الأساسية إلى القطاع، ما أدى إلى نفاد تام في معظم المواد التموينية، واختفاء عشرات الأصناف من الأسواق ومراكز التوزيع الإغاثي.
وأفاد الإعلام الحكومي بأن 57 حالة وفاة موثقة سُجّلت حتى الآن نتيجة الجوع وسوء التغذية، غالبيتهم من الأطفال، فيما ازدادت معدلات الوفاة الناتجة عن أمراض مرتبطة بنقص الغذاء وانهيار الخدمات الصحية، وسط اختفاء لقاحات الأطفال وانعدام شبه كلي للأمن الغذائي.
وأكد البيان أن "الوضع الإنساني تخطى حدود التوصيف والتحليل، ويتطلب تحركاً دولياً عاجلاً وفاعلاً لوقف الجريمة المفتوحة وإنهاء سياسة العقاب الجماعي بحق أكثر من 2.4 مليون فلسطيني، بينهم 1.1 مليون طفل".
ونبّه البيان إلى أن الاحتلال يستخدم الغذاء كسلاح في حربه على المدنيين، في محاولة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني عبر الإذلال الإنساني والتجويع الممنهج، وهي سياسة ترتقي إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان وفق القانون الدولي الإنساني ونظام روما الأساسي.
وفي ختام البيان، وجّه الإعلام الحكومي نداءً عاجلاً إلى الزعماء العرب المشاركين في القمة العربية لتحمّل مسؤولياتهم التاريخية، واتخاذ إجراءات عملية لكسر الحصار ووقف الإبادة الجماعية، مؤكداً أن الصمت الدولي والتخاذل العربي يمنحان الاحتلال غطاءً إضافياً لاستكمال جريمته.
"أونروا" تحذر: جميع سكان غزة مهددون بالمجاعة والمساعدات منقطعة
وجددت وكالة "أونروا" تحذيرها من كارثة إنسانية وشيكة تهدد سكان قطاع غزة بالكامل، في ظل انقطاع المساعدات الإنسانية منذ أكثر من عشرة أسابيع، واستمرار العدوان "الإسرائيلي" للشهر الثامن على التوالي.
وفي تحديثها الأخير، أشارت الوكالة إلى أن العمليات العسكرية التي تصاعدت عقب انهيار وقف إطلاق النار في 17-18 آذار/مارس، تسببت بمقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير واسع للبنية التحتية وتهجير مئات آلاف العائلات.
وأكدت "أونروا" أن مخزونها من الطرود الغذائية والدقيق قد نفد تماماً، كما نفدت أكثر من ثلث الإمدادات الطبية الأساسية، بما في ذلك لقاحات الأطفال، وسط نقص حاد في الوقود والمواد الإغاثية.
وأضافت الوكالة أن هذا الانهيار الكامل في سلاسل الإمداد يضرب الفئات الأكثر ضعفاً، كالأطفال والنساء وكبار السن، في ظل انهيار المنظومة الصحية وصعوبة الوصول إلى العلاج أو الغذاء.
وأشارت إلى تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)" الصادر في 12 أيار/مايو، الذي صنّف جميع سكان غزة ضمن مستويات الأزمة وما فوق، حيث يعيش 54% من السكان في "مرحلة الطوارئ"، و22% في "مرحلة الكارثة" – أي أكثر من 470 ألف شخص مهددون بانعدام أمن غذائي حاد.
وزارة الصحة: 153 شهيداً و459 إصابة خلال 24 ساعة في غزة
وفي السياق، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم السبت 17 أيار/مايو، عن استشهاد 153 فلسطينياً، من بينهم 7 جرى انتشالهم من تحت الأنقاض، وإصابة 459 آخرين خلال الـ24 ساعة الماضية، جراء الغارات "الإسرائيلية" المتواصلة على مناطق متفرقة من القطاع.
وأشارت الوزارة إلى أن العشرات لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات، وسط عجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم، بسبب الاستهداف المباشر ونقص المعدات.
ووفق وزارة الصحة، فإن الحصيلة الإجمالية للعدوان منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ارتفعت إلى 53,272 شهيداً و120,673 إصابة، فيما سُجل منذ 18 آذار/مارس فقط 3,131 شهيداً و8,632 إصابة، في تصعيد متواصل يطال مختلف محافظات القطاع.
وأكدت الوزارة أن استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات يهدد بكارثة صحية وإنسانية وشيكة، ويحول دون دفن الشهداء أو إنقاذ العالقين تحت الأنقاض.