نظّم أهالي المختفين قسراً والمفقودين من أبناء مخيم اليرموك وقفة احتجاجية الاثنين 9 حزيران/يونيو، أمام مدخل المخيم جنوب العاصمة دمشق في إطار فعاليات مبادرة "خيمة الحقيقة"، للمطالبة بكشف مصير ذويهم، ورفض أي محاولة لإغلاق ملف المعتقلين تحت شعارات المصالحة الوطنية أو التسويات السياسية.
جاءت هذه الوقفة ضمن سلسلة تحركات شهدتها عدة محافظات سورية مؤخراً، تزامناً مع بدء عمل "هيئة العدالة الانتقالية" التي أعلن عن تشكيلها بعد سقوط النظام السابق.
ورفع المشاركون صوراً للمختفين، ولافتات تطالب بـ"الشفافية"، و"فتح ملفات المعتقلين"، و"محاسبة المسؤولين عن جرائم الإخفاء والتعذيب"، مؤكدين أن قضية المختفين قسر لا يمكن تجاوزها في أي عملية سياسية أو انتقالية في سوريا.
صوت الأهالي: "نريد الحقيقة قبل التعويضات"
وخلال الوقفة التي استمرت قرابة ساعة، بمشاركة أمهات وآباء وزوجات المفقودين، إضافة إلى ناشطين مدنيين من دمشق ومحيطها، تحدث أحد أهالي المفقودين لبوابة اللاجئين الفلسطينيين قائلًا: "منذ سنوات لا نعرف إن كان أولادنا أحياء أم أموات. لا نريد تعويضات، نريد الحقيقة أولاً. نريد أن نعرف أين هم، ولماذا اختفوا، ومن يتحمّل المسؤولية".
وبحسب أرقام نشرتها لـ"مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، فإن عدد الفلسطينيين السوريين الذين تعرّضوا للاعتقال أو الإخفاء القسري منذ عام 2011 يتجاوز 3,000 شخص. وتظل هذه المجموعة الجهة الوحيدة التي توثّق الملف، في ظل غياب أي مصدر رسمي فلسطيني أو سوري، وانعدام المعلومات الموثّقة حول مصير المختفين.
هيئة العدالة الانتقالية.. وعود بانتظار التنفيذ
وكانت "هيئة العدالة الانتقالية"، المشكّلة بقرار من رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، قد أعلنت نيتها فتح ملف الإخفاء القسري والتعاون مع عائلات الضحايا.
إلا أن العائلات تشكك في جدية هذه الوعود، وتطالب بآليات واضحة للمحاسبة، خاصة مع استمرار الإفلات من العقاب وعدم محاسبة المتورطين في انتهاكات جسيمة، وعلى رأسهم فادي صقر، المسؤول عن "الدفاع الوطني" في النظام السابق، والمتّهم بارتكاب مجازر، أبرزها مجزرة "حي التضامن" التي راح ضحيتها العشرات، بينهم عدد من أبناء مخيم اليرموك.
مطالب واضحة: "لا عدالة دون حقيقة"
وركزت مطالب الأهالي على: ضرورة كشف الحقيقة كشرط أساسي للعدالة، ورفض أي مصالحة تهمش محاسبة الجناة، إضافة إلى إشراك ضحايا الانتهاكات في أي حديث عن المستقبل.
ورفعت خلال الوقفة صور المختفين، فيما أكد المنظمون أن توقيت الفعالية، رغم تزامنه مع عيد الأضحى، كان مقصوداً: مشرين إلى أنّ: "فرحنا ناقص بغياب أولادنا، وهذا العيد ليس عيدًا لعائلات المغيبين. إخراج هذا الملف من الصمت ضرورة".
وتأتي هذه الوقفة كجزء من تحركات شملت 25 موقعاً داخل سوريا وخارجها، منها ساحة الحجاز ومحكمة الإرهاب في دمشق، وساحة العاصي في حماة، وساحة سعد الله الجابري في حلب، دوّار السبع بحرات في إدلب، ساحة الكرامة في السويداء، إضافة إلى وقفة أمام السفارة السورية في برلين.
كما تميزت الوقفة بمشاركة قوية للنساء، خاصة أمهات وزوجات المفقودين، اللواتي أكدن أن مشاركتهن "ليست تعبيرًا عن الألم فحسب، بل فعل نضالي جوهري في مسار العدالة". ومن أبرز الشعارات التي رُفعت: "بدي أعرف وين ابني، رفيقتي، زوجي، بنتي... قبل ما موت."" ما بدنا نورّث هالقضية لولادنا، بدنا نورّث وطن حر، عادل، ومعافى".