عبّر الأستاذ ماهر طويّة، أحد المعلمين الأربعة الذين تم فصلهم مؤخراً من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان، في حوار خاص مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، عن استيائه الشديد من القرار الذي وصفه بأنه نتاج "سياسة حيادية مشبوهة" تتمادى بها وكالة "أونروا"، وسط عدم جدية القيادة الفلسطينية الرسمية في لبنان.
اقرأ/ي الخبر: بعد أشهر من توقيفهم عن العمل.. "أونروا" تفصل 4 معلمين بحجة "خرق الحيادية"
وقال طويّة: إن مشروع "الفصل التعسفي" بحق موظفي "أونروا" لم يبدأ اليوم، بل هو امتداد لمسار بدأ منذ عام 2015، وتطوّر تدريجيًا نتيجة تغاضي القيادة الفلسطينية عن ممارسات الوكالة.
وأضاف: "الإدارة الأمريكية تهيمن على المشهد السياسي في المنطقة بعد 7 أكتوبر، وتستخدم أدوات إسرائيلية في تنفيذ سياساتها، وبهذا السياق أصبحت سياسة الحيادية تفرض بشكل فج وغير محسوب على العاملين في أونروا".
واتهم طويّة إدارة الوكالة بالتراخي والتماهي مع الرؤية الأمريكية، مؤكدًا أن الوكالة باتت تسير في رَكْب السياسة الأمريكية بشكل صريح، خاصة بعد ما وصفه بـ"مخرجات الحرب على لبنان".
وأوضح أن سياسة الحيادية التي تتذرّع بها "أونروا" تستند إلى اتفاق أبرم بينها وبين الإدارة الأمريكية يعرف بـ"اتفاق الإطار"، مشيرًا إلى أن اتحاد المعلمين في لبنان رفض هذه السياسة منذ البداية، لكن إدارة الوكالة تمادت حتى وصلت إلى قرارات الفصل التي أبلغ بها المعلمون رسميًا يوم أمس الأربعاء.
ورغم وصفه للفصل بأنه ليس نهاية الطريق، أشار طويّة إلى أن القضية أكبر من مجرد فصل موظفين، وقال: "نحن أربعة أشخاص من أصل 250 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان. رزقنا على الله، ولسنا قلقين على أنفسنا بقدر ما نقلق على مصير شعبنا وهويتنا الوطنية".
وحذّر من أن تمرير هذه السياسة دون رد فعل شعبي غاضب سيؤدي إلى مزيد من الإجراءات التعسفية ضد اللاجئين الفلسطينيين، قائلاً: "إذا لم نواجه سياسة الحيادية هذه، فقد نصل إلى مرحلة تقوم فيها أونروا بحرمان اللاجئ من الخدمات بحجة أنه ليس محايدًا، أو لأن لديه موقفًا من المشروع الصهيوني".
خضعنا لتحقيق مهين
وأكد أن قرارات الفصل لن تكون الأخيرة، وأن سياسة التوقيفات ستتواصل لضرب روح المقاومة والانتماء الوطني لدى الموظفين واللاجئين على حد سواء، مضيفًا: "في أيام الثورة الفلسطينية بين 1970 و1980، كان السلاح في مركز سبلين، ولم يكن أحد يجرؤ على التفوه بكلمة، أما اليوم، فيفصل المعلم لمجرد منشور تضامني مع غزة".
وعن ظروف التحقيق معهم، قال طويّة: "خضعنا لتحقيق مهين، وتمت معاملتنا كأننا إرهابيون. التهمة؟ منشورات تضامنية على فيسبوك تدعو إلى وقف الحرب في غزة".
وأوضح أن اتهامهم بانتهاك الحيادية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لم يكن ليؤدي سابقًا إلا إلى تنبيه أو طلب حذف المنشور، لكن تطوّر الأمر إلى تحقيقات، ثم إنذارات، ثم توقيف، وأخيرًا فصل مباشر.
وأضاف: "نحن الآن في أخطر مراحل سياسة الحيادية، حيث أصبح مجرد التعبير عن موقف وطني جريمة تستحق الطرد".
وانتقد طويّة حالة الخنوع التي تسود بين القيادات الفلسطينية، والتي تستغلها "أونروا" لتنفيذ أجنداتها دون مقاومة تذكر، ما يرهب الموظفين، ويجعلهم عاجزين عن التعبير عن هويتهم الوطنية.
كما لفت إلى ما وصفه بمشروع خطير آخر تم تمريره مؤخرًا، وهو فرض بصمة العين على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، معتبراً أن هذا الإجراء ذو طابع أمني استخباراتي يتنافى مع القانون الدولي.
وقال: "أونروا تربط تقديم الخدمات بالبصمة، وتجمع معلومات دقيقة لتمرير سياسات شبيهة بسياسة الحيادية". وأكد أن "ما يجري هو عملية تجريد منهجية لشعبنا من هويته الوطنية، ومن صفة اللجوء، وهذا يهدد حقنا في العودة إلى فلسطين".
وحول موقفهم كاتحاد معلمين، قال طويّة إنهم حسموا قرارهم، وعبّروا عنه ببيان رسمي نشر اليوم، موضحًا أنهم لن يتحركوا بشكل فردي أو محدود، بل إن حركتهم مرهونة بانتفاضة جماهيرية شاملة: "لن نكون طليعة في أي مواجهة إلا إذا تحرك الشارع الفلسطيني للدفاع عن قضيته الوطنية".
وختم بالقول: "ما يؤلمنا حقًا هو أن تمر هذه القرارات القمعية مرور الكرام، دون اعتراض حقيقي من مجتمعنا الفلسطيني. وإذا لم يكن هناك ثمن لهذا القرار، ولم تقم هبّة شعبية وطنية ضده، فهذه كارثة... لكن إن انتفض شعبنا، سنكون رأس الحربة في هذه المعركة".
اقرأ/ي أيضًا: تصاعد الغضب الشعبي ضد "أونروا" في لبنان: بيانات إدانة ودعوة لاعتصام مركزي