كشف تقرير جديد للأمم المتحدة عن تورط أكثر من 60 شركة كبرى عالمية في دعم المستوطنات "الإسرائيلية" والعدوان المتواصل على قطاع غزة، من بينها عمالقة في صناعة الأسلحة والتكنولوجيا، اتُهمت بتوفير أدوات مراقبة متقدمة وخدمات سحابية للحكومة "الإسرائيلية"، أو تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي تُستخدم في العمليات العسكرية.
وأعدّت التقرير فرانشيسكا ألبانيز، المقرّرة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي محامية حقوقية إيطالية بارزة، استنادًا إلى أكثر من 200 بلاغ قدمتها حكومات ومنظمات حقوقية وأكاديميون.
ويحمل التقرير، الواقع في 27 صفحة، عنوانًا صريحًا يتهم تلك الشركات بـ"الدعم المباشر أو غير المباشر لنظام الفصل العنصري والعدوان على الفلسطينيين"، مؤكدًا أن "الإبادة الجماعية الإسرائيلية مستمرة لأنها مربحة لكثيرين".
وأشار التقرير إلى أن العديد من هذه الشركات تلعب دورًا محوريًا في دعم "الاحتلال الإسرائيلي"، سواء عبر تزويد جيش الاحتلال بالأسلحة والمعدات، أو من خلال توفير تكنولوجيا المراقبة المتقدمة التي تُستخدم في قمع الفلسطينيين، أو عبر تقديم خدمات سحابية وتقنيات ذكاء اصطناعي تدعم العمليات العسكرية والاستخباراتية.
وتضمّنت قائمة الشركات التي وردت في التقرير أسماء بارزة، منها شركات تصنيع الأسلحة مثل: لوكهيد مارتن (Lockheed Martin)، ليوناردو (Leonardo)، كاتربيلر (Caterpillar)، وHD هيونداي. ومن شركات التكنولوجيا الكبرى: ألفابت (الشركة الأم لغوغل)، أمازون، مايكروسوفت، IBM، وبالانتير (Palantir).
واتهم التقرير هذه الشركات بتوفير معدات عسكرية تُستخدم في تدمير البنية التحتية المدنية الفلسطينية، بالإضافة إلى تقديم خدمات الذكاء الاصطناعي والتحليل والتجسس السيبراني التي توظفها قوات الاحتلال في تعقب الفلسطينيين ودعم عملياتها القتالية في غزة.
وأكدت ألبانيز في تقريرها أن على المجتمع الدولي محاسبة المسؤولين التنفيذيين في هذه الشركات أمام القانون الدولي، مشيرة إلى أن استمرار التعاون التجاري والتقني مع الاحتلال يُعد مشاركة فعلية في الجرائم المرتكبة، ودعت إلى وقف فوري لجميع أشكال الشراكة ومقاطعة تلك الشركات.
كما شدد التقرير على أن الدعم المادي والتقني للمستوطنات والعدوان العسكري يخالف القانون الدولي الإنساني، ويتناقض مع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تعتبر الاستيطان "الإسرائيلي" غير قانوني، وممارسات الاحتلال في غزة جرائم ترقى إلى الإبادة الجماعية.
في المقابل، رفضت بعثة "إسرائيل" لدى الأمم المتحدة في جنيف الاتهامات الواردة في التقرير، ووصفتها بأنها "تفتقر إلى أي أساس قانوني"، واعتبرت التقرير "تشويهًا متعمدًا لدور الشركات وتعبيرًا عن موقف أيديولوجي متطرف من قبل ألبانيز"، وفق تعبيرها.
ولم تصدر الشركات المعنية أي ردود رسمية على التقرير، رغم محاولات متكررة من وسائل الإعلام للحصول على تعليقات. كما أنكرت "إسرائيل" مجددًا اتهامات الإبادة الجماعية، مدعية أن "عملياتها العسكرية في قطاع غزة تأتي دفاعًا عن النفس عقب عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023".
ومن المقرر أن يُعرض التقرير رسميًا أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، المؤلف من 47 عضوًا، يوم الخميس المقبل. وعلى الرغم من أن المجلس لا يمتلك صلاحيات قانونية ملزمة، إلا أن تقاريره السابقة أسهمت في تحريك دعاوى دولية أمام محاكم جنائية وهيئات قانونية، خاصة فيما يتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وتجدر الإشارة إلى أن كلًا من "إسرائيل" والولايات المتحدة انسحبتا هذا العام من مجلس حقوق الإنسان، متهمتَين إياه بـ"التحيّز الممنهج ضد إسرائيل".