حذّرت منظمات الأمم المتحدة من أن نقص الوقود في قطاع غزة بلغ مستويات حرجة تهدد بانهيار تام للحياة المدنية والجهود الإنسانية، وسط استمرار حرب الإبادة "الإسرائيلي" وسياسة الحصار التي تغلق المعابر أمام المساعدات منذ أكثر من أربعة أشهر.
وفي بيان مشترك أصدره كل من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، و"أونروا"، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، أكدت الوكالات أن الوقود يعد شريان الحياة في غزة، إذ تعتمد عليه المستشفيات، وشبكات المياه والصرف الصحي، وسيارات الإسعاف، وحتى المخابز التي تنتج الخبز لملايين السكان المتضررين.
وأشار البيان إلى أن استمرار نقص الوقود يعني ببساطة توقف جميع المرافق الحيوية التي تخدم 2.1 مليون إنسان، كما سيؤدي إلى انهيار شبكة النقل التي توزّع الغذاء والدواء والمساعدات، ما يعمّق الكارثة الإنسانية في ظل انعدام الأمن الغذائي الواسع.
وأوضحت الوكالات الأممية أن الوقود لم يعد مجرد مسألة لوجستية، بل بات قضية بقاء، إذ تواجه وحدات العناية المركزة وطب الأطفال حديثي الولادة خطر التوقف الكامل، فيما أصبحت سيارات الإسعاف عاجزة عن الحركة.
ويأتي ذلك، بينما رصد تكدّس مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة في الشوارع نتيجة توقف محطات المعالجة، وهو ما ينذر بتفشّي أمراض قاتلة وعودة الأوبئة، وسط شحّ حاد في مياه الشرب، بحسب البيان.
وحذر البيان الأممي من أنه مع توقف المخابز والمطابخ المجتمعية، باتت آلاف العائلات دون طعام، بينما تنتظر أكثر من 6000 شاحنة أممية محمّلة بالإمدادات الغذائية والدوائية إذن الدخول منذ أكثر من أربعة أشهر.
كما أشار إلى أن كمية صغيرة من الوقود دخلت إلى القطاع هذا الأسبوع، لأول مرة منذ 130 يومًا، إلا أنها لا تمثل سوى "جزء ضئيل مما هو مطلوب يوميًا".
وأكدت الأمم المتحدة أن استمرار هذا الوضع سيجبر وكالات الإغاثة على وقف عملياتها بالكامل، ما يعني غياب أي شكل من أشكال الخدمات الأساسية في غزة، من الرعاية الصحية إلى المياه والغذاء والاتصالات، التي ستتوقف تمامًا إذا لم يتم تدارك الأمر فورًا.
وفي ختام بيانها، شددت وكالات الأمم المتحدة على أن الوضع في غزة يتطلب تحركًا فوريًا وجادًا، مؤكدة ضرورة السماح بدخول كميات كافية من الوقود دون تأخير، واستئناف كامل للعمليات الإنسانية، لدرء الانهيار الكامل الذي بات يهدد حياة الملايين، وإنقاذ ما تبقى من منظومة الحياة في القطاع.
الدفاع المدني في غزة: كارثة إنسانية بسبب انهيار القدرة التشغيلية
وأطلقت مديرية الدفاع المدني في غزة نداء استغاثة عاجل، محذّرة من كارثة إنسانية نتيجة توقف معظم مركباتها المتبقية عن العمل؛ بسبب نفاد قطع الغيار اللازمة لصيانتها، بفعل الحصار "الإسرائيلي" المتواصل.
وأكدت المديرية أن جميع مركباتها في محافظتي غزة والشمال توقّفت كليًا عن تقديم الخدمات، باستثناء مركبة إطفاء واحدة فقط، في حين يشهد الجنوب تدهورًا مماثلًا مع توقف أغلب المركبات في خان يونس ورفح.
وحذّرت من أن هذا الشلل الكبير في الأسطول يأتي بينما تتصاعد وتيرة القصف "الإسرائيلي"، خاصة في المناطق التي يسميها الاحتلال "المناطق الإنسانية"، ما يحول دون قدرة طواقم الدفاع المدني على التدخل لإنقاذ العالقين أو إخماد الحرائق أو إجلاء الجرحى.
كما دعت المديرية الأمم المتحدة إلى الضغط العاجل على "إسرائيل" للسماح بإدخال قطع الغيار والمعدات اللازمة لصيانة ما تبقى من آليات الدفاع المدني، محذّرة من أن تجاهل المجتمع الدولي لهذا الملف سيؤدي إلى تفاقم المأساة التي يعيشها ملايين الفلسطينيين.
ومنذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، دمّرت "إسرائيل" ما بين 80 إلى 90 بالمئة من مركبات الدفاع المدني ومعداته في غزة، ما أدى إلى شلل شبه تام في قدراته.
ووفق المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، فإن طواقم الإنقاذ باتت تعتمد كليًا على الجهود اليدوية وسط دمار واسع النطاق، وغياب أدوات الحفر والنقل والإنقاذ، ما يحوّل كل مهمة إنقاذ إلى مغامرة خطرة مهددة بالموت، خاصة في ظل انتشار المخلفات الحربية والمتفجرات داخل المباني المدمرة.