اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، بالتواطؤ في جرائم الإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة، محمّلاً منظمة "غزة الإنسانية" الإسرائيلية-الأمريكية وشركاءها الأمنيين المسؤولية المباشرة عن عمليات قتل ممنهجة بحق مدنيين فلسطينيين مجوّعين قرب نقاط توزيع مساعدات، فرضتها إسرائيل بدلاً من الآلية الأممية السابقة.
وفي بيان صحفي صدر اليوم السبت 12 تموز/ يوليو، عقب مجزرة وقعت صباحًا في منطقة "الشاكوش" شمالي رفح، وأسفرت عن مقتل 30 مدنيًا وإصابة أكثر من 180 آخرين، دعا المرصد إلى الوقف الفوري لعمل المنظمة وفتح تحقيق دولي مستقل يُفضي إلى ملاحقة المتورطين أمام المحاكم الدولية، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي اعتبره مسؤولًا جنائيًا عن دعم الآلية "الإسرائيلية" وتحويلها إلى ساحات قتل جماعي.
وأشار المرصد إلى أنّ هذه المجزرة جاءت نتيجة تكدّس آلاف المدنيين المجوّعين في نقطة توزيع واحدة، بعد إغلاق ثلاث نقاط مركزية خلال الأيام الماضية، ما حول الموقع إلى ساحة مفتوحة للموت. وقد وثّق المرصد شهادات مروعة عن استخدام الدبابات الإسرائيلية والأسلحة الثقيلة لقنص المتجمّعين الهاربين بعد إطلاق قنابل صوتية وسط الحشود.
كما كشف البيان عن تورط شركة أمنية أمريكية خاصة تعمل لصالح منظمة "غزة الإنسانية" في إطلاق النار وقنابل الغاز على المدنيين بالتنسيق مع قوات الاحتلال، مؤكدًا توفر أدلة مرئية وموثقة على ذلك.
وقال المرصد الحقوقي: إنّ منظمة "غزة الإنسانية"، التي يتم الترويج لها كمؤسسة مدنية إنسانية، تعمل فعليًا كأداة لفرض سياسات الحصار والتجويع "الإسرائيلي" على القطاع، وتدير نقاط توزيع المساعدات بما يخدم هندسة الجوع، ويحول عمليات الإغاثة إلى وسائل قتل وإذلال جماعي.
وبحسب التقرير، فإن قوات الاحتلال والعناصر الأمنية الأمريكية قتلت ما لا يقل عن 829 فلسطينيًا وأصابت نحو 5500 آخرين خلال أقل من شهرين في محيط نقاط التوزيع، التي تحولت إلى "مقابر مفتوحة يُستدرج إليها الناس بالجوع ثم يُقصفون أو يُقتلون عمدًا".
واتهم المرصد المنظمة الأميركية بأنها تستخدم المساعدات كوسيلة للتحكم في حياة الناس ومصيرهم، مشيرًا إلى أن إشراك الاحتلال في إدارة المساعدات الإنسانية يُشكّل خرقًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني.
وطالب المرصد بتحرك قانوني عاجل، داعيًا إلى فتح تحقيقات دولية ضد مسؤولي المنظمة، وشركائهم الأمنيين، ومحاسبتهم على جرائم القتل العمد، والتجويع، والمعاملة اللاإنسانية، إضافة إلى ملاحقة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لدوره السياسي والعسكري والمالي في دعم الآلية الإسرائيلية.
واعتبر أن هذه الانتهاكات ترقى إلى جرائم إبادة جماعية بموجب المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، موضحًا أن إسرائيل تمارس سياسة قتل عمد، وفرض ظروف معيشية قاتلة بحق سكان غزة، ضمن مشروع استعماري يهدف إلى تفريغ القطاع وضم أراضيه.
كما حمّل المرصد الدول التي لم تتخذ إجراءات جدية لمنع الجرائم أو وقفها المسؤولية القانونية، داعيًا إلى استخدام الاختصاص العالمي في ملاحقة المتورطين، ورفع قضايا مدنية لتعويض الضحايا وذويهم عن الأضرار الجسدية والنفسية والمعنوية.
وفي ختام بيانه، طالب المرصد الأورومتوسطي بفرض عقوبات دولية شاملة على إسرائيل، تشمل حظر تصدير الأسلحة ووقف التعاون العسكري والأمني، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين الإسرائيليين المتورطين، وتعليق امتيازات إسرائيل التجارية، إلى جانب نشر مراقبين دوليين مستقلين للإشراف على توزيع المساعدات ووقف المجازر.
وأكد المرصد أنّ إنهاء المجاعة المتعمّدة في غزة، ووقف المجازر بحق المدنيين، لن يتحققا إلا بإعادة السيطرة لجهات أممية محايدة على عملية توزيع المساعدات، ورفع الحصار الكامل عن القطاع، ومحاسبة جميع المتورطين في جريمة الإبادة، دون استثناء أو حصانة.