تتزايد حدة التحذيرات الدولية والفلسطينية من مخاطر خطة "إسرائيلية" تقضي بإنشاء ما يُعرف بـ"المدينة الإنسانية" جنوب قطاع غزة، وسط تصريحات وصفتها بأنها تمهد لتهجير قسري واسع النطاق وتُكرّس سياسات الفصل والعزل بحق السكان الفلسطينيين.
وكشف وزير الحرب "الإسرائيلي"، يسرائيل كاتس، خلال إحاطة صحفية، عن تفاصيل الخطة التي تقوم على إنشاء منطقة مغلقة في جنوب غزة، خلال هدنة محتملة لمدة 60 يومًا والتي تهدف في مرحلتها الأولى إلى نقل نحو 600 ألف نازح فلسطيني إلى هذه المنطقة، مع إقامة 4 مراكز لتوزيع المساعدات تُشرف عليها منظمات دولية، على أن يتم نقل جميع سكان غزة لاحقًا، بحسب تصريحات كاتس.
وأشار كاتس إلى أن الفلسطينيين الذين سيدخلون المدينة سيخضعون لعمليات تدقيق أمني بهدف التأكد من عدم انتمائهم لحركة حماس، ولن يُسمح لهم بالمغادرة بعد دخولهم إليها.
ووفق ما نقلته وسائل إعلام "إسرائيلية"، فإن المدينة المقترحة ستُقام في المنطقة الواقعة بين محوري فيلادلفيا وموراغ قرب الحدود مع مصر، وسط مؤشرات على أن الهدف النهائي من المشروع هو التمهيد لمرحلة ثانية من التهجير خارج القطاع، تحت ما تسميه "إسرائيل" "الهجرة الطوعية".
من جهته، وصف رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق إيهود أولمرت المشروع بأنه "معسكر اعتقال"، قائلاً في تصريحات لصحيفة الغارديان البريطانية: "إذا تم ترحيلهم إلى المدينة الإنسانية الجديدة، فيمكن القول إن هذا جزء من تطهير عرقي".
وأضاف أن مزاعم الحكومة "الإسرائيلية" بأن الخطة تهدف لحماية الفلسطينيين تفتقر إلى المصداقية، معتبرًا أن بناء مخيم ضخم بهذا الشكل "ليس للإنقاذ، بل للترحيل والرمي بعيدًا".
رفض فلسطيني للخطة "الإسرائيلية" بوصفها تفرض واقع جديد في غزة
الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس رفضت الخطة بشدة، واعتبرتها محاولة مكشوفة لفرض واقع جديد في القطاع من خلال إقامة منطقة معزولة تمارس فيها "إسرائيل" القتل والضغط، كما يحصل حاليًا عند نقاط توزيع المساعدات الخاضعة للآلية "الإسرائيلية" الأميركية.
وشددت حماس، عبر وفدها المفاوض، على ضرورة الانسحاب من محور موراغ بين رفح وخانيونس، محذّرة من أن استمرار الاحتلال هناك يُعدّ تمهيدًا لمخططات تهجير جماعي، كما جرى إحباط "خطة الجنرالات" في شمال القطاع سابقًا.
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان لها، أن هذه المدينة "لا تمت للإنسانية بصلة"، وأنها "مخطط لتهجير الفلسطينيين قسرًا تحت غطاء المساعدات".
ودعت إلى الوقف الفوري للعدوان "الإسرائيلي"، وتمكين دولة فلسطين من ممارسة ولايتها السياسية والقانونية على القطاع، باعتبار ذلك السبيل الحقيقي لحماية الشعب الفلسطيني وتحقيق العدالة له.
دوليًا، أعرب وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الحكومة البريطانية، هاميش فالكونر، عن صدمته من الخطة، مؤكدًا أنه لا ينبغي تقليص الأراضي الفلسطينية أو منع سكانها من العودة إلى بلداتهم.
كما أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس معارضته الصريحة للخطة، موضحًا في مقابلة مع قناة "إيه آر دي" الألمانية أنه غير راضٍ منذ أسابيع عن سياسات "إسرائيل" في غزة، وأنه ناقش هذا الملف مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.
"أونروا": إسرائيل خططت للنزوح القسري عبر تقييد الوصول للغذاء
وكانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، قد وصفت المشروع بـ"معسكر اعتقال"، بينما اعتبرت منظمة العفو الدولية أن الخطة قد ترقى إلى جريمة حرب.
وأكدت مديرة العلاقات الخارجية والإعلام في "أونروا" تمارا الرفاعي أن الاحتلال قام بالتخطيط للنزوح القسري عبر تقييد الوصول إلى الغذاء.
وقالت عبر صفحتها في منصة (اكس): "ما نشهده هو ذروة النزوح القسري الذي يهدف إلى حصر ما يصل إلى مليوني شخص - أي مجموع السكان - في منطقة مغلقة ومسيّجة، تحت رقابة مشددة، فوق أنقاض رفح".
وأوضحت الرفاعي أن المسؤولون "الإسرائيليون" يصرحون بأنهم يخططون لتنفيذ عملية نزوح قسري واسعة النطاق جديدة للفلسطينيين.
وحذرت من أن هذه الخطة ستؤدي إلى إنشاء معسكرات مكتظة ضخمة على الحدود مع مصر لا فتة إلى أن ذلك سيحرم الفلسطينيين أيضًا من أي أمل في مستقبل أفضل في وطنهم.