عملية تسليم السلاح في مخيم برج البراجنة

إصرار لبناني على "تاريخية" خطوة تسليم السلاح ونفي فلسطيني لمسار شامل

الجمعة 22 اغسطس 2025

أثار تسليم السلاح الذي جرى أمس الخميس 21 آب/ أغسطس 2025 في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، سجالًا واسعًا بين الأوساط الفلسطينية واللبنانية، وسط تناقض واضح بين التصريحات الرسمية اللبنانية والفلسطينية بشأن طبيعة الحدث وأبعاده.

ففي الوقت الذي اعتبر فيه رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، السفير رامز دمشقية، أن العملية تمثل "خطوة تاريخية في مسار تسليم السلاح الفلسطيني في المخيمات"، شددت القيادات الفلسطينية على أن ما جرى لا يعدو كونه عملية محدودة لمصادرة سلاح غير شرعي مرتبط بضابط مفصول من حركة "فتح"، وأنه لا يدخل ضمن خطة ومسار لتسليم السلاح من المخيمات.

أبو عرب: ما جرى عملية محدودة ولن نسلم سلاحنا ونبقى بلا حماية

قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني، اللواء صبحي أبو عرب، أوضح في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أن ما جرى في برج البراجنة "يأتي ضمن التزامنا بالاتفاق الذي تم بين الرئيس محمود عباس وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون حول الوضع الأمني في المخيمات"، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن تسليم كامل السلاح الفلسطيني أمر غير وارد.

وقال: "لن نسلم كل سلاحنا، ونبقى بلا حماية، هذا غير وارد. هناك أسلحة ستسلم وأخرى لن تسلم. أما السلاح الذي سلمناه اليوم فقد تمت مصادرته وتسليمه للدولة، لكونه يتبع لبعض المعتقلين في حوزة الدولة اللبنانية".

وأضاف: "نحن ملتزمون بأي قرار يصدر عن القيادة السياسية العليا، وعلى رأسها سيادة الرئيس، وما جرى من اتفاقات نحن ننفذها كعسكريين على الأرض. ما قمنا به اليوم هو تسليم السلاح غير الشرعي، وهذا حسم نهائي".

دمشقية: خطوة تاريخية لتنفيذ اتفاق القمة

في المقابل، أصر السفير رامز دمشقية على وضع ما جرى في إطار الاتفاق اللبناني – الفلسطيني الذي أبرم بين الرئيسين محمود عباس وجوزيف عون في 23 أيار/ مايو الماضي.

وقال في تصريح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "هناك حقوق وواجبات على المخيمات، والسلاح غير الشرعي لا فائدة منه. ما جرى اليوم خطوة تاريخية تمثلت في تسليم السلاح الفلسطيني في المخيمات اللبنانية ابتداءً من برج البراجنة. قد تكون خطوة صغيرة، لكنها بداية ضرورية."

وأضاف: "اليوم يمكن القول إن مخيم برج البراجنة بات خالياً من السلاح الثقيل والمتوسط، وفق خطة زمنية تشمل لاحقاً مخيمات بيروت فالجنوب وربما الشمال".

تسليم محدود وسلاح باقٍ

النشطاء الفلسطينيون في المخيمات أبدوا مواقف متباينة، إذ رأى الناشط بديع الهابط أن ما جرى "لم يكن تسليماً شاملاً"، بل مصادرة لسلاح غير شرعي يعود لضابط مفصول من "فتح".

وقال لموقعنا: "نحن كلاجئين فلسطينيين نؤكد التزامنا بما تقرره الحكومة اللبنانية والبرلمان اللبناني، ونتمسك ببقاء المخيمات خارج دائرة التجاذبات الداخلية. سلاحنا الفردي هدفه حماية المراكز والمقرات فقط، وهو باقٍ بيد المناضلين والفدائيين".

وأضاف الهابط: " نحن ملتزمون بالقتال إلى جانب الجيش اللبناني والمقاومة إذا تعرض لبنان لأي خطر. هذه الخطوة تُعيد الثقة بين الشعبين الفلسطيني واللبناني، وتمهّد لاستعادة حقوقنا المدنية والاجتماعية".

أما الناشطة فاتن أزد أحمد، فأكدت رفضها للسلاح المتفلّت، لكنها دعت في الوقت نفسه إلى التمسك بالحقوق الفلسطينية وقالت لموقعنا: "منذ عام 1948 وحتى اليوم لم ننل حقوقنا الإنسانية.

وأضافت: "نحن مع تسليم السلاح للدولة اللبنانية ونحترم سيادتها، لكننا نرفض السلاح الذي لا هوية له. نثق بقياداتنا التي تعرف دورها جيداً في حماية حقوقنا حتى العودة إلى فلسطين."

وكانت الفصائل الفلسطينية في لبنان يوم أمس، قد حسمت الأمر في بيان صادر عنها نفت فيه وجود أي نية لتسليم سلاح المخيمات، مؤكدة أن ما جرى "شأن تنظيمي داخلي يخص حركة فتح ولا علاقة له بمسألة السلاح الفلسطيني"، مشددة على حرصها على أمن واستقرار المخيمات والجوار، وعلى الالتزام بالقوانين اللبنانية بما يعزز العلاقات الأخوية بين الشعبين الفلسطيني واللبناني.

وبينما يُصرّ السفير دمشقية على وصف ما جرى في برج البراجنة بأنه بداية مسار لتسليم السلاح الفلسطيني في لبنان، ترى القيادات والفصائل الفلسطينية أن الأمر لا يعدو كونه مصادرة محدودة لسلاح غير شرعي، وأن السلاح الفردي في المخيمات باقٍ باعتباره جزءاً من الحماية الذاتية و"زينة الرجال"، كما وصفه الرئيس اللبناني جوزيف عون نفسه.

وبذلك يبقى ملف سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان مفتوحاً على احتمالات سياسية وأمنية متعددة، في ظل غياب توافق فلسطيني – لبناني شامل حول مستقبل هذا السلاح وحدود تنظيمه.

للمزيد: السلاح الفلسطيني في لبنان.. من "الشرعية الثورية" إلى محور إشكالية "سيادية" .

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد