في مبادرة شعبية تحمل رسالة واضحة من شعوب الخليج الرافضة لتطبيع بعض حكوماتها مع الاحتلال "الإسرائيلي"، تستعد سفينة "الصمود الخليجية" للانطلاق خلال أيام قليلة نحو غزة.
وتأتي هذه الخطوة للانضمام إلى الأسطول العالمي لكسر الحصار، الذي يضم مشاركين من 44 دولة، في أوسع تحرك تضامني ضد حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 700 يوم، وضد سياسة التجويع "الإسرائيلية" التي أودت بحياة المئات من الفلسطينيين.
ووصفت "سفينة الصمود الخليجية" بأنها مشاركة مجتمعية انطلقت باسم المجتمع العربي الخليجي المؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وبأنه شريك في النضال من أجل التحرير، بغض النظر عن مواقف الحكومات التي تراوحت بين التطبيع الرسمي والاكتفاء بالشجب والاستنكار، كما أكد غسان سرحان، عضو فريق الدفاع القانوني عن المشاركين في السفينة.
مبادرة شعبية يأمل المشاركون ألا تحارب
واعتبر سرحان في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن جميع الدول العربية والخليجية عجزت عن القيام بواجبها في وقف جرائم الكيان وتقديم المساعدات الإنسانية وفق القوانين الدولية، فجاءت السفينة كمبادرة مجتمعية عربية خليجية يُطمح ألا يجري محاربتها أو إلحاق المشاركين بها بأية تبعات قانونية.
وأشار إلى أن المبادرة انطلقت بمشاركة العشرات الذين لم يكشف عن هوياتهم أو الدول التي ينتمون إليها لدواعٍ أمنية، حفاظاً على سلامتهم.
وجُمعت المبادرة خلال حملتها تبرعات تجاوزت 100 ألف يورو لتجهيز السفينة وطاقمها وبعض المساعدات التي تحملها، وهو جهد وصف بأنه "فردي"، رغم مساهمة بعض المؤسسات المناهضة للتطبيع في دول مثل البحرين والكويت وعُمان وقطر، بحسب عضو الفريق الإعلامي خليل بوهزاع.
وحول موعد الانطلاق، أوضح بوهزاع أن السفينة كان من المقرر أن تغادر في السابع من أيلول/ سبتمبر، إلا أن بعض الظروف المتعلقة بانطلاق السفن الأخرى المشاركة في الحملة أجّلت موعدها، ومن المتوقع أن تبحر هذا الأسبوع.
ورغم إدراك المشاركين للمخاطر الكبيرة التي قد تواجههم، أكدوا رغبتهم في إيصال رسالة للعالم وللفلسطينيين بالتعاطف معهم، والمساهمة في إعادة الاهتمام والزخم بالقضية. وتبقى احتمالات تعرض السفينة لاعتداء "إسرائيلي" قائمة، كسائر سفن أسطول الصمود، فيما أكد بوهزاع أن السفينة اتخذت إجراءاتها لمواجهة ذلك دون الإفصاح عن تفاصيلها.
المبادرة محمية بالقانون الدولي الإنساني
من جانبه، شدد سرحان على أن الأساس القانوني للمبادرة هو ذاته المعتمد في تقديم المساعدات الإنسانية خلال النزاعات المسلحة، والمستمد من القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، والذي يكفل حق الإنسان في الحصول على المساعدة اللازمة لبقائه.
وأكد أن الحكومات ملزمة وفق هذه القواعد بتقديم المساعدة، وفي حال عجزها كما هو الحال في غزة، فعليها السماح لجهات أخرى بأداء هذه المهمة.
وربط سرحان ذلك بجوهر محاولات أسطول المساعدات، بما فيه سفينة الصمود الخليجية، لكسر الحصار المفروض على القطاع، ومنع الاحتلال من استخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين.
وأوضح أن العقبات التي تواجه المشاركين ليست قانونية فحسب، بل أيضاً سياسية وإجرائية، حيث اتخذت بعض الدول قرارات أُضفيت عليها صبغة قانونية، رغم تعارضها مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها معظم الدول الخليجية.
وأكد أن المشاركين جميعهم استكملوا تحضيراتهم واستعداداتهم، بدعم واسع من أبناء الشعوب الخليجية، للقيام بواجبهم الإنساني والقومي تجاه الشعب الفلسطيني.
جهات دولية ودبلوماسية ستعمل لحماية المشاركين
وتوقع سرحان تعرض السفينة لاحتمالات الاعتراض أو الهجوم "الإسرائيلي"، قائلاً: "نحن على ثقة بأن الكيان سيحاول منع السفينة والاعتداء عليها، وندرك أن ثمناً سيدفع، لكن ما نقدمه لا يساوي شيئاً أمام تضحيات الشعب الفلسطيني في غزة".
وأضاف أن "دفاع الشعب الفلسطيني عن أرضه ليس دفاعاً عن فلسطين فقط، بل هو الحاجز الأخير أمام مشروع إسرائيل الكبرى ومخططات الشرق الأوسط الجديد"، مؤكداً أن ما يجري في غزة يشكل محاولة لإخضاع المنطقة كاملة للهيمنة الصهيو–أمريكية.
وفي ختام حديثه، أوضح سرحان أن هناك تواصلاً قائماً مع جهات رسمية وشبه رسمية ومنظمات حقوقية دولية وإقليمية ومحلية، إضافة إلى أجسام دبلوماسية، في محاولة لتأمين أكبر قدر ممكن من الحماية للمشاركين، مع الاستعداد التام لمواجهة جميع الاحتمالات.