قالت اللجنة الدولية المستقلة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، إن السلطات "الإسرائيلية" وقواتها ارتكبت جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ودعت كيان الاحتلال "الإسرائيلي" والدول جميعها إلى الالتزام بواجباتها القانونية الدولية لإنهاء الإبادة ومعاقبة المسؤولين عنها.
وأصدرت اللجنة، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان عام 2021، تقريرها اليوم الثلاثاء 16 أيلول/سبتمبر، استندت فيه إلى تحقيقات تمت منذ أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وعلى مدى العامين الماضيين.
وخلصت اللجنة في تقريرها إلى أن السلطات "الإسرائيلية" ارتكبت أربعة من الأفعال الخمسة المنصوص عليها في اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948: القتل، وإلحاق أذى جسدي أو عقلي خطير، وفرض ظروف معيشية متعمدة تهدف إلى تدمير مجموعة بشرية كلياً أو جزئياً، وفرض تدابير تستهدف الحيلولة دون الإنجاب.
واعتبرت اللجنة أن تصريحات مسؤولي دولة الاحتلال وأنماط سلوك قوات الأمن "تشير إلى أن أعمال الإبادة الجماعية ارتُكبت بنية تدمير كلي أو جزئي للفلسطينيين كجماعة في غزة".
وقالت رئيسة اللجنة نافي بيلاي إن "مسؤولية هذه الجرائم الفظيعة تقع على عاتق السلطات الإسرائيلية على أعلى المستويات، التي دبرت حملة إبادة جماعية لما يقرب من عامين بقصد محدد هو تدمير الفلسطينيين كجماعة في غزة".
وقدمت اللجنة حزمة توصيات محددة، من بينها: مطالبة "إسرائيل" بالامتثال الفوري لالتزاماتها الدولية، ووقف كل ممارسات وصفها التقرير بأنها تمثل إبادة جماعية، وتنفيذ أوامر التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية. وإنهاء سياسة التجويع ورفع الحصار الكامل عن قطاع غزة، وضمان وصول مساعدات إنسانية واسعة وبلا عقبات، وإسقاط أي قيود تحول دون دخول موظفي الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية مثل "أونروا" ومفوضية حقوق الإنسان.
إضافة إلى دعوة الدول الأعضاء إلى وقف نقل الأسلحة والمعدات التي قد تستخدم في ارتكاب أعمال الإبادة، وضمان عدم تواطؤ شركات أو أفراد في بلدانهم بالمساعدة على هذه الأفعال، وملاحقة المسؤولين قضائياً، والتوقف الفوري لأنشطة ما تسمّيه اللجنة «مؤسسة غزة الإنسانية» إن ربطها بأفعال قد تسهم في تفاقم الأزمة.
وأكدت رئيسة اللجنة أن "المجتمع الدولي لا يمكن أن يظل صامتاً أمام حملة إبادة جماعية تظهر عليها علامات واضحة"، وحذّرت من أن كل يوم تأخير "يزهق أرواحاً، ويقوّض مصداقية المجتمع الدولي"، وشددت على التزام الدول قانوناً بـ"استخدام جميع الوسائل المتاحة لها لوقف الإبادة الجماعية في غزة".
كيان الاحتلال: التقرير صادر عن "وكلاء حماس"!
من جهتها، ردت سلطات كيان الاحتلال "الإسرائيلي" على التقرير بالتعبير عن رفضها القاطع لنتائجه، وندد ما يسمى بـ"الرئيس الإسرائيلي" إسحاق هرتسوغ بنتائج التقرير، ووصفها بأنها "أساءت تفسير كلماته"، بينما وصف السفير "الإسرائيلي" لدى الأمم المتحدة في جنيف دانيال ميرون التقرير بأنه "مزيّف" وادعى أنه من صنع "وكلاء حماس".
واتهمت "إسرائيل" اللجنة بأنها خرجت عن ولايتها، وتمتلك أجندة سياسية، ورفضت التعاون معها. وردّت رئيسة اللجنة قائلة إنها تتمنى لو تعاونت إسرائيل، أو أوضحت أين أخطأت اللجنة في نتائجها.
يأتي تقرير اللجنة في وقت تخضع فيه "إسرائيل" لتحقيقات دولية متعددة، وتواجه قضايا موجودة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث رفعت دول، على رأسها جنوب أفريقيا، دعاوى تتعلق بجرائم إبادة جماعية، وأصدرت محكمة العدل الدولية سلسلة أوامر مؤقتة تطالب بتدابير عاجلة لمنع وقوع إبادة وحماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات.
واعتمد التقرير الأممي، إلى جانب مقابلات شهود وناجين وأطباء، على تحليل وثائق مفتوحة المصدر وصور أقمار صناعية تجمعها المنظمات منذ بدء الحرب، كما استشهد بتصريحات مسؤولي الدولة "الإسرائيلية" ومسؤولين عسكريين باعتبارها عناصر تثبت النية.ويشير التقري
ر، توافقاً مع بيانات محلية وعالمية سابقة، إلى أن الحرب التي أعقبت هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 أسفرت عن مئات الآلاف من الإصابات والأضرار الواسعة في البنية التحتية المدنية، مع تقارير صحية تشير إلى عشرات الآلاف من الشهداء في غزة ونزوح الملايين وتضرر عدد هائل من الوحدات السكنية، إضافة إلى تحذيرات من موجات مجاعة في أجزاء من القطاع.
التقرير، الذي بلغ تحليله القانوني 72 صفحة بحسب اللجنة، يمثل أقوى تقييم أجرته جهة أممية مستقلة حتى الآن بشأن إمكانية وصف ما يجري في غزة بإبادة جماعية.
ومع أن اللجنة هيئة مستقلة، ولا تمثل الأمين العام للأمم المتحدة رسمياً، فنتائجها قد تشكل مادة عمل للمدعين في المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية، وتزيد الضغوط على الدول المموِّلة أو المزوِّدة بالأسلحة لإعادة التفكير في سياساتها تجاه "إسرائيل".