أحيا الآلاف من أبناء مدينة كفر قاسم، ومن مختلف البلدات العربية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، صباح اليوم الأربعاء 29 تشرين الأول/أكتوبر، الذكرى التاسعة والستين لمجزرة كفر قاسم، بمشاركة واسعة من القيادات السياسية والاجتماعية والطلابية، مؤكدين أنّ المجزرة ستبقى جرحًا مفتوحًا في الوعي الفلسطيني لأهالي الداخل.
وتجمّع المشاركون منذ ساعات الصباح عند دوّار الشهداء، قبل انطلاق المسيرة التي بدأت في تمام الساعة الثامنة والنصف من ميدان مسجد أبي بكر الصديق باتجاه صرح الشهداء.
وارتدى المشاركون القمصان السوداء التي كُتب عليها: "الذكرى الـ69 لمجزرة كفر قاسم – تسعة وستون عامًا وجرح المجزرة ما زال ينزف"، في إشارة رمزية إلى استمرار الألم والذاكرة الحيّة للمجزرة.
ونظمت الفعالية من قبل بلدية كفر قاسم واللجنة الشعبية بالتعاون مع لجنة المتابعة والأحزاب والحركات السياسية. وأكد المنظمون أن المجزرة ستبقى حاضرة في وجدان الشعب الفلسطيني، داعين إلى ترسيخ الرواية الفلسطينية حولها في المدارس والفعاليات التربوية والتعليمية لضمان انتقال الذاكرة إلى الأجيال المقبلة.
ورفعت في المسيرة الأعلام السوداء حدادا على أرواح الشهداء، إلى جانب صور الضحايا ولافتات حملت شعارات مثل "لا نسيان… ولا غفران"، فيما ردد المشاركون هتافات منددة بسياسات الحكومة "الإسرائيلية"، وأخرى مطالبة بالاعتراف الرسمي بالمجزرة، وتحمل المسؤولية الكاملة عنها.
كلمات تؤكد أن المجزرة جرح مفتوح في الوعي الفلسطيني
وخلال المراسم التي نظمت في صرح الشهداء، ألقيت عدة كلمات، أبرزها كلمة رئيس بلدية كفر قاسم، هيثم طه، الذي شدد على أن "مجزرة كفر قاسم ستبقى شاهدًا على جرائم الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين، ولن تُمحى من ذاكرة الأجيال مهما طال الزمن".
أما رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، فقال في كلمته:
"هذه المجزرة لم تكن حادثًا عابرًا، بل جزءًا من سياسة ممنهجة استهدفت وجودنا وبقاءنا في وطننا. إننا اليوم، كما بالأمس، نؤكد أننا باقون، وأن الذاكرة هي سلاحنا في مواجهة محاولات الطمس والإنكار".
كما ألقى عبد الله محمد عامر، ممثل أحفاد الشهداء، كلمة مؤثرة قال فيها: "نحن أحفاد الشهداء نحمل وصيتهم في الدفاع عن كرامتنا وحقنا في الحياة والحرية، وسنواصل نقل روايتنا الفلسطينية للأجيال القادمة، حتى لا تنسى المجزرة، ولا تضيع دماء الشهداء سدى".
وختمت المراسم بتلاوة الفاتحة والدعاء لأرواح الشهداء، ثم وضعت أكاليل الزهور على النصب التذكاري، وتوجّه الأهالي إلى زيارة أضرحة الشهداء في المقبرة، في مشهد مهيب جمع بين الحزن والاعتزاز بتضحيات الآباء والأجداد.
المجزرة التي لا تنسى
وقعت مجزرة كفر قاسم في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1956، حين فرض جيش الاحتلال حظر تجوال مفاجئ على القرى العربية في منطقة المثلث عشية العدوان الثلاثي على مصر، دون إبلاغ السكان المحليين.
وبينما كان الأهالي عائدين من عملهم في الحقول والمصانع، أطلق جنود الاحتلال النار عليهم بدمٍ بارد، ما أدى إلى استشهاد 49 فلسطينيًا بينهم نساء وأطفال، في واحدة من أبشع المجازر ضد المدنيين العزّل.
ورغم مرور تسعة وستين عامًا، ما زالت المجزرة تؤرق الذاكرة الجماعية الفلسطينية، إذ يرى أبناء كفر قاسم أن الجريمة لم تنتهِ بعد، بل تتجدد مع كل انتهاك يرتكبه الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، لتبقى كفر قاسم رمزًا للثبات والصمود والوفاء للشهداء.
