باشر الجيش اللبناني صباح اليوم الأربعاء 12 تشرين الثاني/نوفمبر، تنفيذ قرار يقضي بإغلاق ممرّ مدخل بناية الصديق الذي يربط مخيم البداوي شمالي لبنان بحيّ خليل الرحمن، في إطار خطة أمنية تهدف إلى "ضبط الأمن داخل المخيم وتنظيم حركة الدخول والخروج منه"
وأكد مصدر فلسطيني من داخل المخيم لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن الجيش اللبناني يتّجه إلى تنفيذ قرار سياسي يقضي بإغلاق جميع مداخل المخيم الفرعية والإبقاء فقط على المدخلين الرئيسيين، مشيراً إلى أن الاتصالات بين الجيش والفصائل الفلسطينية لا تزال مستمرة لمعالجة الوضع وتخفيف الإجراءات.
وأوضح المصدر أن الجيش اللبناني وعد بتخفيف الإجراءات الأمنية مستقبلاً في حال ضبط الأمن المجتمعي داخل المخيم بشكل شامل، مؤكداً أن أي خطوات لاحقة ستبقى مشروطة بالتزام الفصائل الفلسطينية والأهالي بوقف الحوادث الأمنية
اجتماعات فلسطينية لبنانية لإبقاء بعض الممرات مفتوحة
وفي السياق، أصدر مشايخ اللقاء التشاوري في مخيم البداوي بياناً أوضحوا فيه أن الجهات الأمنية اللبنانية اشترطت لإبقاء منافذ حيّ خليل الرحمن مفتوحة التزام الأهالي والفصائل بـ"ضبط الأمن، ومنع إطلاق النار، وعدم التعرض لعناصر الجيش، ومعالجة قضايا المخدرات والسرقات"
وجاء البيان عقب لقاء جمع وفداً من المشايخ والفصائل الفلسطينية بمسؤول مخابرات الجيش اللبناني في الشمال، الذي أبدى تفهّماً لمعاناة الأهالي، تلاه اجتماع موسّع مع الفعاليات الأهلية في المخيم، تمّ خلاله الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة تنفيذ البنود المتفق عليها، فيما دعا البيان جميع أبناء المخيم إلى التعاون حفاظاً على أمنهم ومنع الوصول إلى الإغلاق التام.
وفي سياق متصل، كشف أمين سر اللجان الشعبية في الشمال أحمد غنومي في حديث لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن تفاصيل الاجتماع الذي عقد يوم أمس الثلاثاء بين الفصائل الفلسطينية والسفارة الفلسطينية من جهة، والدولة اللبنانية من جهة أخرى، والذي تناول إمكانية الإبقاء على بعض المداخل الحيوية لمخيم البداوي
وقال غنومي: "هناك جهود تبذلها لجنة مشتركة من الفصائل والسفارة الفلسطينية للإبقاء على مداخل حيوية للاجئين في مخيم البداوي، بعد الإجراءات الأخيرة للجيش بإغلاق بعض المداخل الأساسية، وكان آخرها مدخل خليل الرحمن"
وأضاف: "من الصعب أن تقوم الدولة بإغلاق جميع المداخل، لأن ذلك سيعزل المخيم عن جواره بشكل كبير. نحن بانتظار رد الدولة اللبنانية على مطالب الاجتماع، وقد نسمع الجواب خلال الأيام المقبلة"
وشدّد غنومي على أن ما يجري في المخيم لا يمكن وصفه بـ"السخط الشعبي"، بل هو احتجاج سلمي نابع من معاناة إنسانية ومعيشية، موضحاً أن قرار الإغلاق مسّ حياة الناس اليومية وصعّب حركة الطلاب والموظفين، وقال: "إغلاق تلك المنافذ يشكّل عائقاً حقيقياً أمام الأهالي، وخصوصاً طلاب المدارس الذين يجبرون على المشي قرابة كيلومترين للوصول إلى مدارسهم، في حين يعجز كثير من الأهالي عن تأمين وسائل نقل لأبنائهم، مما يزيد من الأعباء المعيشية والمعاناة اليومية".
وأكد أن الاحتجاجات في البداوي ليست ضد الدولة اللبنانية أو الجيش كما تحاول بعض وسائل الإعلام تصويرها، موضحاً أن "الناس تحتج لأن هناك قضية إنسانية ومعيشية بحتة، وتبذل جهود جدّية للوصول إلى حل يرضي الطرفين".
وأشار غنومي إلى أن الجيش اللبناني برّر قراره بالقول إنه يهدف إلى حفظ الأمن ومنع استخدام بعض المطلوبين تلك المنافذ للدخول إلى المخيم، مؤكداً أن "القوة الأمنية الفلسطينية تتعاون مع الجيش إلى أبعد مدى، وستواصل تسهيل أي مهام تطلب منها".
وأضاف أن الظروف الأمنية العامة في لبنان والضغوط المتزايدة المتعلقة بملف السلاح الفلسطيني لعبت دوراً في اتخاذ هذه الإجراءات، معبّراً عن القلق من احتمال امتدادها إلى مخيمات أخرى.
وختم بالقول: "نحن لا نملك أي عداء تجاه الجيش أو الدولة اللبنانية، بل نعتبرهما شركاء وقفوا إلى جانب الشعب الفلسطيني طوال السنوات الماضية، وخيارنا الوحيد هو الحوار والتنسيق من أجل طمأنة أهلنا وضمان أمنهم وكرامتهم".
ويأتي هذا التطور في ظل توتر متزايد داخل مخيم البداوي بعد سلسلة من الإجراءات الأمنية التي حدّت من حركة اللاجئين، وأثّرت في حياتهم اليومية، فيما ينتظر الأهالي نتائج المفاوضات الفلسطينية – اللبنانية على أمل أن تفضي إلى حل متوازن يحافظ على الأمن دون المساس بحقوق السكان في التنقل والعيش بكرامة.
موضوع ذو صلة: إغلاق مداخل مخيم البداوي: تراجع اقتصادي، صعوبة في التنقل، وشعور بالعزلة
