رحّبت جهات فلسطينية وأممية باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا جديدًا يلزم كيان الاحتلال، بصفته القوة القائمة بالاحتلال، بالسماح بوصول إنساني كامل وغير مقيّد إلى قطاع غزة، واحترام حرمة مقارّ الأمم المتحدة، والالتزام الصارم بالقانون الدولي الإنساني، استنادًا إلى الرأي الاستشاري الأخير الصادر عن محكمة العدل الدولية.

وحظي القرار، الذي تقدّمت به النرويج بدعم من أكثر من 12 دولة، بتأييد 139 دولة، مقابل معارضة 12 دولة وامتناع 19 دولة عن التصويت، في تصويت عكس اتساع الإجماع الدولي على ضرورة إنهاء الحصار وضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى قطاع غزة.

وأكدت السفيرة النرويجية لدى الأمم المتحدة، ميريت فييل براتستيد، أن اعتماد القرار يأتي في واحدة من أكثر الفترات دموية خلال العقود الثلاثة الماضية، مشددةً على أن الفلسطينيين يدفعون الثمن الأكبر، في وقت تتعرض فيه المبادئ الإنسانية والقانون الدولي الإنساني لضغوط غير مسبوقة.

وأضافت أن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بات ضرورة لتوضيح الالتزامات القانونية الواقعة على عاتق القوة القائمة بالاحتلال، ولا سيما فيما يتعلق بتأمين وصول المساعدات المنقذة للحياة، مشيرةً إلى اقتحام مقر وكالة "أونروا" في حي الشيخ جراح، والذي عُدّ انتهاكًا صارخًا لحرمة مقارّ الأمم المتحدة.

وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت فتوى في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2025، خلصت فيها إلى أن كيان الاحتلال ملزم بالوفاء بالتزاماته بموجب القانون الدولي الإنساني، بما يشمل ضمان حصول سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة على الاحتياجات الأساسية للحياة اليومية، من غذاء وماء وملبس ومأوى ووقود وخدمات طبية، إضافة إلى الموافقة على خطط الإغاثة الأممية، وعلى رأسها خطط وكالة "أونروا".

كما شددت الفتوى على ضرورة احترام وحماية جميع موظفي ومرافق الإغاثة والخدمات الطبية، وحظر النقل القسري والترحيل، ومنع استخدام التجويع كسلاح من أسلحة الحرب.

ويأتي القرار في ظل كارثة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة، مع دخول فصل الشتاء، حيث يعيش مئات آلاف النازحين دون مأوى ملائم، وسط استمرار القصف وخروقات اتفاق وقف إطلاق النار، ما أدى إلى سقوط شهداء ووقوع إصابات، إضافة إلى وفيات ناجمة عن البرد والعواصف التي أغرقت الخيام والملاجئ المؤقتة.

من جهته، رحّب المفوض العام لوكالة "أونروا"، فيليب لازاريني، بالقرار، معتبرًا أن نتيجة التصويت تعبّر عن ثقة دولية واسعة بدور الوكالة، داعيًا الدول الأعضاء إلى مواصلة دعمها السياسي والمالي لـ"أونروا" لتمكينها من الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة في قطاع غزة، ولا سيما في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الأساسية.

بدورها، رحّبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالقرار، معتبرةً إياه خطوة سياسية ومعنوية مهمة، لكنها تفتقر إلى آلية تنفيذ ملزمة، مؤكدةً أن تصويت 139 دولة لصالحه يعكس العزلة الدولية المتزايدة التي يواجهها كيان الاحتلال.

وقالت الجبهة في بيان لها إن القرار، رغم أهميته، يبقى رمزيًا ما لم يرفق بإجراءات دولية قسرية تضمن وقف حرب الإبادة والتجويع المستمرة، محمّلة الإدارة الأمريكية مسؤولية الشراكة المباشرة في هذه الجرائم بسبب تصويتها ضد القرار، وتوفيرها غطاءً سياسيًا وقانونيًا للاحتلال.

كما شددت الجبهة على أن تأكيد القرار على مركزية دور وكالة "أونروا" يمثّل ردًا واضحًا على محاولات شيطنتها وتقويض عملها، مطالبةً المجتمع الدولي بتحويل مواقفه السياسية إلى إجراءات عملية، ودعم الوكالة ماليًا وسياسيًا، ومحاسبة الاحتلال على جرائم التجويع والإبادة.

شؤون اللاجئين: القرار انتصار قانوني وسياسي لـ"أونروا"

وفي السياق ذاته، رحّبت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية بالقرار، معتبرةً إياه انتصارًا قانونيًا وسياسيًا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، د. أحمد أبو هولي، إن القرار يلزم كيان الاحتلال بإدخال المساعدات الإنسانية وتوفير الخدمات الأساسية فورًا إلى قطاع غزة، والامتثال لالتزاماته كقوة احتلال وعضو في الأمم المتحدة، بما في ذلك التعاون الكامل مع مؤسسات الأمم المتحدة، وعلى رأسها وكالة "أونروا"، والالتزام باتفاقية عام 1946 الخاصة بامتيازات وحصانات الأمم المتحدة.

وأكد أبو هولي أن القرار يشكّل حماية مباشرة لولاية "أونروا"، ولا سيما بعد تجديدها لثلاث سنوات حتى 30 حزيران/يونيو 2029، معتبرًا أن المساس بالوكالة يُعدّ مساسًا بالمنظومة الأممية والنظام الدولي متعدد الأطراف.

وأشار إلى أن التصويت بأغلبية ساحقة يحمل رسالة واضحة بأن "أونروا" تمثّل العمود الفقري للعمل الإنساني في قطاع غزة، ولا يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها، لافتًا إلى أن القرار يأتي ردًا جماعيًا على انتهاكات الاحتلال المتكررة، بما فيها اقتحام مجمع الوكالة في القدس الشرقية ومصادرة محتوياته واستبدال علم الأمم المتحدة بعلم كيان الاحتلال.

ودعا أبو هولي إلى تحرك دولي جماعي للضغط على حكومة الاحتلال لتنفيذ القرار، وحماية موظفي "أونروا" ومنشآتها، وضمان حرية حركة مركباتها، وفتح المقرات والمنشآت التعليمية المغلقة في حي الشيخ جراح، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون قيود.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين - متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد