فرضت الولايات المتحدة الأميركية، أمس الخميس، عقوبات جديدة على قاضيين إضافيين في المحكمة الجنائية الدولية، في خطوة أثارت انتقادات واسعة واعتُبرت دعماً مباشراً لـ"إسرائيل"، التي يواجه رئيس وزرائها "بنيامين نتنياهو" مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة التي تتخذ من مدينة "لاهاي" الهولندية مقراً لها.

وذكر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في بيان رسمي أن القاضيين المستهدفين بالعقوبات وهما "غوتشا لوردكيبانيدزه" من جورجيا و"إردينيبالسورين دامدين" من منغوليا صوّتا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، ضد طعن قدمته "إسرائيل" يشكك في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم يُشتبه بارتكابها في قطاع غزة خلال العامين الماضيين، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي أول رد فعل على القرار الأميركي، أعربت المحكمة الجنائية الدولية عن رفضها الشديد للعقوبات الجديدة، مؤكدة أنها تمثل اعتداءً مباشراً على استقلال القضاء الدولي.

وقالت المحكمة في بيان رسمي: "إن المحكمة الجنائية الدولية ترفض بشدة العقوبات الأميركية الجديدة ضد القاضيين غوتشا لوردكيبانيدزه وإردينيبالسورين دامدين".

وأضاف البيان: أن هذه العقوبات تشكل هجوماً صارخاً على استقلالية مؤسسة قضائية محايدة تعمل وفق التفويض الممنوح لها من قبل الدول الأطراف، معتبرة أن استهداف قضاة ومدّعين عامين منتخبين من الدول الأطراف يقوض سيادة القانون ويهدد النظام القانوني الدولي.

وأكدت المحكمة أن عندما يتعرض الفاعلون القضائيون للتهديد بسبب تطبيقهم للقانون، فإن النظام القانوني الدولي برمته يصبح في خطر، مشددة على أنها ستواصل أداء ولايتها باستقلالية وحيادية تامتين، ووفقاً لنظام روما الأساسي.

في المقابل، رحّبت "إسرائيل" بالخطوة الأميركية، حيث شكر وزير الخارجية "الإسرائيلي" جدعون ساعر نظيره الأميركي "ماركو روبيو" على فرض العقوبات.

وقال "ساعر" في منشور على منصة "إكس": "شكراً للوزير روبيو على هذا الموقف الأخلاقي الواضح"، في إشارة إلى دعم واشنطن للموقف "الإسرائيلي" في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية.

وتأتي هذه التطورات بعد أن رفض قضاة دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، يوم الاثنين الماضي، طعناً جديداً قدمته "إسرائيل" لوقف التحقيق في طريقة إدارة الحرب على قطاع غزة.

ورفض القضاة إلغاء قرار صادر عن محكمة أدنى درجة يسمح باستمرار تحقيق الادعاء في جرائم يُشتبه بأنها تندرج ضمن اختصاص المحكمة، بما يشمل أحداث معركة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

ويعني هذا القرار أن التحقيق لا يزال مستمراً، وأن مذكرات التوقيف الصادرة العام الماضي بحق رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق "يوآف غالانت" ما زالت سارية المفعول.

وكانت دائرة الاستئناف قد رفضت، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، اعتراضاً "إسرائيلياً" آخر على أوامر الاعتقال، وذلك بأغلبية أصوات القضاة.

من جهتها، أدانت هولندا، الدولة المستضيفة لمقر المحكمة الجنائية الدولية، الخطوة الأميركية. وقال وزير الخارجية الهولندي "ديفيد فان فيل"، في منشور على منصة "إكس": "إن المحاكم والهيئات القضائية الدولية يجب أن تكون قادرة على أداء مهامها دون عوائق أو ضغوط سياسية"، مؤكداً استمرار دعم بلاده الكامل للمحكمة وموظفيها.

يُذكر أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد رفضت، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، للمرة الثانية استئنافاً "إسرائيلياً" ضد مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالانت. كما أقرت المحكمة، في الخامس من شباط/فبراير 2021، بأن فلسطين تُعد دولة طرفاً في نظام روما الأساسي، وأن اختصاصها القضائي يشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها قطاع غزة والضفة الغربية.

وفي الثالث من آذار/مارس 2021، أعلن مكتب الادعاء العام في المحكمة فتح تحقيق رسمي في الوضع الفلسطيني، فيما تقدمت "إسرائيل" في 23 أيلول/سبتمبر 2024، باعتراض جديد على اختصاص المحكمة استناداً إلى المادة (19/2) من نظام روما الأساسي، وهو الاعتراض الذي رفضته المحكمة مؤخراً، مؤكدة استمرار التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين / وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد