كشفت وسائل إعلام عبرية عن عودة وحدة المستعربين التابعة لـ"حرس الحدود" في شرطة الاحتلال إلى العمل الميداني في الضفة الغربية المحتلة، بعد نحو أسبوعين فقط من تورطها في جريمة إعدام ميداني موثّقة بحق شابين فلسطينيين أعزلين في مدينة جنين.

وفي 27 من الشهر الماضي، أقدمت قوات الاحتلال على إعدام الشابين المنتصر بالله محمود قاسم عبد الله (26 عامًا) ويوسف علي يوسف عصاعصة (37 عامًا) في منطقة جبل أبو ظهير بمدينة جنين، وذلك بعد تسليمهما نفسيهما للقوات ورفعهما أيديهما للتأكيد على أنهما غير مسلحين، وفق تسجيلات مصوّرة وثّقت الجريمة. ورغم وضوح المشهد، أطلقت القوات النار عليهما من مسافة قريبة، ثم قامت بالتنكيل بجثمانيهما بواسطة جرافة عسكرية.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية حينها أن الهيئة العامة للشؤون المدنية أبلغتها باستشهاد الشابين واحتجاز جثمانيهما من قبل قوات الاحتلال.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن جيش الاحتلال أعاد نشر وحدة النخبة التي نفذت جريمة الإعدام في جنين، بعد تعليق نشاطها بشكل استثنائي لمدة أسبوعين فقط. وذكرت الصحيفة أن جيش الاحتلال أجرى تحقيقًا داخليًا أظهر "إخفاقات مهنية" في أداء الوحدة، لكنه في المقابل منح غطاءً عامًا للجنود المتورطين، مع توقع قبول ادعائهم بأنهم "شعروا بخطر على حياتهم"، وهو ما استخدم لتبرير إطلاق النار القاتل، على حد وصفها.

وأوضح المراسل العسكري للصحيفة، يوآف زيتون، أن قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال أعادت الوحدة إلى العمل ضمن فرقة الضفة الغربية، زاعمة عدم وجود صلة مباشرة بين جريمة الإعدام في جنين وسلسلة جرائم أخرى تندرج ضمن سياسة سهولة الضغط على الزناد.

وخلال فترة التعليق القصيرة، نشرت وحدات عسكرية أخرى في الضفة الغربية، من بينها وحدة "دوفدفان – المستعربين"، لتنفيذ مهام وصفت بـ"الحساسة" قبل اتخاذ قرار إعادة الوحدة المتورطة في الإعدام إلى الميدان.

الأخطر، بحسب ما كشفه زيتون، هو أن قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال شددت تعليماتها للقوات العاملة في الضفة الغربية، بحيث يتم قتل كل من يحاول تنفيذ هجوم فورًا، حتى وإن كان الفعل مجرد محاولة لرشق الحجارة. وتطبق هذه السياسة، وفق التقرير، حصريًا على الفلسطينيين، في حين لا تشمل مستوطنين تابعين لكيان الاحتلال ينفذون اعتداءات مماثلة أو أكثر خطورة بحق الفلسطينيين.

ويزعم جيش الاحتلال أن هذه السياسة الصارمة أسهمت في تعزيز ما يسميه "الردع"، الأمر الذي سمح لقواته بدخول مخيمات شمال الضفة الغربية، مثل مخيم بلاطة، حتى في وضح النهار، دون التعرض للرشق بالحجارة.

ورغم الحديث عن "الردع"، أقر جيش الاحتلال بوجود قلق متزايد من تصاعد عمليات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة، إذ شهدت الأيام الأخيرة إلقاء زجاجة حارقة على شارع "بيغن" في القدس من منطقة التماس جنوب المدينة، إضافة إلى حوادث مماثلة على شارع 443 بعد فترة هدوء نسبي.

وعلاوة على ذلك، أكدت الصحيفة أن جريمة الإعدام في جنين ليست حادثة معزولة، بل تأتي ضمن سياسة أوسع لـ"اليد الخفيفة على الزناد" في الضفة الغربية. وأشارت إلى حادثة أخرى قُتل فيها فلسطيني بزعم محاولته تنفيذ عملية دهس، قبل أن يظهر تسجيل مصور امتثاله لأوامر الجنود بالتوقف والتراجع، ثم إطلاق النار عليه، ما أدى أيضًا إلى استشهاد مواطن آخر تبيّن لاحقًا، باعتراف جيش الاحتلال نفسه، أنه لا علاقة له بالحادثة.

وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإن هناك تغييرًا جوهريًا في سياسة استخدام القوة في الضفة الغربية، حيث بات تعريف "الخطر على الحياة" يعتمد على شعور الجندي نفسه، ما يتيح له إطلاق النار القاتل متى ما اعتقد بوجود تهديد. وأوضحت الصحيفة أن التعليمات السابقة، قبل الحرب، كانت تمنع إطلاق النار على راشقي الحجارة أو الزجاجات الحارقة إذا بدأوا بالفرار، ولم يعودوا يشكلون خطرًا فوريًا، إلا أن هذه القيود لم تعد مطبّقة حاليًا.

وحذّر مسؤولون في كيان الاحتلال، وفق الصحيفة، من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى إصابة مدنيين غير ضالعين في أي أحداث، وتُسهم في تآكل "الشرعية الدولية"، فضلًا عن احتمال تفجّر الأوضاع ميدانيًا إذا جرى توثيق مثل هذه الجرائم ونشرها على نطاق واسع، إضافة إلى خطر إصابة عناصر من كيان الاحتلال بنيران قواتهم عن طريق الخطأ.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين - وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد