حذّرت الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين بالتعاون مع ملف "أونروا" في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج من أن عام 2025 يُعدّ الأخطر على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" منذ تأسيسها عام 1949، مؤكدة أن الوكالة تواجه استهدافاً غير مسبوق يهدد وجودها ودورها السياسي والقانوني والإنساني.

جاء ذلك في تقرير صدر في كانون الأول/ديسمبر من العام 2025 الجاري، تزامناً مع مرور 76 عاماً على تأسيس "أونروا" في 8 كانون الأول/ديسمبر، خلص إلى أن الوكالة باتت "على شفير الهاوية"، في ظل حصار سياسي ومالي متصاعد، ومحاولات مكثفة لشطبها أو تفريغها من مضمونها.

عيوب بنيوية فاقمت الأزمة

وأشار التقرير إلى أن خطورة المرحلة تعود إلى ثلاثة عيوب رافقت "أونروا" منذ تأسيسها وكان لها انعكاسات سلبية عميقة على اللاجئين الفلسطينيين وخدمات الصحة والتعليم والإغاثة والبنى التحتية والحماية.

العيب الأول يتمثل في التمويل التطوعي، حيث شدد التقرير على أن تمويل "أونروا" هو التزام سياسي وأخلاقي على دول الأمم المتحدة، وليس منّة من الدول المانحة. وبيّن أن اعتماد التمويل التطوعي كان مبرراً عام 1949 باعتبار الوكالة مؤقتة، على أن تُنهى بعد تطبيق القرار 194 وعودة اللاجئين خلال ثلاث سنوات، إلا أن هذا الواقع استمر دون أي تعديل على ولاية الوكالة أو تحويل ميزانيتها إلى ميزانية ثابتة أو قابلة للتنبؤ، ما جعلها رهينة الاعتبارات السياسية للدول المانحة حتى اليوم.

أما العيب الثاني، فهو حصر تسجيل اللاجئين في مناطق عمليات "أونروا" الخمس (لبنان، سوريا، الأردن، الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، وقطاع غزة) وضمن سقف زمني ينتهي في أيار/مايو 1951، متجاهلة اللاجئين الذين هُجّروا بعد هذا التاريخ أو الذين لجؤوا إلى دول أخرى عربية وإسلامية ودولية. كما كشف التقرير أن الوكالة شطبت، بطلب من سلطات الاحتلال وموافقة أممية، نحو 45 ألف مهجّر داخل فلسطين المحتلة عام 1948 من سجلاتها مقابل منحهم المواطنة "الإسرائيلية".

العيب الثالث يتمثل في نقص برامج الحماية، إذ تقتصر خدمات "أونروا" على الإغاثة والتعليم والصحة غير المكتملة، مع غياب الحماية الجسدية للاجئين، وضعف الحماية القانونية التي تقتصر غالباً على الاستشارات دون توفير محامين، ما فتح الباب أمام استهداف اللاجئين والمخيمات وارتكاب المجازر، مقابل الاكتفاء بالإدانة والتقارير.

مؤشرات تصعيد غير مسبوق خلال 2025

وسجّل التقرير جملة من المحطات الخطيرة خلال عام 2025، أبرزها اتهام الإدارة الأميركية لـ "أونروا" بالارتباط بحركة "حماس"، وبحث وزارة الخارجية الأميركية تصنيفها "منظمة إرهابية أجنبية" وفرض عقوبات عليها.

كما أشار إلى اقتحام قوات الاحتلال مقر "أونروا" الرئيسي في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وإنزال علم الأمم المتحدة ورفع علم الاحتلال، بالتوازي مع تشريعات في "الكنيست" تمنع عمل الوكالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف تزويد مراكزها بالمياه والكهرباء، والتمهيد لمصادرة ممتلكاتها.

ولفت التقرير إلى أن رأي محكمة العدل الدولية الاستشاري الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2025، والذي برّأ "أونروا" من تهم خرق الحيادية أو ارتباط موظفيها بحماس، لم يشفع للوكالة أمام استمرار الاستهداف "الإسرائيلي"–الأميركي.

كما تناول تقرير المبعوث البريطاني "إيان مارتن" الصادر في تموز/يوليو 2025، والذي أوصى من بين أمور أخرى بنقل مهام الوكالة إلى الدول المضيفة والسلطة الفلسطينية، وتمويلها من الدول العربية، إضافة إلى التزام "أونروا" بتوصيات تقرير "كاترين كولونا" لعام 2024، خصوصاً المتعلقة بالحوكمة وإدارة الوكالة عبر جسم دولي خارج إطار الأمم المتحدة.

وسجّل التقرير مخاوف من محاولات "إصلاح" اتحادات العاملين في "أونروا" واتهامها بالتسييس، في ظل غياب أي مؤشرات فعلية لإجراء الانتخابات الموعودة حتى نهاية 2025، إضافة إلى اشتراط الاحتلال إدخال المساعدات إلى غزة بإنهاء عمل "أونروا" وشطب صفة المخيمات.

تراجع دولي ومالي مقلق

وأشار التقرير إلى تراجع الدعم الأوروبي، بعد امتناع خمس دول أوروبية عن التصويت لتمديد تفويض "أونروا" حتى حزيران/يونيو 2029، وتراجع عدد الدول المؤيدة للتمديد من 165 دولة قبل ثلاث سنوات إلى 151 دولة حالياً، في مؤشر على تنامي تأثير اللوبي الصهيوني.

كما حذّر من العجز المالي المزمن الذي بلغ نحو 200 مليون دولار حتى آذار/مارس 2026، رغم الدعم السياسي والمعنوي، وبيّن أن مساهمات الدول العربية في 2024 لم تتجاوز 3%، رغم أن حصتها المفترضة 7.8% من ميزانية الوكالة.

وسجّل التقرير تصاعد الحملات الإعلامية ضد "أونروا"، وآخرها عرض فيلم "تفكيك الأونروا" في نيويورك، إضافة إلى تسريبات عن مقايضات سياسية لإنهاء عمل الوكالة، وتقرير لوكالة اللجوء الأوروبية اعتبر أن "أونروا" لم تعد قادرة على توفير الحماية للاجئين الفلسطينيين في سوريا، دون أي تعليق رسمي من الوكالة.

سيناريوهات قاتمة وتحذير أخير

وطرح التقرير ستة سيناريوهات لمستقبل وكالة "أونروا"، تراوحت بين إنقاذ مستبعد عبر تعديل ولايتها وتمويلها، أو تحسين محدود للميزانية، أو استمرار الدعم السياسي دون ترجمة مالية، وصولاً إلى تراجع الخدمات، وتصاعد استهداف المخيمات، لا سيما في شمال الضفة الغربية، وتوسيع دائرة التهجير.

وفي ختام التقرير، قرعت الهيئة (302 ) وملف "أونروا"، "جرس الإنذار"، داعيتين إلى مراجعة وطنية فلسطينية شاملة، وتحرك عربي وإسلامي ودولي عاجل، عبر مسارات شعبية وسياسية وقانونية ودبلوماسية، لحماية "أونروا" وتحصينها، باعتبارها ركناً أساسياً في قضية اللاجئين الفلسطينيين، وصولاً إلى تحقيق حق العودة وفق القرار 194، وهو التحدي الأكبر.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين/ متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد