النمسا - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
وليد صوان
"يومان أو ثلاثة على الأكثر، غادروا مدينة صفد لنحررها وتعودوا إليها، هذا ما قاله جيش الانقاذ وضابطان أردنيان للفلسطينيين عام 1948، مضت الأيام الثلاثة، وتبعتها السنون، فلم تتحرر صفد ولا فلسطين، لقد كانت خديعة لنترك المدينة"، بهذه العبارة يلخص الدكتور عصام الخضراء نكبة فلسطين.
الفلسطيني المولود في مدينة صفد عام 1942، لجأت عائلته عام 1949 إلى سوريا، حينها كان في السادسة من عمره، والمدينة التي كانت شبه هادئة يوجد فيها جيش الانقاذ وضابطان من الجيش الأردني.
الدكتور الخضراء المقيم حالياً في العاصمة النمساوية فيينا، يستحضر ذاكرته حول نكبة المدينة، يقول لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "سُلمت صفد تسليماً لأن المدينة لم تكن تملك السلاح، وطلب جيش الانقاذ والضابطان الأردنيان تسليم المدينة على أن يستعيدها بعد يومين أو ثلاثة، لكن جيش الانقاذ لم يدافع عن فلسطين فالسلاح الذي يحملونه لم يتناسب مع الذخيرة التي كانت تملكها العصابات الصهيونية، وكل ما قدمه جيش الإنقاذ لفلسطين هو الخطب الطنانة والرنانة".
ويضيف الخضراء: "خرجت قبل أيام من دخول العصابات الصهيونية للمدينة بطلب من والدتي لعمي بأن يصطحبني معه، كي يبقى لنا أثر، في حال قُتل أفراد العائلة، حينها سرنا مشياً على الأقدام حتى بحيرة طبريا ومنها إلى إربد بالشاحنة، وبقينا هناك نحو شهر عند أقاربنا، لانتقل بعدها إلى سوريا بعد وصول العائلة إلى هناك، فيما بقي والدي فارس الخضراء في صفد ليتصدى للعصابات الصهيونية".
وفي عام 1962 حصل الشاب الفلسطيني عصام الخضراء على قبول لدراسة الطب في جامعة دمشق، إلا أنه توجه إلى النمسا بإصرار من والدته التي دفعته للدراسة خارج سوريا بعد الانفصال بين سورية ومصر على اعتبار "أن هذه البلاد العربية لا مستقبل لها".
ومنذ عام 1963 بدأ بدراسة الطب حيث تخرج عام 1970 ثم تخصص في ألمانيا بالطب النسائي، وعاد إلى فيينا ليفتتح عيادة طبية ثم تقاعد قبل 3 أشهر.
العمليات ضد العصابات الصهيونية
بفخر كبير يتحدث الخضراء عن والده فارس الخضراء الذي قام بعدة عمليات ضد المستوطنين والعصابات الصهيونية، وهو معروف لدى أهالي المدينة، فابن الـ 26 عاماً حينها كان قدوة للشباب عبر أعمال المقاومة التي قام بها .
يسرد الخضراء تفاصيل العمليات التي قام بها والده: " فرغم الإمكانيات المتواضعة التي كانت لديه تمكن من نسف باص للمستوطنين والعصابات الصهيونية، ومنزل "صالح أبو اللبن" الذي كان يُستخدم من قبل العصابات الصهيونية".
يتابع "بعدها خطفت عصابة الهاغاناه أحد الشباب من عائلة أبو العينين وعلقت على صدره لافتة كتب عليها عبارة (حكمت عليه محكمة الهاغاناة بالاعدام بتهمة تنفيذ عمليات إرهابية)"
وفي دمشق وبعد الانقلاب على الرئيس السوري الراحل أديب الشيشيكلي تم تسريح والده فارس الخضراء من الجيش السوري الذي كان متطوعاً فيه، ثم انتقل والده إلى السعودية للعمل هناك.
يلقي الخضراء باللائمة على السياسيين الفلسطينيين والأمة العربية جمعاء ويحملهم مسؤولية النكبة، نتيجة الارتجالية وعدم دراسة الواقع، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني خلال حرب عام 48 وما قبلها كان ممنوعاً من امتلاك السلاح ليدافع عن أرضه.
ذاكرته في صفد
يقلب صفحات ذاكرة طفولته التي عاش قسماً منها في صفد، فلا ينسى المسير اليومي إلى روضة الأطفال ويذكر اسم مديرها أبو فؤاد، ففي أحد الأيام هرب منها للعب حينها شاهدته إحدى قريباته التي أخبرت والده حيث اصطحبه إلى البيت فبدأ يبكي.
وبحنين كبير يتذكر السينما التي زارها في الهواء الطلق، والرحلات القصيرة إلى بستان أقاربه في منطقة الطاحونة القريبة من صفد.
وتدور به الذاكرة ليصل إلى طريق الجاعونة صفد، فكلما كان يمر به بسيارة العائلة يصاب بالدوار و نتيجة كثرة "أكواع" الطريق ، وهو ما تكرر حديثاً عند زيارته فلسطين قبل سنوات، حيث مرَّ من ذلك الطريق، وشعر بالدوار وتذكر ما كان يحصل عندما كان طفلاً.
وخلال زيارته إلى مدينته تذكر بعض الملامح، فيما تغيرت صفد بفعل الاستيطان، وزار بيته الذي تقيم فيه الآن مُستوطِنَةُ إسرائيلية، ما تسبب له بألم كبير.