الأردن - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

تامر خورما

أكّد المؤرّخ وعالم الآثار أ.د معاوية إبراهيم أنّه لم يتمّ العثور حتّى الآن على أيّ أثر للشخصيّات التوراتيّة التي تزعم الحركة الصهيونيّة هيمنتها على أرض فلسطين خلال العصور القديمة، مشيراً في ذات السياق إلى أن مصطلح "الكنعانيّين" هو مصطلح جغرافي لغوي، وليس إثنيّاً.

وقال إبراهيم إن عدّة ممالك آراميّة ظهرت في شمال فلسطين خلال فترات مختلفة، حيث كانت تربطها علاقات مميّزة مع "شعوب البحر" وشعب "فلستيا" الذي سكن الساحل الجنوبي لفلسطين. وأضاف إن أهمّ الاكتشافات الأركيولوجيّة التي اكتشفت في جنوب بلاد الشام هي نصّ أراميّ يتحدّث عن شخصيّة دينيّة تدعى "بلعم".

ولفت إلى أن "بلعم" لعب دوراً هامّا في حياة الناس خلال القرن التاسع قبل الميلاد، وفقاً لهذا النصّ الذي يعدّ أطول النصوص المكتشفة، بيد أن التوراة همّشته بل ولعنته.

كما أشار إلى أهميّة اكتشاف مسلّة ميشع بن كاموخ في منطقة ذيبان بالأردن، والتي توثّق انتصاراته على القبائل العابرة المسمّاة بالإسرائيليّين، والتي مرّت بالمنطقة خلال القرن التاسع قبل الميلاد.

جاء ذلك خلال محاضرة بعنوان" الممالك الكنعانيّة في الأردن وفلسطين" قدّمها إبراهيم في دارة الفنون بالعاصمة الأردنيّة عمّان، حيث استعرض تاريخ ما كان يعرف بدويلات المدن، التي كانت تعدّ ممالك امتدّت على أرض فلسطين خلال فترات زمنيّة مختلفة.

ونّوه بأنّ الأبجديّة الأولى، التي ظهرت في منطقة راس الشمرا بأوغاريت، جمعت اللهجات الساميّة المختلفة ضمن ما يمكن تسميته باللغة الكنعانيّة المبكّرة.

وكانت أسدود وعسقلان من أهمّ المراكز الحضاريّة التي ظهرت في فلسطين خلال نهايات الألف الثاني وبدايات الألف الأوّل قبل الميلاد، بالإضافة إلى تلّ القاضي، وتلّ القدح، وتلّ بيسان، الذي عثرت فيه على أثار لتوابيت مشابهة لتلك التي عرفتها الحضارة الفرعونيّة، وذلك تأثّراً بمرحلة حكم الهكسوس، الذين كانوا يعيّنون ولاة الدويلات الكنعانيّة بشكل مباشر، خلال الألف الثاني قبل الميلاد.

ومن أهمّ ممالك "المدن" التي ظهرت على أرض فلسطين تلّ المتسلّم، الذين يدعوه التوراتيّون بـ "مجدّوا" في محاولة لتزوير التاريخ وطمس الحقائق، وتلّ البلاطة، بالإضافة إلى سبسطية.

وشدّد إبراهيم على أنّ كافّة الدمى الطينيّة والأواني الفخّاريّة المكتشفة خلال حملات التنقيب المستمرّة، والتي تعود للعصرين البرونزي والحديدي لا تحمل أيّة إشارة لما يدعوه التوراتيّون بالفترة "الاسرائيلية المبكّرة".

وأشار في ذات السياق إلى مواقع حضاريّة أساسيّة أخرى هي: تلّ الدوير، الذي عثر فيه على آثار توثّق معركة مع الآشوريّين، وتلّ الجزر، الذي ضمّ آثاراً تنسب لشعب "فلستيا"، وتلّ بيت مرسيم، الذي عثر فيه على سور يعود للقرن العاشر قبل الميلاد.

كما لفت إلى الأهميّة التاريخيّة لمنطقة الجيب، قرب مطار قلنديا، وتلّ بئر السبع، منتقداً المحاولات اليائسة لإسقاط التعريف التوراتي على المواقع الأثريّة المكتشفة، وإلى المساعي المحمومة لتدمير كافّة الآثار التي تعود للحقبة العربيّة.

ومن محاولات التزوير التي ذكرها المحاضر ما عمد إليه عالم الآثار ويليام أولبرايت خلال زعمه إن بعض الآثار المكتشفة تعود لما وصفه بالحقبة "الاسرائيليّة"، وذلك رغم اكتشاف تلك الآثار خارج الحدود التي رسمها التوراتيّون، حيث تمكّن ابراهيم من دحض هذه المزاعم خلال دراسة أعدّها بالعاصمة الألمانيّة برلين في العام 1972.

واستعرض إبراهيم تاريخ المملكة العمونيّة التي امتدّت من نهر الزرقاء شمالاً حتّى مدينة مادبا جنوب عمّان، حيث تمّ اكتشاف 24 برجا كانت تحيط بالعاصمة، منها: رجم الملفوف. وذكر أن العصر الحديدي شهد كثافة سكّانيّة عالية في منطقة الأغوار، على ضفّتيّ نهر الأردن.

كما استعرض أهمّ الآثار التي تؤرّخ للمملكة المؤابيّة، والتي اتّخذت من منطقة ذيبان عاصمة لها، وكذلك المملكة الأدوميّة، والتي كانت أكبر الممالك الناشئة آنذاك، حيث كانت منطقة البصيرة عاصمة لها، وامتدّت حتّى منطقة إيلا، وشملت أجزاء من الجزيرة العربيّة.

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد