سوريا - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
تستمر الأحداث في المخيّمات الفلسطينية في سوريا، بالدوران على وتيرة غير مستقرّة، حيث لا تزال الأوضاع الأمنية تتأرجح من مخيّم اليرموك إلى مخيّم درعا، ويتواصل سقوط الضحايا على إمتداد الجغرافيا السورية، في حين يطرح الحراك المتصاعد في ملف التسويات جنوب دمشق، تساؤلات حول مصير آلاف العائلات الفلسطينية المهجّرة في بلدات جنوب دمشق.
مخيّم اليرموك
في مخيّم اليرموك، اندلعت اشتباكات عنيفة، ليل الأحد 24 أيلول، بين فصائل فلسطينية مدعومة بقوّات النظام السوري من جهة، وعناصر تنظيم "داعش" من جهة ثانية، على محور قطّاع الشهداء في المخيّم.
وجاءت تلك المعارك وسط أجواء تحريكيّة، لملف التسويات بين المسلحين في بعض مناطق جنوب دمشق، وقوّات النظام السوري في حين تتحدث بعض المصادر، عن استثناء عناصر "داعش" في الوقت الراهن من مفاوضات التسوية.
وفي خضم تلك الأجواء، أفادت مصادر محليّة من مخيّم اليرموك لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" بأنّ قيادة تنظيم "داعش" أصدرت قراراً ملزماً لجميع عناصر التنظيم، بوجوب حمل السلاح بشكل دائم و البقاء بحالة تأهب مستمر، خاصّة أثناء ذهابهم إلى المساجد، تحت طائلة معاقبة العناصر المخالفين
وأضافت المصادر، أنّ التنظيم قد كثّف خلال اليومين الماضيين من إجراءاته الأمنية، على جميع مداخل ومخارج الحارات والأحياء الداخليّة للمخيّم، وشملت تلك الإجراءات، عمليات تفتيش للمارة وتدقيق بالهويات والهواتف النقّالة، وزيادة عناصر "الحسبة النسائيّة" لتفتيش النساء.
وفي سياق إستمراره في التضييق على العملية التعليمية في مخيّم اليرموك ، قام عناصر تنظيم "داعش" صباح الأربعاء 27 أيلول، بمصادرة دفاتر طلاب المدرسة البديلة عند جاجز العروبة، وذلك بهف التدقيق في محتواها.
وأضاف المراسل، أنّ عناصر التنظيم قاموا بمصادرة دفاتر الطلّاب التي تحمل شعار منظّمة "اليونيسيف"، بالإضافة إلى تصوير الدفاتر الأخرى بواسطة الهواتف النقّالة، مشيراً إلى أنّ إجراء التنظيم يأتي في سياق التضييق على العملية التعليميّة في مخيّم اليرموك، بحجّة أنّها تجري وفق مناهج "كافرة" في المدارس البديلة، حيث يقوم بمصادرة الدفاتر والكتب التي تدرّس مواداً يعتبرها التنظيم لا تتوافق مع "الشريعة".
وعلى ضوء الحديث المجتمعي المتصاعد حول مصير مخيّم اليرموك، وأفق الحل الذي يترقبه الأهالي والجهود المبذولة من قبل الجهات الرسميّة الفلسطينية، أجرت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إتصالاً مع رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، السفير أنور عبد الهادي، الذي قال أنّه "لا يمكننا في الوقت الراهن وضع سقف زمنيّ محدد لإنهاء أزمة مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في العاصمة السوريّة دمشق".
وأضاف السفير عبد الهادي، أنّ منظمة التحرير "تبذل جهوداً في سياق حل أزمة المخيّم وإخراج العناصر المسلّحة منه، وذلك بالتنسيق الكامل مع الحكومة السوريّة" مشيراً إلى عدّة أفكار تصب لصالح تحقيق هذا الهدف، رافضاً بذات الوقت الإدلاء بأي تصريح حول طبيعة تلك الأفكار بدعوى أنّ ذلك قد يضر عمليّة إنضاج الحل في الوقت الراهن.
جنوب دمشق
وفي جنوب دمشق حيث يتفاعل ملف التسوية، محرّكاً بذات الوقت جملة من التساؤلات حول مصير آلاف العائلات الفلسطينية في البلدات الثلاث، ، تناقلت مواقع إعلاميّة تابعة للنظام السوري، عن مصادر من داخل إجتماع لجان المصالحة في بلدات جنوب دمشق الثلاث " يلدا- ببيلا- بيت سحم" الذي جرى يوم الأربعاء 27 أيلول، أنّ ملف التسوية في المنطقة الجنوبيّة تمّ تحويله إلى قاعدة حميميم الروسيّة، لوضع خطط تأمين ممرات للمسلحّين و العائلات "الراغبة" بالتوجّه إلى الشمال السوري.
مصادر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في جنوب دمشق تابعت الأمر، و أفادت ، أنّ تسارعاً في الحراك تشهده المنطقة في إطار ملف التسوية، وتبايناً في وجهات النظر المحليّة والأهليّة قد بدأ بالبروز، بين مؤيّد للمبادرة، ورافضٍ لها بإعتبارها ستفضي إلى تهجير الأهالي عن مناطقهم، وسط تخوّف الأهالي من عمليّات عسكريّة قد تشنّها قوّات النظام للضغط على الفصائل المسلحّة للقبول بالمبادرة.
وضمن أهدافها، في الإضاءة على نجاحات اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً القابعين في ظل الحصار والتهجير في مخيّمات سوريا، أضاءت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في تقرير لها على نجاح طالبين من أبناء مخيّم اليرموك، لم تَحُل ظروف التهجير والحصار وأثقاله المعيشيّة والنفسيّة، دون إتمامهم لتحصيلهم العلمي حتّى التفوّق والتميّز، وتحقيق أحلامهم في اقتحام أبواب الكليّات العليا في الجامعات السوريّة.
محمد دهشان وهاني غنّام، طالبان فلسطينيّان من أبناء مخيّم اليرموك للاجئين، يقيمان في جنوب دمشق منذ سنوات إثر تهجيرهم عن مخيّمهم مع آلالاف من سكّانه، تمكّنا مؤخرّاً من دخول كليّة الطب البشري بعد حصولهما على أعلى درجات، في إمتحانات الثانوية العامّة بفرعها العلمي، على مستوى منطقة جنوب دمشق.
مخيّم درعا
وفي مخيّم درعا جنوبي سوريا، بدأت بعض مظاهر الحياة، تُبعث بشكل تدريجي، بعد إعلانه منطقة منكوبة، جرّاء القصف والعمليّات العسكرية التي شهدها خلال شهر حزيران الفائت، والتي أتت على قرابة 80 % من أبنية المخيّم، فضلاً عن تهجير كامل لسكّانه إلى المناطق المجاورة.
فمنذ أن أبرم اتفاق الهدنة بين قوّات النظام السوري وفصائل المعارضة السوريّة المسلّحة، في شهر تمّوز الفائت، بدأت بعض العائلات بالعودة إلى المخيّم، رغم الخروقات الطفيفة بين الحين والآخر واستهداف المخيّم، برشقات الرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون، والتي كان آخرها ليل الثلاثاء 26 أيلول.
مراسل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في درعا، جال في أزقّة المخيّم، راصداً بعض مظاهر الحياة فيه والتي بدأت تدب في شوارعه وأزقتّه بشكل خجول، إثر عودة نحو 160 عائلة مهجّرة إلى المخيّم، تمكّنت من إعادة تأهيل منازلها التي لم يطالها الدمار بشكل كلّي، كما عمدت الى إصلاح بعض المحال التجاريّة وإعادة العمل فيها، لتلبية إحتياجات العائدين من السكّان.
أمنيّاً، أفاد مراسل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في درعا، بتعرض أحياء مخيّم درعا للاجئين، ليل الجمعة 29 أيلول، لاستهدافٍ بنيران الرشاشات الثقيلة، المتمركزة عند حاجز المحكمة الجديدة التابع للنظام السوري.
وأضاف المراسل، أنّ إستهداف المخيّم، جاء في سياق حملة ناريّة تشنّها قوّات النظام، على عموم أحياء المدينة الخارجة عن سيطرته، وذلك في خرق للهدنة التي أبرمت في تموز الفائت بين النظام من جهة، والمعارضة السوريّة المسلّحة من جهة ثانية.
يذكر أنّ هذا الإستهداف لأحياء المخيّم، هو الثاني من نوعه في غضون أسبوع، بعد استهدافه بقذائف الهاون يوم الأربعاء 27 أيلول الجاري، كما أشار المراسل إلى أنّ الانتهاكات تحول دون عودة المزيد من الأهالي إلى مخيّمهم، بعد عودة نحو 160 عائلة منذ أن دخلت الهدنة حيّز التنفيذ حتى اليوم.
لاجئون معتقلون وضحايا
شنّت قوات النظام السوري حملة مداهمات واعتقالات في مخيّم العائدين للاجئين بمدينة حمص، وطالت حملة الاعتقالات (4) لاجئات فلسطينيات دون معرفة الأسباب.
حسب مجموعة العمل فإنّ الأجهزة الأمنيّة التابعة للنظام السوري استدعت عدد من اللاجئين الفلسطينيين من الرجال والنساء للتحقيق معهم، وأكّدت اعتقال (4) لاجئات من المخيّم، وجرى تحويلهن إلى دمشق دون معرفة التهم الموجّهة لهن أو أسباب الاعتقال.
ومن مخيّم العائين الى كردستان العراق، أفادت مصادر لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّه تم إلقاء القبض على اللاجئ الفلسطيني أحمد البرهومي من أبناء مخيّم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق، أثناء محاولته الوصول إلى تركيا عبر الحود العراقية التركية في اقليم كردستان العراق.
وكانت قيادة ميليشيا "لواء القدس" في سوريا، قد نعت الجمعة 30 أيلول، خمسة لاجئين فلسطينيين قضوا أثناء توجههم لمهمة قتاليّة إلى جانب جيش النظام السوري شرقي البلاد.
وبذلك يصل عدد الضحايا الفلسطينيين الذين سقطوا أثناء قتالهم إلى جانب قوّات النظام وقوات المعارضة على حدّ سواء، الى قرابة 623وفق إحصائيّة أنجزتها "مجموعة العمل لأجل فلسطينيي سوريا".