القاهرة-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
اختُتم الحوار الوطني في العاصمة المصرية القاهرة، الذي جمع الفصائل الفلسطينية بعد يومين من الجلسات، برعاية الجانب المصري، مساء الأربعاء 22 تشرين الثاني، وأصدر المجتمعون بيان ختامي تناول سبعة محاور لإنهاء الانقسام، داعياً لانتخابات فلسطينية عامة قبل نهاية عام 2018، وأكّد مرجعية اتفاق 2011 للملف الأمني في قطاع غزة.
فيما لم يتناول البيان أي حلول واضحة أو تطبيق أي بنود من شأنها التخفيف على سكان غزة معاناتهم، كما لم يتناول مسألة العقوبات التي فرضتها السلطة على غزة منذ أشهر وتستمر فيها حتى اللحظة، علماً بأنّ الفصائل قد شدّدت قبل خروجها للحوار على تمسكها وتوافقها في المطالبة برفع العقوبات.
وبالنظر إلى ما ورد في البيان الختامي، فإنّ البنود كانت عامية، حيث نصّ على "أهمية العمل الجاد من أجل تذليل عقبات أو عراقيل تعترض جهود الحكومة للقيام فوراً بواجباتها ومسؤولياتها تجاه شعبنا في قطاع غزة."
وشدّد كذلك على ضرورة إنهاء معاناة قطاع غزة في مختلف المجالات المعيشية والصحية والتعليمية بما فيها مشاكل الكهرباء والمياه وإعادة الإعمار، وبذل الجهود لتذليل العقبات على المعابر الفلسطينية بما يؤمّن حرية الحركة والتنقل.
وأكد البيان "أهمية الوحدة الوطنية بما يعزز نضال شعبنا في وطن والمنفى من أجل تحرير أرضه ومقدساته وإنجاز حقه في الحرية والعودة والاستقلال وفي سبيل حقه في تقرير مصيره."
حول منظمة التحرير الفلسطينية، أكد المجتمعون في بيانهم ضرورة الإسراع بخطوات تطوير وتفعيل منظمة التحرير وفقاً لإعلان القاهرة عام 2005، ودعوة لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية للاجتماع لتحقيق ذلك، دون تحديد مواعيد محددة لذلك.
وعن الحكومة، أكد البيان ضرورة ممارسة الحكومة صلاحياتها في قطاع غزة والقيام بمسئولياتها، وتنفيذ اتفاق 12/10/2017 بين حركتي "فتح" و"حماس" بهذا الخصوص، ومناقشة تعزيز وضعها، دون تحديد آليات واضحة لمعالجة الملفات الإشكالية.
أما ملف الحريات، ذكر البيان أن تُدعى لجنة الحريات التي شُكّلت وفق اتفاق المصالحة 2011 لاستئناف أعمالها فوراً في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتأكيد على ضمان الحريات والحقوق وفقاً للقانون.
وبشأن المصالحة المجتمعية، دعا البيان لجنة المصالحة المجتمعية لاستئناف عملها والعمل على تقديم التسهيلات والمتطلبات المادية والمعنوية والقانونية لإنجاز مهامها.
وينص البيان على دعوة لجنة الانتخابات المركزية والجهات المعنية لإنجاز أعمالها التحضيرية كافة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني المتزامنة في موعد أقصاه نهاية 2018، وتخويل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لتحديد موعد الانتخابات بعد التشاور مع القوى والفعاليات الوطنية والسياسية كافة.
كما أكد البيان على سيادة القانون وحفظ الأمن والاستقرار بما يصون أمن الوطن والمواطن وفقاً لاتفاق المصالحة عام 2011، والمباشرة فوراً بتنفيذ ذلك وفق ما اتفق عليه في 12/10/2017.
ودعا المجتمعون الكتل والقوائم البرلمانية في المجلس التشريعي لتنفيذ ما اتفق عليه بشأن تفعيل المجلس التشريعي واستئناف أعماله الاعتيادية.
كما أدان المجتمعون قرار الإدارة الأمريكية الأخير بعدم تجديد عمل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن بهدف ممارسة الضغوط على القيادة الفلسطينية للرضوخ للمطالب الأمريكية خاصة تجاه ما يسرب من محاولات فرض حل إقليمي يستجيب لمخططات الاحتلال الهادفة إلى تصفية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بمنع قيام دولته المستقلة ذات السيادة.
ورفض المجتمعون الحلول الانتقالية وما يسمى "بالدولة ذات الحدود المؤقتة"، ورفض الاعتراف بما يسمى بـ"يهودية دولة إسرائيل"، وغير ذلك من المشاريع التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني.
كما شددوا على دعم خطوات الانضمام إلى المؤسسات والمواثيق الدولية لمتابعة جرائم الاحتلال في المحكمة الجنائية الدولية وقراراها الاستمرار برعاية أسر الشهداء والأسرى، مُناشدين الأقطار العربية والإسلامية والصديقة ومؤسساتها مساندة نضال الشعب والالتزام بتعهداتها المالية وفقًا لقرارات مؤتمر إعادة الإعمار الذي عقد في القاهرة في عام 2014 وبالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية.
ودعا المجتمعون كذلك القوى والفصائل والمؤسسات الإعلامية كافة إلى التوقف الفوري عن تبادل الاتهامات والتراشق الإعلامي، وبث روح الأمل والتفاؤل بالوحدة الوطنية وتعزيزها.
كما أكّدوا على ضرورة تعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني في مخيّمات اللجوء والشتات خارج الوطن المحتل، وتوفير متطلبات العيش الحر والكريم ومعالجة مشكلاتهم، ودعوة المجتمع الدولي ومنظمة "الأونروا" لتحمّل مسئوليتهم لوقف معاناتهم لحين عودتهم إلى أرضهم وديارهم.
وشدد المتحاورون على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية على الأراضي المحتلة منذ 1967م وعاصمتها القدس، وضمان حق عودة اللاجئين لأراضيهم وديارهم التي هجروا منها.
يُذكر أنّ وفود الفصائل وصلت الاثنين، إلى القاهرة؛ لبدء جلسات الحوار برعاية المخابرات المصرية، وذلك وفق الاتفاق الموقّع في الثاني عشر من تشرين أول الماضي، على أن يليه لقاء بين حركتي "فتح" و"حماس" بداية كانون أول.
وكان قد علّق عضو المكتب السياسي في حركة "حماس"، القيادي صلاح البردويل أنّه "لم يُسمح بمناقشة معبر رفح، وكان من الواضح أنّ هناك تنكراً لما تم التوافق عليه وهروب، ووصلنا لنتيجة باهتة لا تُلبّي طموحات شعبنا"، وعاد بعد ساعات ليقول "التصريحات التي أدليت بها سابقاً حول بيان القاهرة كان حديثاً انفعالياً عاطفياً أعتذر عنه."
وقالت حركة "الجهاد الإسلامي" في تعقيب لها "نعلن تحفظنا على البند المتعلق بدولة على حدود عام 67 في البيان الختامي لاجتماع الفصائل بالقاهرة، ونؤكد على حقنا الكامل في كل شبر من أرض فلسطين من البحر إلى النهر."
ومن الجدير بالذكر أنّه بعد إعلان القاهرة في تشرين أول الماضي، شهدت الأجواء تحركات وتجاوب من جانب حركة "حماس" فيما لم تفعل السلطة، التي استمرت بفرض العقوبات وعرقلة الملف الأمني واستمرار الاعتقالات والملاحقة السياسية بالضفة المحتلة، وفي اختبارها الأول بشأن أحد الملفات الكبرى، معبر رفح، لم يفتح المعبر في الموعد المُقرر له.
وحين فتح المعبر استثنائياً بإعلان من الجانب المصري، لمدة ثلاثة أيام شهدت سوء إدارة وخلافات على الكشوفات المطروحة، ما اضطر الطلبة الذين ينتظرون السفر، إلى الاعتصام أمام بوابة المعبر خلال الأيام الثلاثة، وتم الإعلان عن اليوم الخميس 23 تشرين الثاني عن التوجه لمعبر رفح من عدة مناطق في القطاع للاعتصام من أجل فتحه وإنهاء معاناة سكان القطاع، في الوقت الذي لم تُنفذ الوعود التي تم الحديث عنها بشأن المعبر.