نيويورك - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
حمّلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المسؤولين الكبار لدى الكيان الصهيوني، المسؤولية عن استشهاد المُتظاهرين في قطاع غزة، وإصابة المئات في يوم 30 آذار الماضي، حيث طالبوا بشكل غير قانوني باستخدام الذخيرة الحيّة ضد مسيرات العودة.
وأشار تقرير صدر عن المنظمة، أنّه قبل المواجهات وبعدها، قال مسؤولون كبار بشكل علني أنّ الجنود المُتمركزين على طول السياج الامني العازل الذي يفصل القطاع عن الأراضي المحتلة، لديهم أوامر باستهداف ما أسموهم بـ "المُحرضين"، وأولئك الذين يقتربون من الحدود.
ويُتابع التقرير "ومع ذلك، لم تُقدّم الحكومة الإسرائيلية أي دليل على أنّ إلقاء الحجارة وغيره من أعمال العنف من قِبل بعض المتظاهرين، هدّد بشكل خطير الجنود الإسرائيليين وراء السياج الحدودي."
واعتبرت المنظمة أنّ العدد الكبير من الضحايا والإصابات نتيجة متوقعة للسماح للجنود باستخدام القوة القاتلة في حالات لا تُهدد الحياة، بما ينتهك المعايير الدولية، كما أتى نتيجة ثقافة الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة، القائمة منذ أمد طويل داخل جيش الاحتلال.
من جانبه، قال إريك غولدستين نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، أنّه "لم يكن الجنود الإسرائيليون يستخدمون القوة المفرطة فحسب، بل كانوا ينفذون على ما يبدو أوامر تكفل جميعها رداً عسكرياً دموياً على المظاهرات الفلسطينية."
وقالت المنظمة أنّ أعمال القتل تُسلط الضوء على أهمية قيام المُدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، بفتح تحقيق رسمي في الجرائم الدولية الجسيمة في فلسطين.
ونوّه التقرير كذلك إلى الإجراءات الأمنيّة المُشددة التي يفرضها الاحتلال ومصر على الحدود حول قطاع غزة، التي يبلغ طولها (40) كم، وعرضه (11) كم، وأنه منذ أن أنهى الاحتلال وجوده البري الدائم ومستوطناته من قطاع غزة عام 2005، حافظ الاحتلال على "منطقة محظورة" على الحدود، تحد من الوصول إلى حوالي (17) بالمائة من مساحة قطاع غزة، بما فيها ثلث أراضيه الزراعية.
وتابع التقرير في ذات السياق، أنّه يعيش في القطاع نحو (2) مليون فلسطيني، بينهم (1.3) مليون لاجئ، لا تستطيع الغالبية العظمى المُغادرة، بما في ذلك إلى الضفة الغربية، بسبب قيود الاحتلال والقيود المصرية الواسعة على الحركة، كما أنّ سياسة الإغلاق "الإسرائيلية" تُقيّد بشدة تدفق البضائع من غزة وإليها.
وحسب التقرير، فإنّ اللقطات التي عُرضت من التظاهرات التي نشرها جيش الاحتلال، لا تتضمّن أي دليل على وجود الأسلحة النارية، حيث نشر الجيش تسجيل مُصوّر يزعم إظهار رجلين يُطلقان النار على قوات الاحتلال في 30 آذار، لكنه أشار إلى أنّ هذا حدث في شمال قطاع غزة، وليس على الحدود الشرقية حيث جرت تظاهرات يوم الأرض، ولا يُمكن رؤية أي متظاهرين في التسجيل، وعلى حد على "هيومن رايتس ووتش"، لم يُبلغ جيش الاحتلال عن أي إصابات بين الجنود.
من جانبٍ آخر، راجعت "هيومن رايتس ووتش" اللقطات التي تعتقد أنها حقيقية، استناداً إلى مقابلة مع مصوّر افيديو الذي يُظهر مُتظاهراً أطلقت النار على ساقه وهو يُصلي، وفيديو آخر يُظهر رجلاً أطلق عليه النار أثناء إلقائه حجر، فيما يبدو أنّ مقاطع الفيديو الأخرى التي تم استعراضها، تُظهر مُتظاهرين يتعرضون لإطلاق النار، بينما يسيرون ببطء نحو الحدود بأيدٍ فارغة أو يحملون العلم الفلسطيني فقط، أو يتراجعون عن الحدود.
وأشارت مقابلات المنظمة الدولية مع (6) شهود، من بينهم (3) صحفيين، إلى أنّ الجنود أطلقوا النار على رجال كانوا في المنطقة الواقعة بين الخيام والسياج، لكنهم لم يُشكلوا أي تهديد جسيم لأحد وراء السياج.
وتقول المنظمة أنه بموجب المبادئ الأساسية للأمم المتحدة، "في حالات الوفاة والإصابات الخطيرة أو غيرها من العواقب الخطيرة، يجب إرسال تقرير مفصل على الفور إلى السلطات المختصة المسؤولة عن المراجعة الإدارية والرقابة القضائية"، ولم تقم سلطات الاحتلال منذ عقود بالتحقيق بشكل موثوق به في عمليات القتل غير القانونية المحتملة من قبل قوات الأمن ومحاسبة المنتهكين.
وقال مصدر في جيش الاحتلال لصحيفة "هآرتس" التابعة للاحتلال في 2 نيسان: "سنواصل العمل ضد المتظاهرين في غزة كما تصرفنا يوم الجمعة الماضي"، وحسب المنظمة الدولية، فإنه مع التخطيط لمزيد من المظاهرات في الأسابيع المقبلة، على حكومة الاحتلال أن تدرك أنه حتى في غياب الرقابة الداخلية الجادة، قد يخضع المسؤولون الذين يأمرون باستخدام القوة القاتلة غير المشروعة للملاحقة القضائية في الخارج، ضمن الاختصاص العالمي أو في المحافل القضائية الدولية.
ويقول غولدستين "الثناء على تعامل الجيش مع أحداث 30 مارس/آذار، والقول إنه لن يكون هناك أي تحقيق في قتل 14 متظاهراً وراء السياج من قبل الجنود الإسرائيليين، يوضح الكثير عن مدى استرخاص السلطات الإسرائيلية أرواح الفلسطينيين في غزة."